سيرياستيبس :
أعلنت الحكومة مؤخراً عن مسودة قانون ضريبي جديد، تهدف من خلاله إلى تحديث النظام الضريبي وتحقيق مزيد من العدالة والكفاءة في تحصيل الإيرادات العامة. الدكتور والخبير الاقتصادي حيان البرازي وجّه الضوء في حديث له، على الإيجابيات والسلبيات المحتملة لهذا القانون، في ضوء الواقع الاقتصادي الراهن في سوريا.
وعن إيجابيات القانون الضريبي الجديد قال: يُعد رفع الحد المعفى من الضريبة إلى 12 ألف دولار سنوياً خطوة مهمة نحو حماية ذوي الدخل المحدود من العبء الضريبي، كما يُعزّز ذلك القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين.
وأضاف: إن القانون الجديد يشجع القطاعات الإنتاجية من خلال الإعفاء الكامل للقطاع الزراعي وتخفيض الضريبة إلى عشرة بالمئة في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والصناعة، وهو ما قد يَحفّز الاستثمار المحلي والأجنبي في هذه المجالات.
كما أن اعتماد ضريبة تصاعدية يُعد من الأسس العادلة في النظم الضريبية الحديثة، حيث يسهم الأغنياء بنسبة أعلى من دخلهم، مما يحقّق نوعاً من التوازن الاجتماعي ويحد من الفجوة بين الطبقات.
ويرى البرازي أن التوجه نحو تبسيط الإجراءات وربط النظام الضريبي إلكترونياً يمكن أن يسهم في تقليل الفساد وتحسين كفاءة التحصيل، كما أنه يعزز من شفافية التعاملات المالية ويحد من التدخل البشري المباشر.
ومن المتوقع – حسب الخبير- أن يؤدي هذا النظام إلى زيادة معدلات الالتزام الطوعي بدفع الضرائب، نظراً لوضوحه وبساطته ومراعاته لظروف الشرائح الضعيفة.
التحديات والسلبيات المحتملة
وأفاد أنه على الرغم من الجوانب الإيجابية، يواجه القانون الجديد عدة تحديات قد تُعيق تنفيذه بالشكل المأمول. أولها أن توقيت إصدار هذا القانون يأتي في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، حيث يعاني المواطن تضخماً مفرطاً، وضعفاً في الدخل، وتراجعاً في الخدمات الأساسية، مما قد يجعل تطبيق أي نظام ضريبي جديد عبئاً إضافياً، لافتاً إلى أن البنية التحتية التكنولوجية في سوريا لا تزال غير مهيأة بالكامل لتطبيق نظام إلكتروني موحد، وقد يؤدي ذلك إلى خلل في التطبيق وتفاوت في العدالة بين المحافظات والمناطق.
كما أن التهرب الضريبي لا يزال يشكّل معضلة حقيقية في سوريا، ومع غياب الرقابة المستقلة، قد يتمكن بعض المكلفين من الالتفاف على القانون، مما يزيد الضغط على الفئات الملتزمة أصلاً.
موضحاً أن القانون لم يُقدّم معالجة شاملة لمسألة الاقتصاد غير المُنظّم، وهو ما يشكّل فجوة كبيرة، إذ إن نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي في سوريا يتم خارج الإطار الرسمي، ما يفرغ القانون من كثير من فعاليته.
والأهم من ذلك أن هناك أزمة ثقة عميقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ومن دون تعزيز هذه الثقة وضمان أن العائدات الضريبية ستُستخدم في تحسين الخدمات العامة، فإن الكثيرين قد يرون في هذا القانون وسيلة لتحصيل الأموال من دون مقابل عادل.
وخلص بالقول: إن القانون الضريبي الجديد في سوريا يتضمن مؤشرات واضحة على نية إصلاحية، ويضع أساساً يمكن البناء عليه نحو نظام ضريبي عادل وعصري.
ومع ذلك، فإن نجاح هذا القانون مشروط بتهيئة الظروف المناسبة لتطبيقه، من خلال تحسين الدخل، وتعزيز الثقة، وتطوير البنية التحتية، وتوسيع قاعدة المكلفين لتشمل الاقتصاد غير الرسمي. فمن دون هذه الخطوات، قد تبقى نيات الإصلاح حبيسة الورق، وتبقى الأزمة الضريبية قائمة كما كانت.
هناء غانم