سيرياستيبس تقرير علاء الحلبي بينما تُتابع الولايات المتحدة عمليات تحصين مواقعها في الشرق السوري عبر
استقدام مزيد من المعدّات العسكرية، التي وصل آخرها من إقليم كردستان،
الأربعاء الماضي، إلى المواقع النفطية السورية التي تسيطر عليها واشنطن،
استقدمت الأخيرة المزيد من قواتها، عبر دفعات، ليرتفع عدد جنودها - المعلَن
- إلى نحو 1500 يشرفون على فصائل عديدة أبرزها «قوات سوريا الديموقراطية»،
و«جيش سوريا الحرة» في منطقة التنف، وفصائل أخرى من مكونات عربية تنشط في
الشرق السوري والرقة. وبالتوازي مع ذلك، تواصل القوات الأميركية عمليات
تجنيد دفعات جديدة من المقاتلين العرب ضمن الفصائل التابعة لها، وفق مصادر
ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار»، مشيرة إلى «الاستغلال الأميركي لتدنّي
مستويات المعيشة لجذب أقصى عدد من المقاتلين عبر تقديم مغريات عديدة لهم».
ووفق المصادر، ستباشر القوات الأميركية تدريب هؤلاء بعد استكمال العدد
المطلوب، في حين تستعدّ في الوقت الحالي لتدريب مقاتلين في الرقة، بعدما
أنهت تدريب أربع دفعات، منذ العام الماضي، في منطقة التنف. واستكمالاً
للحملة الإعلامية المترافقة مع التحرّكات الميدانية الأميركية، يستمرّ
عددٌ من وسائل الإعلام في بثّ إشاعات تتعلّق بفصائل المقاومة السورية،
آخرُها، وفق المصادر، تلك التي تحاول ربط هذه الفصائل بملفّ المخدرات، الذي
تكثّف الولايات المتحدة استثماره في هذه الأيام من أجل تبرير حضورها في
سوريا، تماماً كما تعاملت سابقاً مع ملفّ مكافحة تنظيم «داعش». وبحسب أحد
المصادر، فإن رفع وتيرة الإشاعات المُشار إليها ربّما يُمهّد لمواجهات
متوقّعة بين القوات الأميركية، أو القوات التي تدعمها واشنطن، من جهة،
وفصائل المقاومة من جهة أخرى. وفي وقت تستشعر فيه الولايات المتحدة ارتفاع
مستوى الضغوطات على قواتها في سوريا، أفشل مجلس نوابها مشروع قرار يُنهي
حالة الطوارئ في هذا البلد، من بين خمس دول أخرى، ويدعو إلى خروج القوات
الأميركية منه وإنهاء العقوبات المفروضة عليه، وهو ما يساوق جملة خطوات
اتُّخذت في الآونة الأخيرة، أحدثها تمرير قانون «الكبتاغون»، وقبله قانون
سابق شدّد العقوبات على دمشق، في مسعًى لمضاعفة الضغوط السياسية على
الأخيرة، ومعاكسة التوجّه العربي للانفتاح عليها. وفي
المقابل، تتابع روسيا وإيران عمليات تقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا،
والدفع نحو خطوات حقيقية على الأرض وفق خريطة الطريق التي كانت قدّمتها
موسكو، والتي تقوم على مبدأ «الكلّ رابح»، عبر فتح المعابر الاقتصادية
والطرق التجارية التي تمرّ من سوريا نحو دول الخليج، ومن هذه الأخيرة نحو
أوروبا عبر سوريا وتركيا، بالإضافة إلى حلحلة ملفّ اللاجئين السوريين في
تركيا، وتسهيل إعادتهم إلى بلدهم. وفي هذا الإطار، يحاول وزيرا الخارجية،
الروسي سيرغي لافروف، والإيراني حسين أمير عبد اللهيان، تنظيم لقاء سيكون
الثاني من نوعه لوزراء خارجية الدول الأربع، إيران وروسيا وسوريا وتركيا.
وكان الاجتماع «الرباعي» السابق عُقِد في شهر أيار الماضي، وتبعه لقاء على
مستوى نواب وزراء الخارجية، ولقاءات أخرى أمنية وعسكرية، هدفت بمجملها إلى
التوافق على خطّة عمل محدّدة بجدول زمني تصرّ دمشق على أن يفضي إلى خروج
القوات التركية غير الشرعية من أراضيها، بينما تربطه أنقرة بما تعتبره
«مخاطر أمنية» تتعلّق بالأكراد، وترخي الضغوط الأميركية المعرقلة بظلالها
عليه.
تشهد عفرين عمليات اقتتال متواصلة، من دون أيّ تدخل من القوات التركية التي تصبّ اهتمامها على تحصين مواقعها شرق الفرات ميدانياً،
تابعت القوات السورية والروسية عمليات الاستهداف اليومية لمواقع انتشار
مقاتلي «هيئة تحرير الشام» في أرياف حلب وإدلب واللاذقية، في أعقاب محاولة
نفّذتها الأخيرة لاستهداف قاعدة «حميميم» الروسية في جبلة، عبر طائرات
مسيّرة تمّ تدميرها على الفور، وفق مصادر ميدانية سورية. وإذ تحاول
«الهيئة» تصدّر المشهد كـ«قائد» لفصائل المعارضة عبر شنّ هجمات بين الحين
والآخر ضدّ مواقع للجيش السوري، كما والتمدّد في ريف حلب الشمالي، يشهد هذا
الأخير حالة غليان بين الفصائل التي بايعت «الهيئة»، وفصائل أخرى مناوئة
لها. وفي هذا السياق، تسجّل مدينة عفرين عمليات اقتتال متواصلة، من دون أيّ
تدخل من القوات التركية التي تصبّ اهتمامها حالياً على تحصين مواقعها شرق
الفرات، وبشكل خاص قرب طريق «M4» الدولي، الذي يمتدّ من أقصى الشرق السوري
عبر حلب وصولاً إلى اللاذقية، وتسيطر «قسد» على جزئه الشرقي بدعم أميركي،
فيما معظم الجزء الغربي واقع تحت سيطرة الحكومة السورية، باستثناء جيب صغير
في ريف إدلب، تراوغ أنقرة في فتحه بعدما تعهّدت بذلك منذ أكثر من أربع
سنوات. أمّا ملفّ اللاجئين السوريين، الذي يقوده كلّ من لبنان والأردن
لبدء عودة طوعية لهؤلاء بعد تأهيل البنى التحتية اللازمة، في ظلّ النقص
الشديد في تمويل احتياجاتهم عبر المنظمات الدولية، وازدياد الضغوطات
الاقتصادية على الدول المستضيفة، فدخل في دوامة الضغوطات الأميركية
والأوروبية. وتأخّرت زيارة كانت مقرّرة لوفد حكومي لبناني إلى سوريا لبحث
الملفّ، بعد تنحّي وزير الخارجية، عبد الله بو حبيب، عن ترؤّس الوفد، على
أن يتمّ لاحقاً تعيين رئيس جديد له وإجراء الزيارة التي قد تستغرق يومين،
وفق تقديرات ديبلوماسية لبنانية. ومن شأن التوافق في هذا المجال، في حال
تمّ، أن يفتح الباب أمام العودة التي تدافع دمشق بأنها تقدّم من أجلها
التسهيلات اللازمة، ما لم يُواجَه بمزيد من الضغوط، وخصوصاً في ظلّ رفع
الولايات المتحدة وحلفائها وتيرة التصعيد السياسي لإفشال أيّ خرق للوضع
القائم. وفي السياق، رأى مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط،
ميخائيل بوغدانوف، أن ملف اللاجئين «قضية معقدة وتحتاج إلى جهد دولي»،
مضيفاً أن الملفّ «مرتبط بالوضع الاقتصادي، وعمليات إعادة إعمار البيوت
المدمّرة» والتي تعيقها واشنطن.
|