أسعار النحاس تقترب من 12 ألف دولار للطن... ما دور الذكاء الاصطناعي؟
21/12/2025
سيرياستيبس
اقترب سعر النحاس من 12 ألف دولار للطن محققاً مستوى قياسياً جديداً، مدعوماً بارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية والتوسع في استخدامات الذكاء الاصطناعي، ما ساهم في تعزيز ثقة المستثمرين في ظل شحّ المعروض في العديد من أسواق المعادن. ووفقاً لوكالة بلومبيرغ، فقد اقترب سعر المعدن من مستوى قياسي جديد في نهاية تعاملات الأسبوع أمس الجمعة، إذ ارتفعت أسعار النحاس إلى نحو 11928 دولاراً للطن، مقترباً من حاجز 12 ألف دولار.
وارتفعت الأسعار بأكثر من 9% خلال شهر وبنحو 34% خلال عام، مدعوماً بتوقفات المناجم، والزيادة الكبيرة في الواردات الأميركية، والتوقعات الإيجابية لاستخدامات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي. ويُعد النحاس ثالث أكثر المعادن استخداماً في العالم. وتستحوذ تشيلي على أكثر من ثلث إنتاجه العالمي، تليها الكونغو الديمقراطية، وبيرو، والصين، والولايات المتحدة، وأستراليا، وإندونيسيا، وزامبيا، وكندا، وبولندا. أما أكبر مستورديه فهم الصين، واليابان، والهند، وكوريا الجنوبية، وألمانيا.
وينظر إلى النحاس باعتباره مكوناً رئيسياً للعديد من التقنيات مثل المركبات التي لا تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، ومراكز البيانات، والبنية التحتية لطاقة الرياح. وقالت شركتا "فيسكاريا" السويدية و"أوروبيس" الألمانية لإنتاج النحاس إنّ هناك حاجة لإقامة المزيد من المناجم في أوروبا لزيادة الاستقلالية في المواد الخام الرئيسية مثل النحاس. وقال يورغن أولسون الرئيس التنفيذي لشركة فيسكاريا، إن أوروبا تستورد نحو نصف احتياجاتها من المعدن من دول خارج أوروبا، برغم احتياطياتها الوفيرة من الخام. وأضاف أولسن وفقاً لوكالة أسوشييتد برس، أن تكاليف مشروعات التعدين في أوروبا باهظة للغاية حالياً، كما أن هناك مخاوف عديدة، خاصة في ما يتعلق بحماية البيئة، ولا بدّ من تغيير هذا لإتاحة إنتاج المزيد من النحاس في أوروبا.
توقعات بمزيد من الارتفاع في أسعار النحاس
في السياق، أكد بنك قطر الوطني "QNB" دخول النحاس في الفترة الحالية مرحلة تحول هيكلي واضحة المعالم في أسواق السلع العالمية. وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أنه رغم التقلبات الدورية والضغوط المرتبطة بالاقتصاد الكلي، فإنّ المعدن لا يزال يتمتع بتقييم جذاب عند احتساب قيمته الحقيقية، مستفيداً من زخم طويل الأجل يقوده التحول العالمي في مجال الطاقة والتوسع المتسارع في البنية التحتية الرقمية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي.
وأشار التقرير وفقاً لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إلى عوامل ثلاثة تدفع أسعار المعدن إلى الارتفاع على المديَين المتوسع والطويل؛ الأول شح المعروض مقابل ارتفاع الطلب، إذ إنّ نمو المعروض لا يزال مقيداً بفعل ضعف الإنفاق الرأسمالي والتعقيدات التنظيمية. وتوقع التقرير أن المعروض سيحتاج سنوات للحاق بالطلب المتنامي، وهو ما يعزز احتمال استمرار الأسعار عند مستويات مرتفعة للحفاظ على توازن السوق. وفي ما يتعلق بالعامل الثاني، أشار البنك إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل مصدراً جديداً وقوياً للطلب على النحاس. وهو ما يجعل هذا القطاع أحد أسرع مصادر الطلب على المعدن نمواً خلال السنوات المقبلة، وربما منافساً لقطاع السيارات الكهربائية.
أما العامل الثالث، فيرتبط بالتحول العالمي في مجال الطاقة، الذي يشكل دعامة طويلة الأجل لاستهلاك النحاس إذ يعد الانتقال إلى الكهرباء جوهر استراتيجيات إزالة الكربون، والنحاس هو العمود الفقري لهذا التحول، كما أنّ تحديث شبكات الكهرباء، وتوسيع قدراتها، وبناء أنظمة التخزين والشحن، كلها تعتمد على مدخلات نحاسية كثيفة. ورأى التقرير أن النمو السريع في الطلب على السيارات الكهربائية يعزز استهلاك المعدن، إذ تحتاج هذه المركبات إلى كميات تفوق ما تستخدمه السيارات التقليدية بعدة أضعاف، إلى جانب البنية التحتية المصاحبة لها.
ولاحظ التقرير أنه رغم الارتفاع الملحوظ في الأسعار خلال الفترة الأخيرة، لا يزال النحاس بعيداً عن المبالغة في التقييم من منظور تاريخي حقيقي، فعند احتساب التضخم، يتضح أن أداء النحاس أقل من العديد من المعادن الأخرى، ما يشير إلى وجود مجال لمزيد من الارتفاع دون الإضرار بالطلب.
العربي الجديد
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=128&id=204007