ثلاثة غرامات حصة كل سوري من السمك يوميّاً معيارٌ أعفى البلاد من أزمة جديدة..!
19/02/2020



مضايقاتٍ عدوانية للصيادين السوريين في أعالي البحار .. ومساعٍ حثيثة لترميم فاقد السمك

سيرياستيبس – علي محمود جديد

لن نأسف على السمك كثيراً على الرغم من تراجع إنتاجه إلى حدّ كبير في سورية من نحو / 17 / طناً إلى حدود / 7 / أطنان، لا بل والبعض يقول / 5 / أطنان .. !

ونحن لسنا فقط لن نأسف، بل ربما لن نشعر بأن شيئاً ما قد حصل بعد هذا التراجع الشديد للإنتاج، لأن نصيب الفرد السوري من السمك أقل من / 3 / غرامات يومياً، ولا يتعدّى / 84 / غرام شهرياً .. وبما لا يزيد عن / 1 / كغ سنوياً .. !

ثلاثة غرامات يومياً، لا فرق إن كانت أم لم تكن، لا بل وهذا الرقم المدهش هو أيام العزّ، وقبل أن يتراجع الإنتاج أصلاً.

فالثروة السمكية في سورية لم تعد ثروة، مقابل هذا الجدب الكبير في الإنتاج، ولاسيما بعد أن شهدت أسعار السمك في الأشهر القليلة الماضية ارتفاعات كبيرة وصلت لبعض الأنواع إلى نحو 50% فسمك الأجاج – مثلاً – الذي كان يُباع بسعر 3500 ليرة، قفز اليوم إلى / 5000 / للكيلو غرام الواحد، فتراجع الطلب كثيراً عمّا كان عليه.

ما الأسباب ..؟

التصحّر السمكي في سورية هذه الأيام مردّه إلى ثلاثة عوامل رئيسية :

الأول :

يعود إلى الأزمة التي تمر بها البلاد حيث خرج عدد كبير من المزارع من الخدمة، كما تأثرت أعمال الحماية في المسطحات المائية بشكل كبير بسبب تعرضها للتخريب والسرقة من قبل المجموعات الإرهابية، وبالتالي أصبحت الأسماك في تلك المسطحات غير محمية وعرضة للاستنزاف والتدمير مع صعوبة الوصول إلى قسم كبير من بحيرات السدود لوقوعها في مناطق تشهد أحداثا أمنية، ما أدى إلى عدم القدرة على استثمارها. كذلك خرج عدد كبير من المزارع السمكية الخاصة من عملية التربية والإنتاج، خاصة في مناطق حماة والغاب وحمص والرقة، التي تحوى القسم الأكبر من المزارع السمكية في سورية، والإنتاج الأكبر للأسماك هو من المياه العذبة وبنسبة تصل إلى 81 % من مجموع الناتج السمكي، والنسبة الباقية لإنتاج الأسماك من البحر.

الثاني:

ما يزال العديد من الصيادين يمارسون الجهل في صيدهم في البحر من خلال القيام بصيد السمك بالديناميت، الأمر الذي يؤدي إلى قتل الكثير من الأسماك الصغيرة والأصبعيات والبيوض، ما يؤدي إلى تخريب البيئة السمكية، حيث تقتل الأسماك بكبيرها وصغيرها، وما ينجو منها يهاجر الكثير منه بعيداً عن الشاطئ.

الثالث :

تعرّض الصيادين السوريين ومراكبهم في هذه الأيام إلى الكثير من المضايقات من أطرافٍ عدوانية عند ابتعادهم عن المياه الإقليمية، قاصدين أعالي البحار، وعلى الرغم من أن الصيد في أعالي البحار يُعتبر – حسب القوانين الدولية – ميداناً متاحاً لكل الدول فإن هذه المضايقات للصيادين السوريين مستمرة بكل وقاحة.

محاولات الترميم

على صعيد البحر تشير بعض المعطيات إلى أن المديرية العامة للموانئ قد استطاعت خلال الفترة الأخيرة ضبط عمليات الصيد بالديناميت إلى حدّ كبير، وهذه المديرية هي المعنية بأمن المياه الإقليمية، والحارسة عليها.

وعلى صعيد المياه العذبة أشارت الخطة الزراعية / 2019 – 2020 / إلى مدى الاهتمام والتركيز على التربية السمكية في المياه العذبة بهدف زيادة المخزون السمكي وتحسين دخل الصيادين ونشر ثقافة تربية الأسماك، حيث وضعت الهيئة العامة للثروة السمكية مصفوفة إجراءات تنفيذية لتطوير الثروة السمكية للأعوام ( 2019 – 2020 – 2021 ) مع الاستمرار – وخاصة بعد استرجاع الكثير من السدود والمسطحات المائية إلى سيطرة الدولة – الاستمرار باستزراع بحيرات السدود والمسطحات المائية القابلة للاستزراع، حيث بلغت الكمية المُستزرعة ( 1,2 ) مليون أصبعية خلال عام 2018 منها ( 743 ) ألف أصبعية لخطة استزراع السدود، وقد تمّ توزيع ( 46 ) ألف أصبعية مجاناً على مربي الثروة السمكية في المحافظات، وإنتاج الجيل الأول من المشط الوحيد الجنس الذي أعطى إنتاجية عالية، كما تمّ تنفيذ تجارب تربية أسماك المشط في الأقفاص العائمة، وتشجيع إقامة مزارع أسماك بحرية في البر، عبر استجرار مياه البحر إلى أحواض مائية ضخمة لتربية السمك البحري حيث تقوم الهيئة بإجراء تجارب أولية في المزرعة البحرية التجريبية على تربية بعض الأنواع المحلية.

ختــــــاماً

من أفضل ما يفعله السوريون لجهة أنماط استهلاكهم في هذه الحرب الجائرة على البلاد هو عدم اكتراثهم بالسمك، ولو كان ذلك على حساب فوسفورهم، والأميغا 3 الضرورية لهم غذائياً، إذ لا تنقصنا الأزمات ولا الاختناقات، فتخيّلوا لو أننا نعاني أيضاً من أزمة واختناقاتٍ على السمك ..؟! من يكتفي بثلاثة غرامات سمك يومياً بإمكانه الاستغناء عنها وهو مرتاح النفس والبال.



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=132&id=179846

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc