ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:18/04/2024 | SYR: 02:21 | 19/04/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 في السباق أيهما أسرع .. الأسعار أم التصريحات ؟
16/09/2021      



سيرياستيبس :
لم تكن معادلات السلع كمعادلات النقد والعملات يوماً، ولا في بلد على ظهر هذا الكوكب، إلا أنها باتت كذلك هنا في أسواقنا المرتبكة والمنفلتة من أية ضوابط من ذلك النوع الذي يسمى رقابة على السعر وعلى الجودة أيضاً والعلاقة اللصيقة بين العاملين أو المفهومين.
يحكى عن آلان غرينسبان الذي شغل منصب رئيس مجلس المحافظين للنظام الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة الأميركية في الفترة من 1987 إلى 2006..أنه تردد عدّة مرّات في الخروج من مكتبه ذات أزمة من أزمات الدولار، إلى حيث ينتظره الإعلام، لأنه كان في كل مرّة ينظر في المرآة على الباب ويرى وجهه مكفهراً، فيعود محاولاً تعديل قسمات وجهه كي لا يستنتج العالم أن عملة بلاده مأزومة، فهو الخبير المخضرم الذي يدرك حساسية الكلمة والنظرة في مثل هذا الشأن الدقيق.
بذات الحساسية تتحوّل الأسواق في أوقات الأزمات كأزمتنا الراهنة، إلى مطارح تكره وتبغض التصريحات والتهويل الإعلامي والتهديد والوعيد، بدليل تجاربنا الكثيرة على مرّ سنوات الحرب على بلادنا، كلّما انبرى وزير من الوزراء الكُثر المتبدلين على مقصورة إدارة ملف التجارة الداخلية وحماية المستهلك، و أشهر عصاه ولوح بها في وجه من كنا نطرب لوصفهم بـ ” حيتان السوق”،  تكون النتيجة ارتفاع جديد في أسعار السلع وتزايد – نلمس نتائجه سريعاً – عل شكل حالات احتكار وتحفظ على السلع في المستودعات…وكأن ثمة إصرار عجيب على عدم الاقتناع بأن الأسواق لا تُدار بالتصريحات بل بالإجراءات ..وليس أية إجراءات…والمسألة ليست سهلة تنقضي بتصريح شعبوي بل معقدة ومعقدة جداً نظراً لخصوصية الظرف، ولا يجوز أن نتعاطى مع هكذا مهمة برسائل إعلامية استباقية، بل برسائل لاحقة إن اقتضى الأمر، بما أن تماس المستهلك المباشر مع السوق وتلمّسه أي تغيير لا يحتاج إلى إعلام، ولو أننا اعتدنا – تعسّفاً واستخفافاً – أن نخبر المستهلك بتحسّن أوضاع السوق، وهو أكثر علماً منّا جميعاً بأن الحقيقة غير ذلك.
الحقيقة لا نملك أن نخفي إعجابنا بحماس السيد وزير التجارة الداخلية، وبشفافيته وصراحته ومحاولة الانتصار للمستهلك على “جبهات ” احتياجاته كافّة، لكن لعلّه لاحظ أن مثل هذه التصريحات و”الشدّ المعنوي” لم تشفع للمستهلك في وقوفه مشدوهاً أمام الأسعار المتبدّلة صعوداً بشكل يومي للسلع، والحديث في  التأويل و الأسباب يأخذنا دوماً نحو ذريعة واحدة وهي ” قلّة المعروض السلعي” أي فقدان السلع من الأسواق، بكل ما يعنيه ذلك من خطورة، وليست مادّة السكّر الوحيدة التي تصلح كمثال بل مثلها الكثير..ارتفاع في الأسعار عقب كل رفع لوتيرة الحديث والتصريحات.
في السياق يحضرنا سؤال نظنه بالغ الأهمية وهو: لمن تسعّر الوزارة ..أي لمن ولماذا توزّع نشرات الأسعار..
إذا كانت المادة المسعّرة غير ممسوكة من قبل الوزارة وغير متوفرة كفاية؟؟
مثلاً- مجرّد مثال – تم تسعير الجوز بين 16 – 23 ألف ليرة للكيلو..لكن من يبيع بهذا السعر..و أين تتوفر المادة …والأهم بما أن الوزارة سعّرت و كلّفت نفسها..لماذا لم تعرض المادة وفق هذه الأسعار في صالات التدخل الإيجابي المشغولة حالياً ببيع الموز، في بشرى سارّة للمستهلك بأن سع الكيلو 10 آلاف ليرة ؟؟؟!!
مثل الجوز ينسحب على سلسلة طويلة من السلع المسعّرة التي تغيب عن الصالات الحكومية، أي نجد السعر ولا نجد السلعة..!!
باختصار وبعد كل جرعات التفاؤل التي اعترتنا خلال الأيام القليلة الماضية، بتنا نتوجّس من التصريحات المتلفزة أو على وسائل التواصل الاجتماعي..نعم نتوجّس ونحن نلمس هبوباً كالرياح للأسعار، في تناسب طردي عجيب وغريب لأعداد الضبوط التي تعلن عنها الوزارة بمديرياتها كافة، فالغادي والصادي بات يفهم آلية ” جباية الضبوط” والتاجر يتفهمها على أنها أقصى ما يملك فعله المراقب التمويني، المطالب بالكم وليس بالنوع في نهاية يوم عمله.
حسبنا أن نلمس تهاوداً في أسعار الضروريات قريباً، وسنتولّى مع سوانا الحديث عنها إعلامياً، لكن بعد أن تصبح واقعاً وليس قبلاً، لأن التجربة علمتنا أن الوعود محفوفة باحتمالات الحنث في أسواقنا أسواق العجائب.
هامش: إذا كان السيد الوزير ” سفير الصناعيين والتجار لدى الحكومة”…نرجو أن يعمل ليكون سفير المستهلك لدى التجار والصناعيين
ناظم عيد


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق