من يحلّ هذا اللغز المزمن..
صناعة إستراتيجية تعاني من الكلفة الزائدة في سورية..والمقارنة مع إيران أو مصر صادمة ؟؟



 

سيرياستيبس :

ثمة خطأ يقع فيه الكثير من الفعاليات الاقتصادية المختلفة، عندما لا تسبق الفعالية نقاشات وجلسات حوار معمّقة تلخّص جدوى انعقادها، والنتائج المتوخاة منها، واستمزاج آراء الجهات المشاركة والداعمة لها، بل كثيراً ما يفاجأ المشاركون أو الضيوف بأن أوراق العمل لديهم لا تخدم الهدف نفسه، لذا يستعرض كل منهم ورقته، دون أن تفضي إلى نتائج مثمرة، وهذا يقود إلى توصيات، قلما تجد طريقها إلى التنفيذ، وتعاد مع كل دورة من دورات الفعالية تكراراً واجتراراً..!.

لفتتني جلسة بحث علمي حول قطاع الإسمنت، عقدت مؤخراً في مقر الهيئة العليا للبحث العلمي، بالتعاون معها، وبمشاركة المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء، وبحضور عدد كبير من الخبراء المستقلين والأكاديميين والمهتمين بصناعة الإسمنت، يمثلون مجالات الجيولوجيا والكيمياء والاستشعار عن بعد ومشاريع البنى التحتية والإنشاء وغيرها..، والأهم أن هذه الجلسة أتت تحضيراً لمؤتمر تكنولوجيا الإسمنت في سورية.

غنى الطرح..

لم يترك هؤلاء الخبراء جانباً من جوانب هذه الصناعة المعقدة إلا وتطرقوا إليه، وأغنوه بحثاً ونقاشاً، حيث سلّطوا الضوء على قنوات تصريف الإسمنت المنتج لدى القطاع العام عبر مؤسسة عمران، ولدى الخاص عبر الوكلاء والموزعين، وآفاق العملية البيعية عبر جبهات العمل المتوقع فتحها، حيث لا بد أن تكافئ الكميات المنتجة الحاجة الوطنية في مرحلة الإعمار.

وناقش الخبراء أهمية تفعيل دور الاستشعار عن بُعد في الدراسات الجيولوجية لمقالع الإسمنت والتسهيلات التي تقدمها، وإنتاج أنواع جديدة، أسوة بدول الجوار، مع السعي إلى تخفيض تكاليف الإنتاج، اعتماداً على عديد الوسائل، أبرزها استخدام الطاقات المتجددة، وتحديث خطوط الإنتاج، والاستفادة من التقنيات الحديثة المستخدمة في هذه الصناعة، والبنية الميكانيكية والكهربائية اللازمة لها، والتأثيرات الصحية والبيئية على المناطق السكنية القريبة من مراكز الإنتاج، فضلاً عن غيرها من القضايا ذات الصلة..

دواعي ومبررات البحث

يقول المدير العام للهيئة العليا للبحث العلمي الدكتور مجد الجمالي، الذي أدار الجلسة: إن صناعة الإسمنت شهدت، كغيرها من الصناعات الأخرى، تطوراً كبيراً في العقدين الفائتين أدى إلى خفض تكاليف الإنتاج وتنويعه وتطوير أدواته، بما يلبي احتياجات السوق التي باتت تركز أيضاً على الشق البيئي، وخفض إنتاج غاز الكربون، ومتطلبات العمارة الخضراء، ما يتيح فرصاً متميزة لإنتاج جديد مبني على المعرفة واستغلال الموارد الطبيعية، التي تتميز بها سورية.

وأضاف الجمالي: إن هذه الجلسة أتت في إطار سعي الهيئة إلى تطوير الصناعات الوطنية في مختلف القطاعات، اعتماداً على أساليب البحث العلمي الحديثة، وتحقيق تنافسية اقتصادية للمنتج السوري، وإحلال بدائل متنوعة وكفؤة للمستوردات، وسبل استخدام التكنولوجيا المتطورة في تحديث أفران الإسمنت، بهدف الوصول إلى منتج سوري متنوع يتمتع بالجودة، ومنافس في الأسواق المحلية والإقليمية، وتأمين الخبرات والموارد البشرية المطلوبة، والاستفادة من تجارب الدول الصديقة في هذه الصناعة كإيران والهند، وتعظيم الاستفادة من الطاقة الكهربائية في معامل الإسمنت.

وحدّد المشاركون نقاط القوة والضعف في هذه الصناعة، التي ما زالت تعتمد على أساليب تعدّ قديمة بعض الشيء، وإن حققت فيما مضى بعضاً من قصص النجاح، التي صنعتها خبرات وطنية يشهد لها. وعرض أحد الخبراء عدداً من الأساليب التي يمكن للإسمنت السوري من خلالها تحقيق اختراقات إنتاجية وتقنية مهمة.

مؤشرات الصناعة

وأشار المدير العام لـ”سيم تك” المهندس جبرائيل الأشهب إلى بعض المؤشرات الاقتصادية الخاصة بصناعة الإسمنت في سورية، قياساً إلى مثيلاتها في الدول المجاورة، وذلك بهدف وضع توصيف دقيق وشامل للصناعة المحلية، وسبل تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المنتجات، التي توصف بأنها محرك مرحلة الإعمار، متوقعاً زيادة الطلب على الإسمنت، خلال مرحلة الإعمار، إلى حوالى 12-15 مليون طن، بينما هو حالياً عند مستوى خمسة ملايين طن، ثلاثة منها ينتجها القطاع العام، واثنان الخاص

ثمة صعوبات تحدّ من انطلاقة وتوسع صناعة الإسمنت المحلية، وفقاً للأشهب، منها ضعف الخبرات الفنية، ونقص التمويل، ومحدودية السوق التي ظلت حتى عام 2005 محتكرة من القطاع العام، ونقص تشكيلة المنتجات الإسمنتية، فمثلاً حتى الآن لا يوجد في البلاد معمل ينتج الإسمنت الأبيض، على الرغم من تزايد الطلب عليه. ومتوقع للمشاريع التي ستنفذ بالتشاركية بين العام والخاص أن تعزز قوة هذه الصناعة، إلا أن أيّاً من هذه المشاريع لم يرَ النور حتى تاريخه..

ضعف المنافسة السعرية

وحذر المشاركون من انعكاس ارتفاع تكاليف الإنتاج على فرص المنافسة للإسمنت السوري إقليمياً، حيث ان تكلفة الانتاج في سورية أعلى من إيران ومصر، وأعلى قليلاً في الأردن، ولما كان الجزء الأكبر من هذه التكاليف يعود لحوامل الطاقة، فإن الاعتماد على الطاقات البديلة والمتجددة، سيقلل من هذه التكاليف بنسبة تتجاوز الربع.. فصناعة الإسمنت المصرية، باتت تعتمد على هذه الطاقات بشكل رئيس، كما أن المخلفات المنزلية هناك تسهم في إنتاج نحو 30% من الطاقة.

يبقى أن..

لا سبيل أمام تطوير هذه الصناعة سوى تخفيض تكاليف الإنتاج، وهو ما يتطلب دعماً حكومياً بشكل أو بآخر، كما تفيد التقديرات التقريبية بأن الحكومة تحتاج إلى قرابة مليار دولار لإعادة تهيئة وتأهيل مصانعها، وهي تكاليف مستردّة حال انطلاق الإنتاج وزيادة الاستهلاك الناجمة عن الإعمار.. علماً أن المعطيات المتوافرة لدى هيئة الاستثمار، تفيد بأن هناك تراخيص لشركات إسمنت يصل إجمالي إنتاجها المتوقع إلى 63 مليون طن. وفي الوقت الذي تنتج فيه الشركات المحلية إسمنتاً مقاوماً 32.5، فإن تشييد الأبراج والمطارات والمشاريع الكبيرة، سيتطلب إسمنتاً 52، وربما أكبر من ذلك، حيث تزداد نعومة المادة بتطور التقنيات

البعث

 



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=192&id=179130

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc