لم يعد سلّة سورية الغذائية!!
سهلُ الغابِ يغرقُ في بحر الدراسات والمسوحات بدلاً من أن يُغرق أرض الفلاحين بالماء!!



"الأغروبلس" يبدأُ بعملياتِ المسحِ والاستقصاءِ لآراء المزارعين والإجماعُ على عودة محصول الشوندر والزراعات العطرية والطبية

سيرياستيبس:

كتب محمد فرحة

سؤالٌ واحدٌ يطرح في لجة انشغال فريق العمل الزراعي المكلف بعمليات المسح واستقصاء آراء الناس في ريف سهل الغاب ، مؤداه : أين ذهبت كل الدراسات والمسوحات الاستقصائية التي تمَّ تدوينها قبل سنوات الأزمة المتعلقة بمشروع الأغروبلس ، كي تبدأ الحكومة من جديد بإعادة الدراسات والانطلاق من نقطة الصفر ؟

رغم أن الخطوة الأولى والأهم التي يجب أن تنطلق منها الحكومة هي تأمين المياه والانشغال بإنجاز السدات المائية الأربع المطروحة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً ، كون الأمن الغذائي مرهوناً ومرتبطاً بتوافر المياه وتوافره يعني توافر الغذاء واستدامة الزراعة وغيابه يعني انتفاء الغذاء .

ماذا نريدُ أن نزرع؟

قبل أكثرَ من شهرين أنهى فريق العمل المكلف من رئاسة مجلس الوزراء عمليات المسح من خلال استبيان آراء المزارعين والقاطنين في ريف الغاب شمل 2700 استمارة وزّعت بشكلٍ عشوائي، احتوت الاستمارة العديد من الأسئلة مثل : ما هو المحصول الأكثر أهمية برأيك .. وماذا تريد أن تزرع ؟

هذا ما ذكره مدير المشروع المهندس عمار رسوق وأضاف: يجري التركيز على معرفة المحصول الأكثر ريعية والذي يحظى باهتمام المزارعين ، فقد أثبت الاستبيان من خلال مؤشراته الأولية بأن محصول الشوندر يأتي في المرتبة الأولى ، والقمح ثانياً .

وماذا بعد الانتهاء من عملية الاستقصاء والمسح هذه ؟ يجيب المهندس عمار رسوق : سيصار إلى رفع الاستبيان كاملاً إلى وزارة الزراعة ليتم تفريغه وقراءته ومعرفة كل التفاصيل التي قدمها المزارعون ، ومن بعدها ترفع إلى رئاسة مجلس الوزراء لدراسة محتواها ووفقا للواقع الراهن في منطقة سهل الغاب اليوم .

وممن تتألفُ لجانُ دراسةِ هذا الاستبيان ؟

يجيب مدير المشروع من كل الوزارات المعنية بدءاً من الزراعة مروراً بالإدارة المحلية والبيئة والسياحة والموارد المائية والإسكان والتخطيط الإقليمي والمكتب المركزي للإحصاء ، فضلاً عن البحوث العلمية الزراعية .

حيثُ يقومون بدراسة كل ما جاء في مقترحات المزارعين لمعرفة النقطة التي تتمحور حولها أغلبية آراء المزارعين ، بشكلٍ عام ولا يزال الكلام لمدير مشروع الأغروبلس في الهيئة العامة لتطوير سهل الغاب ،إن الوضع ما زال غير مستقراً، حيث ما زالت هناك بعض القرى الشمالية الشرقية المتاخمة لحدود محافظة إدلب لم يشملها البحث والاستبيان ، فضلاً على أن بعض القرى التي تمَّ تحريرها وعادت إلى سيطرة الدولة لم يعد سكانها إليها بالكامل .

ما يشكل عقبةً في وجه الاستبيان والتقصي ، لكن في الإطار العام لمسنا بأن هناك رغبةً في التأكيد على المحاصيل الصناعية الزراعية كالشوندر والقمح والبقوليات ، والأهم هو التوجه نحو الزراعات العطرية .

القطن لم يعد مرغوباً..!!

أما بخصوصِ محصول القطن فقد لمسنا من العديد الذين شملهم الاستبيان واللقاءات بأنه لم يعد مرغوباً من جهة ولم يعد يُزرع من جهة ثانية ، وهناك رغبةً من الفلاحين بتغيير النمطية الزراعية ، والبحث عن مواردٍ زراعية مستدامة وزارعاتٍ حافظة ، لكّن كل ذلك مشروطاً بشرطٍ واحدٍ هو : توافر الموارد المائية لسهل الغاب.

موضحاً بأن الخطوة الأولى التي يجب الشروع بها تتمثل في تأمين وتوفير الموارد المائية وإيجاد الحلول للمشروعات المائية المتعثرة منذ سنوات فهاهو معاون وزير الخارجية الروسي يبحث مع مدير منظمة الأغذية والزراعة / الفاو / قبل أسبوعين من الآن إعادة القطاع الزراعي في سورية إلى الواجهة والتركيز على الموارد المائية والتربة ، وعلى ذلك نضيف عودة الروح لمشروع الري الحديث لما يوفره من هدرٍ في المياه ويزيد الغلة الإنتاجية الزراعية، وهذا لا يتم إلا من خلال تقديم الدعم الكامل لمشروع الري وتسهيلاته، ما يحفز المزارعين للتوجه نحوه وهذه الخطوة قد بوشر بها كما علمنا قبل أشهر من رئاسة مجلس الوزراء .

بشكلٍ عام ختم رسوق حديثه قائلاً : هي خطوة أولى بدأت بعملية التقصي والمسح الاستقصائي لتكوين فكرة عامة عن رغبات الناس .

أينَ قضيةُ المياه ؟

نائبُ رئيس اتحاد فلاحي حماة حافظ سالم قال : كل ما يدور حول سهل الغاب ودراسة احتياجاته سبق وأن أجريت مثل هذه الدراسات ، لكن أهم ما في القضية هو: أين التركيز على دور المياه والتي هي ضمن محددات الأمن الغذائي وإستراتيجيته؟ قد يتصور البعض أن الجمع البسيط للموارد المائية الموجودة لدينا ليس في سهل الغاب فحسب وإنما في سورية كافة ، والموارد البشرية كفيلة بتحقيق الأمن الغذائي المنشود .

وأوضح سالم بأن خبرة ما يقارب عدة عقود من الزمن أكدت وتؤكد أن هناك مجموعةً من الخطايا تعكس غياب الاهتمام بمشروعات الري الهامة والكبرى ، أو ضمن ما يسمى الإطار العام لإستراتيجية وبرامج الأمن الغذائي ، فالحديث والتركيز على أولويات المياه يجب أن يكون في مقدمة كل الأشياء .

مشيراً إلى أن إنتاج طن واحد من القمح يحتاج إلى 1800 متر مكعب من المياه ،وقس على ذلك من بقية المحاصيل الأخرى .

بالمختصر، عندما تتحدد المشكلة وأبعادها وأسبابها يصبح الأمر هو إعداد الخطط لمواجهتها وأقل ما يقال عنها ضمن حدود الإمكانيات المتاحة ،الأغروبلس بدأ والأغروبلس سينتهي هنا كما بدأ قبل الأزمة ..لا جديد سوى ورشات العمل والزيارات المكوكية المكلفة مادياً وهي بمثابة شراء المزيد من الوقت وتمريره ، فسهل الغاب الذي كان سلّة سورية الغذائية تفتقد هذه السلّة اليوم إلى الكثير بل والكثير جداً ..!!.

عن صحيفة بورصات وأسواق



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=132&id=180081

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc