سيرياستيبس
تشهد الأروقة الخلفية لوزارة الاقتصاد والصناعة، تنازعاً معلناً داخل المنظومة الاستشارية للوزير التي ” لم يعد واضحاً قوامها بعد الحديث عن قرار بإلغاء المسميات الاستشارية”. فبين ” ماما الدولة ” و “بابا نويل” تابع الجميع سرديات متباينة حتى الاختلاف بصوت عالٍ “ملاسنة إلا قليل”، سجلها كل من جورج خزام ومازن ديروان، وكأنهما اختارا عفواً لاقصداً حلبة فيسبوك لنزال غير مقرر رسمياً. الدولة الراعية
جورج خزام المستشار والخبير النشط والشهير بطرح رؤاه التطويرية للإنتاج المحلي عبر الدعم والحد من تدفقات الإنتاج الخارجي المنافس، وضرب أطواق الحماية والرعاية في زمن “انتحال” الاقتصاد السوري لصفة السوق الحر.. سجل منذ يومين منشوراً ساخناً هو ليس الأول من نوعه، وربما لم يكن في حساباته أن ما يشبه الرد سيكون من ذات مقصورة المستشارين.. الافتراضية في حقيقتها. واعتبر خزام في منشوره، أن محاربة الصناعة الوطنية من خلال السماح للمستوردات البديلة عن المنتج الوطني بجمارك منخفضة و خاصة الصيني و التركي، بغزو الأسواق بحجة السوق الحر و عدم قدرة البضاعة الوطنية على المنافسة بالجودة و السعر، أدى لتراجع كبير جداً بالتحصيل الضريبي للخزينة العامة بسبب إغلاق و تصفية الكثير من المصانع و الورشات، و لذلك ـ يرى خزام ـ لم تعد الخزينة العامة قادرة على تمويل الرواتب لا قبل الزيادة و لا حتى بعد الزيادة و غير قادرة على تمويل المشاريع و دفع الإلتزامات، و هكذا أصبحت المعونات الخارجية لتمويل الرواتب هي الوسيلة لعدم انهيار القطاع العام و الدوائر الحكومية. تساؤلات محرجة يتساءل خزام..أنه في حال توقف المعونات و المساعدات الخارجية لتمويل الرواتب ما هي نتيجة ذلك على الاقتصاد ؟ و كيف سوف يكون هنالك سيادة باتخاذ القرار الوطني و بنفس الوقت لا يمكن التخلي عن المساعدات لتمويل رواتب القطاع العام؟ وهل من المقبول السماح لكل هذا الدمار بالاقتصاد و الصناعة و الزراعة و انهيار الإنتاج و ارتفاع بسعر الدولار من أجل ترك بعض المستوردين يحصلون على الأرباح على حساب تدمير الاقتصاد و تجويع الشعب مع ظهور جيش من العاطلين عن العمل؟ و هل مضاعفة الرسوم الجمركية على المستوردات البديلة عن المنتج الوطني تحتاج لموافقة المستوردين أم تحتاج لتقييم حجم الدمار بالاقتصاد و الانهيار بالصناعة.؟ رد مباشر لم يتأخر الرد “المفرط في حدته” من زميل لخزام وهو بدوره يحمل صفة مستشار.. الصناعي مازن ديروان صاحب “مارتديلا هنا”. يقول ديروان وبحدّة ربما تعمد إظهارها: مازال البعض ممن تلوث عقله بالفكر البعثي الماركسي يطالب الحكومة برفع الجمارك على المستوردات و لعب دور “بابا نويل” بتوزيع المساعدات على الصناعات المحلية الضعيفة “لدعمها”! هنا أسأل هؤلاء، هل الهدف إيجاد و دعم صناعة ضعيفة و غير مجدية تحتاج “عكاكيز الدعم” على حساب المستهلك؟! أم الهدف هو إيجاد صناعة متينة ذات ميزة تنافسية حقيقية تستطيع المنافسة محلياً و عالمياً دون أي مساعدة أو عراقيل؟! أليس الهدف الأسمى هو رفع المستوى المعيشي للمواطن و ذلك بتأمين أكبر تشكيلة منتجات و خدمات بأقل الأسعار الممكنة؟! أما آن الأوان ليعيش المستهلك السوري بذات الحرية الاقتصادية التي تستمتع بها جميع شعوب الأرض المتقدمة؟! تخبّط هو تنازع آراء يعكس حجم التخبط في الرؤى وعدم وضوح وتبلور المسارات المعلنة لإعادة ترتيب أوراق الاقتصاد السوري.. وإن كان ديروان نطق بحجج مقنعة من حيث الشكل، إلا أنه كصناعي إن لم يكن تحول إلى تاجر ـ يعلم أن الوصول إلى منتج ذي جودة عالية يليق بالمستهلك السوري، لن يكون إلا من خلال مرحلة من الحضانة والرعاية لاسيما في بلد شبه مدمّر ومنهار.. وعلى المقلب الآخر ..لسورية تاريخ غير مشجع على مستوى الدعم الصناعي، فالجميع يعلم أن بعض الصناعيين استثمر في الدعم ولم يستثمر في رأس المال بشكل فني علمي عملي حقيقي..هذا هو الواقع.. ريبة لكن مايبدو غريباً ومثيراً لتساؤلات الجميع..هو أليس من مكاتب وطاولات مستديرة في وزارة الاقتصاد والصناعة، أو غرف التجارة والصناعة..يجتمع حولها كل صاحب رؤية وخصوصاً من المستشارين للتباحث والخروج بسياسات موحدة بدلاً من تراشق وجهات النظر على فيسبوك وأمام الملأ..؟ فإن كانت الحالة جميلة لتجسيد مبدأ حرية الرأي والقول كواقع جديد يحتفي به السوريون، تبقى بحقيقتها شكل من أشكال الفوضى والاستعراض أحياناً، سيما وأن هناك صفحات وحسابات أخرى لرجال أعمال، تنتج “التريندات” تلو التريندات في اتجاهات متضاربة ..
|