ترميم البيوت المدمرة.. أحلام تتهدّم بارتفاع أسعار مواد البناء
28/12/2025



بيوت مدمرة تنتظر الترميم – جريدة النور

سيرياستيبس

تشهد أسعار مواد البناء ارتفاعاً متواصلاً رغم توسع عدد الورش والمعامل الصغيرة، وسط تفسيرات متباينة تتحدث عن شكوك حول وجود حلقات احتكار في التوريد، وأخرى تتحدث عن اختلال ميزان العرض والطلب.

وتشتد وطأة هذا الارتفاع في وقت تحتاج فيه مناطق كثيرة إلى عمليات ترميم واسعة، بعد أن بدأت تشهد عودة تدريجية للسكان بعد التحرير، حيث يؤكد أبناء تلك المناطق أن تكلفة إعادة تأهيل المنازل تفوق قدراتهم بكثير، ما يبطئ وتيرة الترميم ويجعل تحسين السكن حلماً مؤجلاً لكثير من العائدين.

وتُظهر النشرات والأسواق المختصة بمواد البناء أن الأسعار تسجل مستويات مرتفعة قياساً بمتوسط الدخل، مع فارق بين المحافظات تبعاً لتكاليف النقل وهوامش الربح.

وبالاستناد إلى أحدث البيانات المتداولة في السوق المحلية للأسعار الوسطية القابلة للتبدل اليومي تبعاً لسعر الصرف، فقد وصل سعر الطن من الحديد إلى 6.6 ملايين ليرة، والإسمنت (محلي أو مستورد/تركي – للطن): بين مليون ومئتي ألف ومليون وأربعمئة ألف ليرة، تبعاً للمنشأ وجودة المنتج وتكاليف النقل.

وبلغ سعر الرمل (بالمتر المكعب) نحاتة محلية حوالي 130 ألف ليرة، رمل فراتي أو خشن نحو 200 ألف ليرة، والبحص والرمل (مخلوط) حوالي 125 ألف ليرة، والبلوك الإسمنتي (سعر الوحدة): بين 4 آلاف و6,500 ليرة.
عبء الترميم

يقول عدد من المواطنين الذين التقتهم صحيفة “الثورة السورية”، ممن اضطروا إلى ترميم منازلهم خلال الأشهر الماضية: إنهم فوجئوا بارتفاع غير مسبوق في أسعار مواد البناء الأساسية، ما جعل تكلفة أي مشروع ترميمي تفوق بكثير من التقديرات الأولية.

وأكد محمود.خ، موظف في القطاع العام، أنه اضطر لتقليص أعمال الترميم إلى النصف رغم سوء حالة منزله، فالتكلفة الإجمالية كانت ستتجاوز أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل عامين، مضيفاً أن الأسعار تتبدل يومياً حتى في المحلات نفسها.

أما ليلى.س من سكان برزة، أوضحت أنها أوقفت مشروع إعادة تأهيل منزلها بعد أن تجاوزت تكلفة الحديد والإسمنت قدراتها المادية، لافتة إلى أن التجار لا يلتزمون بلائحة أسعار، وكل واحد يسعّر على هواه بحجة الدولار.
فاتورة التجار

رفض أصحاب محلات بيع مواد البناء في دمشق، خلال حديثهم لصحيفة “الثورة السورية” تحميلهم وحدهم مسؤولية ارتفاع الأسعار، مؤكدين أن هوامش ربحهم الفعلية أضيق بكثير مما يتصوره المستهلك، في ظل تقلّب سعر الصرف خلال اليوم الواحد وتذبذب أسعار الجملة مع كل شحنة جديدة.

ويوضح أحد تجار الجملة أن فاتورة الشراء تصلهم محمّلة بارتفاع تكلفة الشحن، وأجور العمال، ورسوم المعابر والبلديات، إلى جانب تكلفة التمويل بالدولار أو بالليرة المرتبطة بسعر الصرف الموازي، ما يجعلهم مضطرين لإعادة تسعير بضاعتهم بشكل شبه يومي لحماية رأس المال.

وتحدث أحد تجار المفرق للصحيفة عن تراجع المبيعات مقارنة بحجم البضاعة المعروضة، إذ يلجأ المواطن إلى تأجيل الترميم أو تقليص المساحات أو خفض جودة المواد المستخدمة، ما يقلل من دوران البضاعة ويرفع المخاطر على التاجر.

ويشير بعضهم إلى أن نظرة الشارع لارتفاع الأسعار على أنها اتفاق غير معلن بين التجار والجهات المعنية تزيد من حالة الاحتقان وتضع التجار في واجهة الاتهام، في حين أن جذور المشكلة تمتد إلى سياسات الطاقة والتسعير والرسوم والرقابة وضعف المنافسة في حلقات الاستيراد والتوزيع الكبرى.
حلول مقترحة

يرى الخبير العقاري عمار يوسف، أن معالجة ملف أسعار مواد البناء تبدأ من تحرير السوق من التدخلات المباشرة، مبيناً أن الدور المطلوب من المؤسسات الحكومية يجب أن يقتصر على ضبط جودة المواد وصلاحيتها للاستخدام، لا على تحديد أسعارها، فترك السوق يعمل وفق آلية العرض والطلب والمنافسة بين التجار والمستوردين، كفيل، بحسب يوسف، بخفض الأسعار تدريجياً والحد من مظاهر الاحتكار.

وقال يوسف لصحيفة “الثورة السورية”: إن العوامل الاقتصادية الأوسع، مثل تراجع القدرة الشرائية، وانخفاض قيمة الليرة، وعدم استقرار سعر الصرف، أثرت بعمق في سوق البناء والعقار معاً، حيث انعكست على حركة البيع والشراء ورفعت تكاليف التنفيذ والتمويل، كما أن ندرة المناطق السكنية القابلة للتوسع وغياب البدائل الملائمة تسببا بارتفاع مطرد في الأسعار ضمن بعض المناطق دون غيرها.

ولفت إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء لا يُعد العامل الأساسي في تحديد قيمة العقار، موضحاً أن الموقع الجغرافي والمنطقة يظلان العنصر الأهم في تسعير أي وحدة سكنية.

الثورة



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=207&id=204084

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc