اعتباراً من يوم الثلاثاء الماضي، عمدت "قسد" إلى إغلاق جميع المداخل والمخارج الواصلة إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في مدينتَي الحسكة والقامشلي، فيما منعت السيارات والدراجات النارية وآليات شحن البضائع والمواد الغذائية من الدخول إليها. خطوةٌ جاءت بعد أكثر من أسبوعين من التضييق على المدينتَين، وإغلاق طريق القامشلي ــــ الحسكة أمام العسكريين، مع استقدام تعزيزات عسكرية إلى مناطق خطوط التماس، ما خلق حالة ذعر لدى الأهالي. إلى ما سبق، منعت "قوات سوريا الديموقراطية" وصول الطحين إلى المخابز العامّة والخاصّة، ولم يتمكّن الموظفون الحكوميون من الوصول إلى دوائرهم في مؤسسة المياه في الحسكة، والمحكمة ومديرية الأحوال المدنية في تلّ تمر. وشهدت مدينة الحسكة، يوم أمس، إغلاقاً لبعض المحال التجارية، بسبب الخوف من اندلاع معارك بين "قسد" والجيش السوري.
يلفت محافظ الحسكة إلى أن الغاية من تصرفات «قسد» هي الحصول على مكاسب في مناطق أخرى


في تبريرها لهذه التصرفات، تقول "قسد" إنها تأتي رداً على منع حواجز الجيش إدخال المحروقات والغذاء إلى حيّي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب، وتلّ رفعت وريف عفرين في أرياف حلب الشمالية. وفي هذا السياق، يؤكد محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل، في تصريح إلى "الأخبار"، أن "الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش تشهد، منذ عدة أيام، حصاراً وتضييقاً لجهة إدخال المواد الغذائية والطحين"، لافتاً إلى أن "الغاية من هذه التصرفات هي الحصول على مكاسب في مناطق أخرى"، في إشارة إلى مدينة حلب وريفها. ودعا المحافظ أهالي المدينة إلى "عدم الخوف، وممارسة حياتهم الطبيعية، وأعمالهم اليومية، لكون المدينة ستبقى آمنة ومستقرة". وفي المقابل، نفى مصدر حكومي في محافظة حلب، لـ"الأخبار"، "وجود أيّ حصار مفروض على أي منطقة في المدينة وريفها"، مؤكداً أن "حيّي الأشرفية والشيخ مقصود ومنطقة تلّ رفعت تعيش حياة طبيعية، ويتحرّك الأهالي والسكان بشكل طبيعي، مع انسيابية في حركة المواد الغذائية وغيرها، من دون أي عوائق". إلّا أن مصادر ميدانية مطّلعة في شرقي الفرات، تؤكّد بدورها، لـ"الأخبار"، أن "قسد ضاعفت تضييقها على مناطق سيطرة الجيش السوري في الحسكة، في محاولة للحصول على تسهيلات حكومية للتنقّل بأريحية بين مدينة حلب وأريافها الشمالية". ورأت المصادر أن "قسد تضغط على الجانب الروسي للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية، إضافة إلى الحصول على دعم موسكو لتمثيلها في حوارات اللجنة الدستورية في جنيف"، لافتة إلى أنها تريد أن "تبعث برسالة إلى إدارة بايدن الجديدة مفادها أنها على استعداد للانخراط في أيّ مشروع أميركي جديد، في حال أعادت واشنطن انتشارها من جديد في كامل مناطق سيطرتها شمال سوريا وشرقها". واستبعدت هذه المصادر "إمكان حصول مواجهة عسكرية"، متوقعةً "حصول تفاهمات، تُنهي التوتر الموجود في المنطقة"، ومؤكّدة "استمرار التواصل عبر الجانب الروسي، لإنهاء الخلافات".
من جهة أخرى، دخلت مدينة الحسكة وأريافها يومها الخامس من دون مياه، مع استمرار الاحتلال التركي والمسلّحين الموالين له، في قطع المياه عن محطة علوك في ريف رأس العين، للمرة الثامنة عشرة. وتتواصل الجهود الحكومية السورية ــــ الروسية المشتركة لإيجاد حلول تنهي المعاناة المتكرّرة للسكان، وتعيد المياه إلى مجاريها من جديد، مع الاستمرار في تعبئة خزانات "الهلال الأحمر" لتوفير مياه الشرب للأحياء في المدينة. وهنا، يؤكّد مدير مؤسسة المياه في الحسكة، محمود العكلة، لـ"الأخبار"، أن "الجهود الحكومية - الروسية مستمرّة لعودة العمال الحكوميين إلى محطة علوك، وبدء الضخ من آبارها في اتجاه مدينة الحسكة"، مبيّناً أن "الجانب الروسي يعمل على إنجاز هذه الخطوة خلال فترة قصيرة". ويُتوقّع أن تشهد الساعات المقبلة من هذا اليوم عودة لمياه الشرب إلى المدينة، بعد معلومات عن توصّل الجانب الروسي إلى اتفاق مع الأتراك، لتغيير موعد التغذية الكهربائية لمدينتَي رأس العين وتل أبيض، في مقابل إعادة ضخ المياه من محطة علوك.

أيهم مرعي - الاخبار