الإدمان الرقمي: سلوكيات حرة ؟ تحقيق انتماء مفقود؟ أم ..؟
22/01/2021






حوارات حول العبودية في ثوب الحرية...... جزء 2
2- الإدمان الرقمي: سلوكيات حرة ؟ تحقيق انتماء مفقود؟ أم ..؟
مع ابتكار وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد هناك من حاجة لتخصيص المزيد من الأموال لإنتاج المزيد من الأفلام؛ فقد أصبح المشتركون في هذه الوسائل هم المنتج والمخرج والممثل والناقد والمروج لمختلف الأفكار التي يراها مهمة أو يوحي له بها كهنة "بريجينسكي" بما فيها الرسائل المبطنة الهادفة لإعادة تكوين القناعات الشخصية بالتدريج. وارتاح الجميع لوسائل تواصل مجاني تضمن "السرية" في تبادل مقاطع أفلام أو فيديوهات أو خواطر أو كل ما يخطر بالبال لتمرير وقت لم يعد ثميناً. وتستثمر شركات التواصل الاجتماعي في أبحاث مكثفة لضمان إدمان الشعوب وإلهائهم الدائم عن تفاقم فقرهم وبطالتهم..
ولا يهتم هؤلاء المدمنين بدقة الأخبار أو المعطيات المتبادلة بقدر ما يهمهم إشغال وقت الفراغ والتعبير بحرية أو بحدة لا يمارسونها في العلن أو بمواجهة الشخص الآخر. وقد يمارس البعض التنمر الإلكتروني (الألفاظ والعبارات النابية أو المهينة) غير المبرر محتمياً خلف شاشته أو متنكراً بأسماء مستعارة؛ والبعض قد يكون هدفاً لهذا النوع من التنمر. بالمقابل هناك من يلجأ لوسائل التواصل لحمايته من التنمر في العالم الحقيقي. لذا يربط البعض وسائل التواصل الاجتماعي بالمعالجة من الاكتئاب والبعض يجده محفزاً للإصابة به.
يستعين الإنسان عادة بساعته البيولوجية للتنبه عند التعب أو الإجهاد في الرياضة أو العمل. أما مع وسائل التواصل ينسى المتصفح نفسه لساعات طويلة تقلق الشخص ومحيطه. ويبدو أن المراهقين يمضون على هذه الوسائل ساعات طويلة لحاجتهم "للانتماء" الذي يجدونه في عالم افتراضي يتواجد فيه كثيرون ممن لديهم ذات الإدمان فيتأكد الانتماء أكثر.
ويكمن التناقض الأكبر في القدرة على إمضاء ساعات طويلة خلف الشاشة دون القدرة على إمضاء ساعة لقراءة كتاب أو رواية أو مقال يومياً. فالمتصفحون المدمنون يفضلون الأخبار القصيرة والمقتضبة والدعابات الخفيفة لتلطيف أجواء المستنقع الرقمي.
والإدمان الرقمي يتشابه نسبياً مع ظواهر الإدمان التقليدية؛ لكنه يختلف بأن إدمان القمار والكحول والجنس يتطلب إمكانات مادية لا تتوافر لدى معظم شعوب العالم النامي؛ أما إدمان ألعاب الفيديو فيجعل التفاعل مع آلة ويشعر صاحبها لاحقاً بالملل وبانه لم يحقق الانتماء الاجتماعي المنشود؛ أما وسائل التواصل الاجتماعي فلا تتطلب موارد مالية وتجمع المدمن مع زملاء المدرسة أو العمل أو الجيران أو مع أشخاص مجهولين يفترض أنهم حقيقيون وبالأعداد التي تحقق له الانتماء المنشود.
وإذا كانت الفترة اليومية لممارسة أي من الإدمانات السابقة محدودة نسبياً فإن الإدمان الرقمي يمكن ممارسته على مدار الساعة ويصعب على المنغمسين فيه الخروج من دوامته. ولذا نجد في الغرب أن بعض المعالجين والعيادات النفسية قد تخصصوا بهذا النوع من الظواهر ولكنها تبقى بتكاليف عالية ليست بمتناول معظم شعوب العالم النامي التي تعاني من قلة الموارد اساساً.
فما هي الحلول؟ ي
 



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=126&id=186225

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc