كتب الاعلامي معد عيسى
قبل أيام طرح عدد من أعضاء مجلس الشعب تعديل قانون العقود رقم 51 الخاص
بتأمين احتياجات الجهات العامة و تنفيذ مشاريعها بعد أن وصلت هذه الجهات
إلى حالة العجز عن تنفيذ مشاريعها وخططها الاستثمارية بعد أن أحجم العارضون
عن تقديم عروضهم للمناقصات التي تعلنها الجهات العامة ، لكن لحين تعديل
القانون لا بد من التحرك في الهامش الذي أعطاه القانون للجهة العامة لتجاوز
بعض الظروف .
عدم تقدم العارضين لإعلانات الجهات العامة وحتى التعاقد بالتراضي يعود
للتغيير السريع في سعر الصرف بالدرجة الأولى و صعوبة التحويلات المالية
والالتفاف على العقوبات المفروضة على سورية بالدرجة الثانية وارتفاع
الأسعار العالمية وتكاليف الشحن بسبب كورونا بالدرجة الثالثة والتي تكلف
المتعاقدين تكاليف أعلى وزمن أطول للتنفيذ وتأمين التوريدات .
الحقيقة أن هناك إمكانية لحل كثير من هذه الثغرات بموجب القانون ولكن كل
الخطوات الممكنة يتم إلحاق صفة الشبهة بها رغم قانونيتها ، فخطوات الحصول
على فرق الأسعار وتبرير التأخير و تغيير بلد المنشأ وربما المواصفة هي
قضايا أتاحها القانون عبر لجان تُشكل لهذه الغايات ، ولكن هنا الطامة
الكبرى ، ففي بعض اللجان يتم تمثيل الأجهزة الرقابية والتي على ما يبدو
أنها لا تعترف بكل ما يعانيه البلد من تبعات الحرب والحصار والعقوبات
والدمار ، فهي تتمسك بالشكل و أحيانا كثيرة تخضع لمزاجية المفتش ، ولا يهم
أثر ذلك على الجهة العامة ، والأخطر من ذلك أن رأي المفتش يكون سيفا مسلطا
على أعضاء اللجنة من نفس الجهة الذين يقعون بين نارين ، نار عدم تنفيذ
الخطة الاستثمارية من جهة ، ونار الجهاز الرقابي الذي يمثله المفتش جهة
ثانية .
كثير من الجهات العامة مقتنعة بتبرير الزمن للعارضين ولكن رأي الأطراف
الأخرى حال دون ذلك ، وكثير من الجهات العامة فرضت غرامات تأخير على
المتعاقدين رغم أنها هي متأخرة عن دفع مستحقات العارض عن الأعمال التي
نفذها وبمدد مضاعفة ، والسؤال كيف يصح الأمر هنا ولا يصح هناك ؟
بالمنطق من لا يتحمل مسؤولية يجب استبعاده من أي قرار ، ويجب تحميل كل صاحب
قرار مسؤولية قراره ، ولو تم العمل وفق هذا المنطق لكانت الجهات الرقابية
تتحمل اليوم مسؤولية توقف وتأخر ومضاعفة أسعار تنفيذ عدد كبير من المشاريع
العامة ، ويجب تحميلها حتى مسؤولية فوات المنفعة .
عندما يذهب العارض إلى أخر خيار قانوني لفصل الأمر وهو مجلس الدولة فإنه
يعرف أن هذا الخيار مُكلف ويحتاج لزمن ولذلك يُفضل الانسحاب على مبدأ " كفى
الله المؤمنين شر القتال "ما سبق ليس دفاعا عن عارضين رغم أنه حق ومنطق مع
وجود حالات شاذة ولكنه توصيف حقيقي لما تعانيه مؤسساتنا العامة والقائمون
عليها ، ومن أراد أن يتأكد فليعود ويطلع على المناقصات التي تم الإعلان
عنها ثلاث مرات ومرة رابعة للتعاقد بالتراضي دون أن يتقدم أحد للتنفيذ .
|