سيرياستيبس :
مازال قرار وزارة الاقتصاد والصناعة حول السماح بتعبئة المياه يتفاعل، ليس بين مؤيد ومعارض، بل بين مؤيد بشكل مطلق ومعارض بدون ضوابط دقيقة.
التوجه لإلغاء حصرية أي أمر، وفتح باب المنافسة أمام الجميع هو توجه الدولة ونهجها الاقتصادي، ولكن ذلك يجب أن يكون وفق معايير بعدة اعتبارات، أولها حماية الموارد الطبيعية بصفتها ملكا للجميع، وثانياً ضمان عائد للخزينة العامة كي تستطيع الدولة تأمين التمويل لالتزاماتها العامة أمام المواطن.
في موضوع المياه تم سابقاً عام 2008 مناقشة الأمر، وتم التوافق بالسماح للقطاع الخاص بتعبئة المياه، إما بشكل مباشر أو بالتشارك مع الدولة كون المياه موارد طبيعية تخضع لمواد دستورية، وعلى أساس هذا التوافق تم وضع شروط واضحة يُسمح لمن يحققها أن يُنشئ معملاً للتعبئة، وهذه الشروط تحفظ الحقوق وتنسجم مع مواد الدستور، وكذلك الاتفاقيات الدولية لأن تعبئة المياه وتصديرها يدخل في اتفاقيات تقاسم المياه الدولية، يعني عندما نطالب بزيادة حصتنا من مياه الفرات، أو دجلة، أو العاصي، يتم الاعتراض كوننا بلد يقوم بتصدير المياه، يعني لدينا فائض.
الشروط التي تم وضعها سابقاً كانت تنسجم مع كل المعايير المحلية والدولية ومنها: أن تكون المياه من ينابيع طبيعية، غزارتها محددة، أن يكون ارتفاع النبع عن سطح البحر 500 متر، أن يكون حوض النبع مملوك بالكامل ومحمي للحفاظ على المياه من التلوث، أن يتم بيع المنتجات محلياً لتلبية حاجة السوق ويُمنع تصديرها.
وأذكر حينها تقدم عدد من الأشخاص للترخيص في جبل الشيخ وإدلب والساحل وحماة (نحو عشرة أشخاص)، هذا العدد يكفي ويزيد عن حاجة سوريا، ولكن للأسف توقف كل شيء فجأة، وكان يتم حينها التباحث بين سوريا والعراق وتركيا لزيادة التدفق في نهري دجلة والفرات وتقاسم الحصص.
ما كان تم التوافق عليه سابقاً ولم يتحول لقرار، يُمكن اعتماده اليوم بما يسمح بالتشاركية والاستثمار الخاص، ويمنع الاعتداء واستنزاف المياه الجوفية، والتي تعتبر ملكية عامة ويحفظ جودة المياه ومراقبتها ولا يمس الدستور والاتفاقيات الدولية.
إذا كانت تصر وزارة الاقتصاد والصناعة على السماح بحفر الآبار وتعبئة المياه بعيداً عن تدخل وزارة الطاقة، فعليها أن تعمم القرار وتسمح لأي شخص راغب ومقتدر بالحفر عن النفط وتصديره، وإلا تُعامل المياه كثروة وطنية مثل النفط.