عادت القوى الكردية إلى مهاجمة موسكو ودمشق، بعد فترة ودٍّ لم تَدُم طويلاً. يأتي ذلك في وقت لا تزال فيه تلك القوى تغالي في تقدير دور الولايات المتحدة الأميركية في حماية المنطقة من أيّ هجوم تركي محتمل، على رغم ظهور مؤشرات إلى تصعيد عسكري جديد في منبج وتل رفعت في ريف حلب
هكذا،
يبدو أن القوى الكردية لم تتعلّم من تجربة الغدر الأميركية، لتستمرّ في
التعويل على دور أميركي في حماية المنطقة، على رغم تأكيد واشنطن نفسها - في
أكثر من مناسبة - أن وجودها العسكري يحمل هدفاً وحيداً هو: «حماية حقول
النفط والغاز». وتتعزّز بذلك سياسة قادة الأكراد، القائمة على التعامل مع
الولايات المتحدة على أنها حليف استراتيجي لهم، مقابل علاقات «تكتيكية» مع
موسكو ودمشق، للجوء إليهما في حال حدوث أيّ انسحاب أميركي مفاجئ.
ويظهر
هذا التوجّه الكردي من خلال كلمة للرئيسة التنفيذية لـ»مسد»، إلهام أحمد،
في جلسة حوار لـ»مسد» في مدينة القامشلي، حيث اعتبرت أن «النظام ينسف كلّ
المحاولات التي نبادر إليها في سبيل الوصول إلى تفاهمات وحلّ سياسي في
سوريا»، مُتّهمة دمشق «بخلق فتنة عربية كردية في المنطقة، والعمل على زعزعة
استقرار المنطقة». كذلك، اتهمت الحكومة السورية بـ»الإصرار على إدارة
البلاد بالعقلية السلطوية»، مضيفة أن «النظام يعتبر نفسه المالك الوحيد
للبلاد؛ لذلك يعطي رسائل إلى سكان المنطقة بين الحين والآخر بأنه سيعود إلى
المنطقة عاجلاً أو آجلاً». ورأت أن «موسكو فشلت في لعب دور الضامن بينهم
وبين دمشق، ولم تستطع التأثير في هذا المسار».
وتزامنت تصريحات أحمد مع
أخرى مماثلة للقائد العام لـ»قسد»، مظلوم عبدي، اعتبر فيها أن «الحكومة
تواصل نهجها وعقليتها الشوفينية تجاه شعوب المنطقة»، داعياً «الحكومة
السورية إلى التحلّي بالمسؤولية، لكون سياستها الحالية لا تخدم إلّا
المخططات الهادفة إلى تقسيم البلاد». وأشار إلى أنهم «يتواصلون أمنياً مع
دمشق لأجل الحفاظ على أمن المنطقة، لكن لا يوجد أيّ تواصل أو تنسيق سياسي»،
ملمّحاً إلى «استعدادهم للدفاع عن المنطقة، حتى ضدّ حكومة دمشق إذا لزم
الأمر»، مضيفاً أن «أمام دمشق خياراً وحيداً هو الحوار والمفاوضات».
رُصدت تحرّكات عسكرية تركية غير اعتيادية مقابل منبج وتل رفعتويبدو أن التصعيد الكردي يعود، وفق مصادر مطّلعة، إلى «وعود جديدة حصلوا عليها من جيمس جيفري، خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، باستمرار الوجود الأميركي لفترة طويلة الأمد فيها». وزاد من ذلك قرار الرئيس الأميركي الأخير الخاص بسوريا، والذي نصّ على «تمديد حالة الطوارئ في ما يتعلّق بسوريا لحماية المصالح القومية الأميركية». وحمّل القرار «تركيا مسؤولية تقويض الحرب ضد داعش، وتعريض المدنيين الآمنين للخطر». وعلى رغم أن الخطوة الأميركية متّصلة، على الأرجح، بأهداف دعائية على أبواب الانتخابات الرئاسية، ومرتبطة أصلاً بهدف وحيد هو حماية المصالح القومية الأميركية، إلا أن القوى الكردية اعتبرتها علامة طمأنة لها إلى وجود مظلّة أميركية بوجه أيّ هجوم تركي جديد.
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=110&id=184799