رغم نجاح الجهود الحكومية في إعادة تأهيل جزء واسع من البنى التحتية في مدينة دير الزور وأريافها، لا يزال السواد الأعظم من سكّان المدينة، في الذكرى الثالثة لتحريرها، يُحجمون عن العودة إليها، في انتظار ما يُشجّعهم على ذلك، خصوصاً لناحيتَي الخدمات والحركة الاقتصادية
ويرى
الكثير من السكّان أن اقتصار النشاط الاقتصادي على سوق شعبي محدود في حيّ
الجورة، وغياب أيّ ملامح لعودة الحياة إلى وسط المدينة وأسواقها المدمَّرة
في الحويقة والحميدية، يجعلان من فرص العودة محدودة. وبهدف تسريع وتيرة
التعافي في الأحياء المحرَّرة، تطالب الجهات الحكومية، السكّان، بعدم
الوقوف على أطلال ممتلكاتهم، والعمل على إعادة تأهيل ما أمكن منها، إلا أن
الكثير منهم يرون أن لا جدوى من عمليات الصيانة، ويطالبون بإنجاز المخطّط
الجديد للمدينة، وإعادة بناء الأحياء المدمّرة فيها بالكامل من جديد.
ويعتقد أبو أحمد، الذي نزح من دير الزور واستقرّ في مدينة الحسكة بعد أن
فقد منزله ومحلّه التجاري في شارع «ستّة إلا ربع»، أحد أشهر شوارع المدينة
سابقاً، أن «عودته شبه مستحيلة»، معلّلاً ذلك بـ«الدمار الهائل الذي طاول
أبنيتها السكنية، مع تدمير أغلب أسواقها وأحيائها الرئيسة، وعدم توفر
الإمكانات الآنية لدى الأهالي والحكومة لإعادة بناء ما دُمّر بشكل كامل».
ويعتبر أبو نادر، سائق صهريج المياه الذي يقطن في الحسكة حالياً، من جهته،
أن «بعض أهل المدينة اتّكاليون، ويريدون من الحكومة أن تعيد بناء منازلهم
المدمّرة على نفقتها الكاملة حتى يعودوا إليها»، واصفاً هذا الأمر بـ«الصعب
في ظروف الحصار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد».
وسط المدينة بلا روح
عادت
أم علي للتوّ من زيارة طويلة إلى مدينة دير الزور، لتستقرّ من جديد في
الحسكة، بعد أن رأت أن لا جدوى من العودة حالياً. تصف أم علي مدينتها
بـ«المنكوبة»، لافتة إلى أنها «جالت في شوارع غسّان عبّود وسينما فؤاد وستة
إلا ربع والسوق المقبي، ولم تختلف المشاهد عمّا شاهدته منذ ثلاثة أعوام،
إلّا بإزالة الركام من الشوارع، مع استمرار الإغلاق شبه التام». وتضيف أن
«بعض الخدمات كالمياه والكهرباء والاتصالات عادت، إلا أن استمرار مشاهد
الدمار في المساكن والمحالّ يجعل من العودة إلى منزلي المدمّر جزئياً في حي
الحويقة أمراً غير واقعي». بدوره، يشير ربيع، الذي عاد إلى منزله في حي
الحميدية، إلى أن «الواقع هناك صعب، مع نقص في النظافة والكهرباء والخبز،
وعدم وجود إنارة، إلا أنها تبقى أفضل من تكلّف أعباء استئجار منزل آخر في
الأحياء المأهولة». أمّا كمال، فيخالفهما الرأي، معتبراً أن «الخدمات التي
قُدّمت حتى الآن مقبولة، قياساً بالإمكانات المحدودة للحكومة»، متابعاً أن
«إيصال المياه والكهرباء وإنارة الشوارع وتأهيل الأفران والمدارس خطوات
ستشجّع الكثير من السكان على المبادرة لترميم منازلهم وإعادة الحياة
إليها». ويعتقد كمال أن «حجم الدمار يحتاج إلى فترة طويلة حتى يلمس السكان
في وسطه أثراً إيجابياً يشجّعهم على العودة».
أكثر من ثلثي سكّان أرياف دير الزور عادوا إلى منازلهم واستأنفوا نشاطهم الزراعي
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=127&id=185268