الدكتور دريد درغام يكتب : حوارات حول العبودية في ثوب الحرية.
23/01/2021




Douraid Dergham - دريد درغام - Photos | Facebook

حوارات حول العبودية في ثوب الحرية...... جزء 1
كتب الدكتور دريد درغام  الباحث الاقتصادي و الحاكم السابق لمصرف سورية المركزي سلسة من المقالات تحت عنوان العبودية في ثوب الحرية .. تناول فيها قضايا هامة وحساسة في الفكر العالمي اتجاه العالم الافتراضي مع اسقاطات محلية في غاية الدقة
سيرياستيبس تنشر المقالات لما تنطوي عليه من أهمية وعمق :

كنت قد كتبت مدونة حول الإدمان الرقمي وضرورة إتاحة الوقت الكافي لراحة الجسد والفكر للتمعن بأشياء مختلفة عن العالم الافتراضي فانتفض كثر وبعضهم بعبارات غير لائقة مؤكدين على خطوط "الحرية" التي لا تمس. وهنا أود التذكير بحقائق وأفكار ربما نسيها البعض أو يتجاهلها أو لم تسمح له انشغالاته بقراءتها. وسيتم عرضها بالتدريج لعلمنا بأن مرتادي العالم الافتراضي يفضلون المقاطع المقتضبة قدر الإمكان وننتظر دوماً حواراً حراً بناءً حول الأفكار المطروحة بشكل متسلسل وفي عمق هذه القضية؛ وأملنا أن تكون النقاشات بعيدة عن ردود الأفعال المتسرعة أو الألفاظ التي لا تليق بالحوار العلمي المنشود:
1- في نهاية أيلول 1995 وبحضور رؤساء أمريكا وبريطانيا وكل من مالك مايكروسوفت ومحطة سي ان ان، في منتدى لمناقشة مستقبل حالة العالم وبالأخص فرص العمل لأنه يكفي 20% من سكان العالم في القرن 21 لتسيير أمور الإنتاج والاقتصاد عموماً. وكان الهاجس كيف يمكن التحكم بجموع ال80% الباقين الذين إذا بقوا بدون عمل فسيصيبهم الإحباط وبالتالي سيعرضون "جماعة ال 20%" لمخاطر لا تحمد عقباها. فكان الحوار حول كيفية إلهاء الجموع بطالتهم وعن التفكير في مستقبلهم؛ وعندها اقترح زبيغنيو بريجينسكي (وهو من الحزب "الديمقراطي" والمستشار السابق لكارتر والمستشار الرئيسي لأوباما) مصطلحاً جديداً وهو "الإلهاء بالدغدغة" Tittytainment
والمقصود بالأمر حينها كان التوسع في عالم الإعلام والمسلسلات والأفلام والتركيز على الإخراج بطريقة شيقة تجعل الجميع متسمرين أمام الشاشات في عالم افتراضي لا ينتهي. فيتحقق مراد كهنة بريجينسكي بتحويل جموع ال80% التي يخشى نزولها إلى الشوارع إلى "أطفال" يصمتون دوماً لحصولهم على مرادهم: وهذا ما يفسر اشتقاق المصطلح والعقلية الكامنة خلفه. فهو يعامل الجموع الحاشدة كأطفال ويؤكد على إمكانية تهدئتهم وتخديرهم والتحكم بهم من خلال إبقائهم أمام الشاشات ينهلون ما تيسر من الرسائل والإعلانات والأفلام المحضرة في دهاليز كهنة خصصت المبالغ اللازمة لتنفيذ مقترح بريجينسكي.
وفي ذلك يعاد تأهيل مصطلح مجتمع الجدارة meritocracy الذي ابتكره مايكل يونغ عام 1959 واستشهدت به تيريزا ماي قبل سنوات، وهو مصطلح يعتبر أنه لا مكان في العالم القادم إلا "للأذكياء والنخب" وبالتالي لا يمكن تحقيق المساواة بين الناس. وفي كل ذلك تأسيس وتمهيد وترسيخ لقبول هيكلة المجتمعات وقبول تباين الطبقات في كل شيء باستثناء المساواة فيما بينها بالوصول إلى العالم الافتراضي...يتبع في مزيد من التحليل للوصول إلى آفاق ورؤية أفضل قد تساهم في طرح حلول ملائمة لتحسين الأوضاع بشكل جدي وليس افتراضي



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=126&id=186226

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc