وتزامنت هذه التحرّكات الأميركية مع إعادة تحريكٍ لملفّ «الأسلحة الكيميائية»، حيث أصدرت منظّمة «حظْر الأسلحة الكيميائية» تقريراً، أمس، يتّهم الحكومة السورية بـ«الوقوف وراء الهجوم الكيميائي في الغوطة عام 2018»، ويَرِد فيه أن «هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن القوات الجوّية السورية هي التي ارتكبت الهجوم». وفي مقابل حملة التصعيد الأميركية، أعادت روسيا الحديث عن ملفّ «المساعدات الإنسانية»، وإمكانية عدم تمديد القرار الذي جرى تجديده قبل نحو ثلاثة أسابيع وتنتهي مفاعيله في شهر تموز المقبل، والذي يسمح بإدخال مساعدات إلى الشمال الغربي من سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي، وعبر خطوط التماس (المعابر الحكومية)، مقابل تعهّدات غربية بتقديم دعم حقيقي وملموس لمشاريع «التعافي المبكر»، تضْمن إنعاش قطاعات الطاقة والبنى التحتية. وهي تعهّدات ترى موسكو أن الدول الغربية لم تفِ بها، وخصوصاً مع تشديد واشنطن حزمة عقوباتها ضدّ دمشق أخيراً، الأمر الذي من شأنه أن يعيق أيّ محاولة تقدّم في المشاريع المذكورةd
توازياً، ذكرت مصادر «جهادية»، لـ«الأخبار»، أن قيادة «هيئة تحرير الشام» تُجري هذه الفترة عملية «إعادة هيكلة» في تشكيلاتها الأمنية، استعداداً للمرحلة المقبلة التي يُتوقّع أن تتصدّر فيها إدلب المشهد السوري، في ظلّ إصرار دمشق على وفاء أنقرة بتعهّداتها وإزالة «الإرهابيين» من إدلب، وفتْح طريق حلب – اللاذقية الدولي. ووجّهت «تحرير الشام» خطاباً إلى فصائل «جهادية» عدّة تمتلك حضوراً في المحافظة، مفاده ضرورة اتّخاذ قرار واضح بالالتزام بقرارات «الهيئة» أو الخروج من سوريا، مع تقديم ضمانات بانسحاب آمن نحو أوكرانيا، على غِرار عمليات إخراج سابقة. وتأتي التحرّكات الجديدة هذه، بعدما حاولت بعض الفصائل الاستفادة من حملة التصعيد المضبوطة التي تنفّذها «تحرير الشام» - عبر عمليات محدودة ضدّ مواقع الجيش السوري -، لتشنّ هجمات منفردة من دون التنسيق مع جماعة أبو محمد الجولاني. ويُنذر ذلك بهجمات تخريبية أخرى قد تُطاول طريق حلب – اللاذقية، الذي تستكمل تركيا استعداداتها لفتحه في حال التوصّل إلى اتّفاق مع دمشق، ومن بينها انتزاعها تعهّدات من «الهيئة»، خلال اجتماعيْن مع مسؤوليها، بالالتزام بالقرارات التركية فوْر اتّخاذها في هذا الشأن. وفي السياق نفسه، تابعت «الهيئة» خطوات تمتين حضورها في ريف حلب الشمالي، وضمان سيطرتها على أهمّ المعابر، في ردّ مباشر على محاولة «الحكومة المؤقّتة» التابعة لـ«الائتلاف» تنفيذ الأوامر التركية بتأمين مصادر دخْل ذاتية. وتتوقّع المصادر أن يؤدّي هذا التضييق في الفترة المقبلة إلى انشقاقات جديدة في صفوف الفصائل، وانضمامها إلى «تحرير الشام» مقابل مغريات مالية وعسكرية، بما قد يضمن للجولاني خطوط انسحاب آمنة من إدلب إلى عفرين ومحيطها، في حال التوصّل إلى اتّفاق سوري – تركي.