المواطن تحت وطأة شرعنة الاستغلال بتفاوت أسعار الأدوية وارتفاعها، فمن المسؤول؟!
18/12/2025




سيرياستيبس


ما زالت أسعار الأدوية تشكل عبئاً على المواطنين في ظل ارتفاعها وتفاوتها بين الصيدليات، فكل صيدلية تُسعر وفقاً لما تراه مجدياً اقتصادياً لها على ما يبدو، لتصبح المهنة أقرب إلى الاستغلال، والرد الرسمي يأخذ الطابع التبريري في كل مرة.

فارق السعر قد يصل أحياناً إلى 10 آلاف ل.س على بعض الأصناف، وربما أكثر بكثير على أصناف أخرى (مستوردة أو مهربة)، ليتحمل المواطنون عبء تفاوت أسعار الأدوية بين الصيدليات، ما يجعلهم أمام مأساة حقيقية، وخاصة من يعاني من أمراض مزمنة واحتياجه الدائم لها، فأمام توفرها وانقطاعها يصبح هؤلاء عرضة للاستغلال وخاصة مع غياب الرقابة الفعّالة، حيث يدفع المريض وحده ثمن جشع بعض الحيتان المتعطشة لمضاعفة أرباحها على حساب مرضه ومعاناته وحاجته!
فمثلاً، أحد مرضى السرطان عانى أثناء رحلة بحثه لتأمين جرعته بسعر مناسب، فقد تراوح سعرها بين 100-200 دولار، بحسب قوله، فوقع في دوامة الشك حول جودتها وصلاحيتها أمام الفروقات الكبيرة بين الصيدليات، قائلاً: «الظاهر الجهات المعنية أخر همها صحتنا، هاد دوا ما بيتحمل تلاعب ضعاف النفوس... والدولة عم تتفرج!»
مقابل ذلك أرجع مدير الرقابة والبحوث في وزارة الصحة، الدكتور «هاني بغدادي»، ارتفاع أسعار الأدوية بشكل يفوق قدرة المواطن، إلى عدة أسباب:
ارتفاع تكلفة المواد الأولية المستوردة بالدولار.
تكاليف الطاقة والتشغيل وارتفاع أسعارها، مع تكاليف النقل والشحن.
الحاجة المستمرة لتعديل أسعار بعض الأصناف لضمان استمرارية توفرها ومنع توقف خطوط الإنتاج.
عدم وجود ضوابط واضحة، حيث تعمل الوزارة ضمن لجان تسعير خاصة على ضبط الأسعار قدر الإمكان ومنع أي زيادات غير مبررة.
الحديث الرسمي أعلاه يعترف بالمشكلة وبالتقصير، وكالمعتاد كان تبريرياً بذريعة «الدولار»، ويبدو أن المساعي جادة لإرضاء مصالح أصحاب الأرباح على حساب معاناة المواطن ومن جيبه المفقر!
فهل تسوغ هذه المبررات الارتفاع المستمر واللامحدود لأسعار الأدوية؟!
كذلك بعض الصيادلة لا يختلفون في توضيحاتهم كثيراً عن الردود الرسمية، في محاولة للخروج من دائرة الاتهام وإلقاء اللوم على الموّردين وتعدد المصادر، وبالتالي تفاوت الأسعار بين «المهرّب» و«المرخص»، وبأن الوزارة ما زالت تعمل على الضبط!
ويدور الحديث عن استحالة التلاعب بأسعار الأدوية الوطنية المسجلة، لكن ما يجري مرتبط بسياسة البيع من قبل بعض المعامل، فالغالبية تتعامل بالدولار وبالتالي اختلاف سعر الدواء حسب سعر الصرف، وهناك كميات كبيرة من عُلب التغليف المطبوع عليها السعر القديم، ومع زيادة تكلفة التصنيع وتعديل الأسعار من قبل المعمل يعمد الصيدلاني إلى شطب السعر بالقلم على العُلب القديمة.
ناهيك عن الأدوية التركية، الأرخص سعراً والتي غزت الصيدليات منافسة المنتج المحلي، والتي يلجأ إليها المواطن لتأمين تكاليف علاجه أمام الدواء الوطني الأغلى سعراً، ولكن الأكثر فعالية نوعاً ما، لكن ماذا عن دخولها بطرق غير رسمية وعبر المعابر والمنافذ الذي يُفترض أنها تخضع لرقابة صارمة؟!
تعاضد مربع الأبعاد مدهش (وزاري، معامل وصيادلة ومهربين)، يُظهر مراعاة كل جهة لمصالح الأخرى (قلوبهم ع بعض)، بينما لم تحرك آلام المريض ضمائرهم المستترة، بل تشرعن الاستغلال أكثر!
بالمحصلة، ما يحدث إهمال رسمي فاضح يضع المواطن وأمنه الصحي على هامش الأولويات، وواقع الحال يؤكد أن كل جهة تغنّي على ليلاها، والأسعار تسرح وتمرح كما يحلو لكل منها!
والمطلوب خطة متكاملة:
لرفع مستوى الرقابة وتفعيلها على أرض الواقع كي يلمس المواطن نتائج فعلية وإيجابية تصب بمصلحته.
تعزيز الإنتاج المحلي وحمايته من المنافسة الأجنبية.
تحسين آليات الاستيراد والتوزيع لضمان توفير الدواء لكل مواطن وبأسعار منطقية، لا بقائه رهينة صراعه مع المرض ومع الاستغلال المستمر المبرر والمشرعن.

قاسيون



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=128&id=203980

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc