آخر «إبداعات» السيسي: الدولة مضارِباً في السوق العقارية
17/03/2021



 


 
دفعت هزّة الحكومة للسوق العقارية نحو أزمة حقيقية للشركات الخاصة 
 

بعدما أُصيبت السوق العقارية في مصر بحالة ركود نتيجة العرْض الحكومي الذي يفوق حجم المطلوب الفعلي، أطلق النظام مبادرة جديدة للتخلُّص من آلاف الوحدات السكنية المكدَّسة من دون بيع، ستجعل القطاع الخاص أكبر المتضرّرين في المرحلة المقبلة

 
القاهرة | يواصل النظام المصري إحكام قبضته على الأسواق المختلفة عبر شركاته ورجاله، وهذه المرّة طاولت الضربة السوق العقارية، عبر مبادرة جديدة أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع «البنك المركزي»، وذلك بالتمويل العقاري بفائدة متناقصة 3% على مدى ثلاثين عاماً، في خطوة تهدف إلى بيع آلاف الوحدات المكدَّسة لدى كلّ من وزارة الإسكان و«الهيئة الهندسية للقوات المسلّحة»، اللتين أنجزتا مئات الآلاف من الوحدات بقدر يفوق احتياجات السوق الفعلية. وعلى رغم أن ملامح مبادرة السيسي لم تتّضح بصورة كلية، وإعلان «المركزي» أنه سيخصّص لها مئة مليار جنيه، فإن شركات العقارات الصغيرة والمتوسّطة في النشاط تبدو مهدَّدة فعلياً بسبب هذه المبادرة، التي وضعت شروطاً قاسية في مجملها، ستجعل الأولوية للشقق التي تمّ بناؤها وأصبحت جاهزة بالفعل، الأمر الذي يخدم شركات الجيش والحكومة وكبار المطوِّرين العقاريين.

في ظاهرها، تبدو المبادرة إيجابية للشباب، لكونها توفّر إمكانية للفئات المتوسّطة وفوق المتوسّطة لتقسيط ثمن الشقة على مدار ثلاثة عقود بفائدة زهيدة، لكنها تشترط مقدَّماً يصل إلى 20% لضمان الجدّية، وهو مبلغ لن يقلّ في المتوسط عن عشرة آلاف دولار، الأمر الذي لا يناسب فئات كثيرة، وخاصة مع تقييد مشروعات الإسكان الاجتماعي ورفع الدعم عنها بصورة شبه كاملة، وذلك مع التعطُّل المتعمَّد في تسليم وحداتها واختيار مناطق نائية لهذه المشاريع. ومنذ أكثر من عامين، تواجه مشروعات الإسكان الحكومية المخصَّصة لغير محدودي الدخل نفوراً من المواطنين، أدّى إلى شغور في غالبيتها، بسبب ارتفاع الأسعار وشروط السداد الصارمة، فضلاً عن وجود أسعار وحدات أقلّ في مشروعات تابعة للقطاع الخاص.
هزّة الحكومة للسوق العقارية دفعت نحو أزمة حقيقية للشركات الخاصة التي اضطرت إلى إطالة أمد السداد من دون فوائد إلى 12 عاماً، أملاً بتسويق مزيد من العقارات. لكن خطوة السيسي الأخيرة بإجبار البنوك على الفائدة المتناقصة عند 3% واشتراط تسجيل العقارات وجاهزيتها لن تفيد سوى الفئات المقرّبة من السلطة، التي تسعى إلى تعويض خسائرها خلال المرحلة الماضية. وتدعم الحكومة شراء المواطنين لمشاريعها وأنشطتها التي اكتملت، فيما لن تكون الشركات الصغيرة التي تستهدف الحصول على قيمة من ثمن الشقة قبل تسليمها للعميل قادرة على العمل في السوق خلال المدّة المقبلة.

تحاول الحكومة إنقاذ مشاريعها ومشاريع الجيش التي توسّعت فيها

يُروّج أنصار السيسي لكون القرارات الجديدة ستساهم في توزيع ثمن الشقة على عدد سنوات أطول، مع إمكانية الاستفادة من التمويل بما يخدم مصالح الأفراد، لكنْ ثمة شروط وضوابط سيضعها «المركزي» على البنوك التي ستمنح القروض العقارية، في مقدّمتها التأمين على حياة المتقدّم، وإمكانية استعادة الوحدة السكنية للبنك في حال التخلُّف عن السداد، فضلاً عن غرامات التأخير التي ستكون بمبالغ كبيرة. إذ تعتمد الفكرة على سداد المواطن ما يعادل تقريباً كلفة إيجار الشقة كقسط للبنك مع بعض الرسوم الإضافية نهاية كلّ عام بما يضمن له تملُّك وحدته العقارية، لكن الأزمة الحقيقية التي تواجه المشروع تتمثّل في مئات الشركات التي ستغلق أبوابها.
مع دخول الحكومة سوق العقارات بصورة مكثّفة قبل نحو ستّ سنوات، كان الهدف سدّ العجز في الوحدات السكنية لمختلف الطبقات، لكن الحكومة التي وجدت في الإسكان مشروعاً مربحاً، قرّرت ضخّ مليارات الاستثمارات في مشروعات متنوّعة لجميع الفئات، وبناء مدن جديدة بالكامل في مدد قصيرة ورفع الأسعار، لتزيد أسعار العقارات أكثر من أربعة أضعاف، على رغم زيادة المعروض، بسبب ارتفاع الأسعار الحكومية، وتُحقّق «الإسكان» أرباحاً بمليارات الجنيهات. اليوم، باتت الحكومة تحاول إنقاذ مشاريعها ومشاريع الجيش بتمويل من «المركزي» بفائدة هزيلة، أملاً ببيع الوحدات الشاغرة التي لم تعد تلقى راغبين في الشراء.
سيرياستيبس - الاخبار



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=186927

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc