حوالى
أسبوعَين مرّا على سوريا وأهلها من دون أيّ اعتداءات إسرائيلية. الزلزال
الذي ضرب تركيا وسوريا، وما خلّفه من أهوال في كلَيهما، جمّد الاعتداءات
مؤقّتاً، حيث كانت عيون العالم أجمع تراقب عمليات الإنقاذ والإغاثة. وبينما
كانت دمشق وحلب واللاذقية تفتح مطاراتها أمام طائرات المساعدات القادمة من
دول عديدة في المنطقة وخارجها، كان على المقلب الآخر، في تل أبيب، من
يراقب ويترقّب، ويتحيّن الفرصة المناسبة لاستكمال «معركته بين الحروب»،
بعيداً عن «سطوة» الزلزال ونتائجه الأليمة التي جعلت العالم يتعاطف مع
السوريين، وأعادت الملفّ السوري إلى الواجهة.
لم يكن أحد في مراكز القرار، أو من المراقبين والمتابعين، يعتقد أن الاعتداء الإسرائيلي القادم سيطول انتظاره. على العكس، ثمّة كثيرون ممّن جادلوا، خلال الأسبوعَين الماضيين، بأنه من الصعب جدّاً على إسرائيل أن تكتفي بالتفرّج على القوافل التي تَعبر يومياً من العراق باتجاه سوريا برّاً؛ ومن طهران إلى دمشق وحلب جوّاً؛ ومن لبنان إلى اللاذقية وحلب عبر الحدود، لتُفرغ حمولتها وتعود إلى لبنان. وعليه، فإن الاعتداء الإسرائيلي الجديد كان متوقّعاً، مع ملاحظة تجنُّبه استهداف المطارات السورية بشكل مباشر إلى حين، بالنظر إلى استمرار هبوط طائرات مختلفة من دول العالم في تلك المطارات في سياق حملات الدعم الإنساني.
استئناف المعركة بين الحروب
فجر أمس، دوّت عدّة انفجارات في قلب العاصمة، هزّ أحدها منطقة مدنية بالكامل، وحيّاً سكنياً ليست فيه أيّ مواقع عسكرية؛ ولذا، كثرت الإشاعات وتضاربت حول هدف الغارات. وبحسب مصادر أمنية سورية، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «العدو استهدف عدّة مواقع في دمشق ومحيطها، من بينها حيّ كفرسوسة». إلّا أنه خلافاً لما حُكي عن استهداف مبنى «المدرسة الإيرانية» الواقع هناك، فإن «المكان المستهدف يقع في شارع آخر قريب، وليس فيه أيّ تواجد لا للجالية الإيرانية، ولا لمراكز ثقافية أو ديبلوماسية أو عسكرية تتبع لإيران»، وفق المعلومات. وبالتدقيق في الصور المتداولة من موقع الاستهداف، يَظهر أن العدو استخدم صواريخ مضادّة للتحصينات، اخترقت سطح الأرض، وأحدثت فجوة وصل عمقها إلى 4 أمتار، وقُطرها إلى 3 أمتار، بالاضافة إلى أضرار واسعة في محيط المكان. وتضيف المصادر نفسها أن «الشهداء في كفرسوسة مدنيون، ومن بينهم طبيب وصيدلانية»، بينما «استشهد ضابط عقيد في الجيش السوري، وجندي في كتائب البعث، خلال سلسلة الغارات على العاصمة ومحيطها». كما طالت الغارات راداراً عسكرياً تابعاً للدفاع الجوي في الجيش السوري في تل المسيح، في محيط مدينة شهبا شمال محافظة السويداء. إذاً، الأكيد أن لا اغتيال أو محاولة اغتيال لشخصيات قيادية من «محور المقاومة»، كما أُشيع، وأن الشهداء جميعهم سوريون، فيما يبدو، طبقاً للمعطيات المتوافرة، أن الهجوم كان استثنائياً من حيث الموقع والاسلوب، ولكنه لا يخرج عن المسار التقليدي لـ«المعركة بين الحروب»، وإيذاناً باستئنافها بعد تعليقها عقب وقوع الزلزال