أقبية سرية لأثرياء العالم في قلب لندن
24/12/2025
سيرياستيبس
تحت أحد أفخم شوارع لندن، تُخزَّن أعمال فنية لا تُقدَّر بثمن، ومقتنيات عائلية نادرة، وسبائك ذهب، وحتى محافظ "بيتكوين" رقمية، فأسفل شارع بارك لين، الذي يجاور فندق "دورشستر" ومعارض "أستون مارتن" و"بي أم دبليو"، تقع خزائن "آي بي في إنترناشونال فولتس" (IBV)، حيث يودع الأثرياء ممتلكاتهم في واحدة من أكثر منشآت التخزين أماناً في العالم.
داخل الخزائن الفيكتورية المدرجة من الدرجة الثانية، تمتزج الجدران الخشبية والأعمدة المزخرفة بمدفأة حجرية تُزيَّن بأكاليل وجوارب عيد الميلاد، فيما تندمج كاميرات المراقبة بسلاسة في زخارف الأسقف.
وتُراقَب اللقطات مباشرة عبر أربع غرف تحكم أمنية: واحدة داخل المبنى، وأخريان في مواقع مختلفة داخل بريطانيا، ورابعة في جنوب أفريقيا.
الأمن هو العنوان الأبرز في هذه الخزائن، إذ يحتفظ أفراد من عائلات ملكية دولية، ورواد أعمال، وحتى بعض الروس الذين ساءت علاقتهم بالكرملين، بمقتنياتهم الثمينة.
ويذكّر المكان ببنك "غرينغوتس" الشهير في سلسلة "هاري بوتر"، إذ لا يمكن لأي شخص تجاوز الاستقبال من دون مسح قزحية العين وبصمات الأصابع وتقديم مفتاحه الخاص.
الثروات المخزنة أسفل شارع بارك لين
للوصول إلى الخزنة، تقول صحيفة "التايمز"، التي تحدثت عن الثروات المخزنة أسفل شارع بارك لين، بأنه يجب أن يرافق العميل موظفان من طاقم المنشأة، يحمل كل منهما مفتاحاً مختلفاً. وحتى الوصول يمكن أن يحدث عبر خدمة سائق "رولز رويس" المجانية، إذ يقول المدير التنفيذي للشركة، شون هوي للصحيفة "حتى لو جاء أحدهم إلى منزلي مهدداً بالسلاح وطلب مني فتح الخزنة، لا أستطيع فعل ذلك بمفردي".
ولا تُفتح الخزائن إلا لساعات محدودة خلال النهار، إذ لا يمكن الدخول ليلاً حتى مع امتلاك الرموز والمفاتيح الصحيحة، ويمر العملاء عبر بابي خزنة منفصلين، أحدهما يزن 3.5 طن، ويعود إلى أيام استخدام المبنى كخزنة لبنك "باركليز". وبعده نقطة تفتيش ثانية يقف عندها موظف خلف زجاج مضاد للرصاص قادر على تحمل طلقات من بندقية "كلاشينكوف"، وتتطلب إبراز هوية وإجراء فحص بيومتري إضافي قبل فتح أبواب غرف صناديق الأمانات.
تختلف أسعار صناديق الإيداع بحسب الحجم، فالصناديق الصغيرة، المخصصة لساعات فاخرة أو وحدات تخزين رقمية لمحافظ "بيتكوين" أو حتى بطاقات "بوكيمون" القابلة للجمع، تبدأ من ألف جنيه استرليني (1.3 ألف دولار) سنوياً. أما الصناديق الأكبر، التي قد تحتوي على أعمال فنية أو حقائب "بيركين"، فتصل كلفتها إلى 13 ألف جنيه استرليني (17.4 ألف دولار) سنوياً، وعلى رغم مظهرها الخارجي الفولاذي، فإن تصميمها الداخلي فاخر، بجلد أسود ومخمل أحمر.
وتقول المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي إيزوبيل لورنا، التي تخزن حقائبها الفاخرة في خزائن "آي بي في إنترناشونال فولتس" (IBV)، من المحزن أن تعيش في مدينة لا تشعر فيها بالأمان للاحتفاظ بعدد من الحقائب في المنزل، لكن هذا واقع اضطررت لتقبله. وأضافت "بعد تعرض ثالث صديق للسرقة في فبراير (شباط) الماضي، لم أعد أحتمل القلق على رغم كل إجراءات الحماية والتأمين. هذه أول مرة منذ أعوام أشعر براحة حقيقية في شأن مكان مقتنياتي".
وتشمل الرسوم التأمين والحماية حتى 100 ألف جنيه استرليني (134.1 ألف دولار) للصناديق الصغيرة، ومليون جنيه استرليني (13 مليون دولار) للصناديق الأكبر، مع إمكانية رفع سقف التغطية مقابل كلفة إضافية.
صُنعت الخزائن بواسطة شركة "روبر" السويدية، وتدعم جدرانها بطبقة فولاذية بسماكة قدم كاملة، أضيفت بعد عملية السرقة الشهيرة لخزائن "هاتون غاردن" في 2015، كذلك تحتوي الغرف على كواشف للفيضانات، ونظام يسحب الأوكسجين بالكامل في حال اندلاع حريق.
وتضم غرف الخزائن مساحة مركزية خاصة بلا كاميرات، لكنها مجهزة بأدوات مكتبية فاخرة، تتيح للعملاء وضع مقتنياتهم في صناديقهم بسرية تامة.
ويؤكد هوي "جوهر صندوق الأمانات هو الخصوصية. لا نسأل العملاء عما يخزنونه، لكن شروطنا تمنع أي شيء غير قانوني".
الصدمات السياسية تؤثر في الطلب
تمتلك "آي بي في إنترناشونال فولتس" (IBV)، حالياً 500 صندوق أمانات، وتعتزم إضافة 500 أخرى العام المقبل لتلبية الطلب المتزايد، ويشكل العملاء المحليون 70 في المئة، مقابل 30 في المئة دوليين، حتى أولئك الذين غادروا بريطانيا لأسباب ضريبية يفضلون الاحتفاظ بخزائنهم في لندن.
ويشير هوي إلى أن ارتفاع معدلات الجريمة دفع كثيرين إلى عدم ترك الساعات والمجوهرات والذهب في المنازل، ومع ذلك، تفيد شرطة العاصمة بأن السرقات السكنية تراجعت بنسبة 5.5 في المئة بين أبريل (نيسان) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين مقارنة بالفترة نفسها من 2024، فيما انخفضت السرقات بالعنف 19 في المئة.
وتؤثر الصدمات السياسية أيضاً في الطلب على أماكن التخزين الآمن. فبحسب المسؤولة عن قسم الذهب في" آي بي في إنترناشونال فولتس" يوفانا سينغ، أدى وصول دونالد ترمب إلى السلطة إلى زيادة الاستفسارات من أميركيين يرغبون في تخزين الذهب في لندن "لتوزيع الأخطار".
وارتفعت أسعار الذهب بنحو 53 في المئة حتى ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ما عزز الإقبال على تخزينه، إذ تتيح الشركة شراء الذهب من دار سك العملة الملكية وتخزينه أو بيعه داخل منشآتها.
اندبندنت عربية
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=145&id=204045