سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:28/10/2025 | SYR: 21:57 | 28/10/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 المكدوس السوري وسلسلة المنتجات البسيطة تكسر الحواجز باتجاه المضمار الأوروبي..بدايات عودة لزمن مشروع الشراكة
28/10/2025      




سيرياستيبس 

انقطع حبل الود التجاري بين سوريا والمصارف الأوروبي مع اندلاع الثورة السورية وسلسلة قرارات المقاطعة والعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على نظام بشار الأسد.
وكانت العلاقات وصلت إلى توقيع اتفاق الشراكة بالأحرف الأولى “اتفاق أولي”، يفضي إلى تحكيم الجدر الجمركية بالتدريج بين الطرفين.
اليوم بعد مايزيد على عقدين من الزمن على تلك التطورات، وبعد قرابة عقدين من العزلة الاقتصادية، عادت الأنظار مجددا إلى المنتجات الغذائية السورية التي لطالما اشتهرت بجودتها العالية وأسعارها المنافسة مقارنة بمنتجات الدول المحيطة.
فرفعُ العقوبات الأوروبية الأخيرة عن بعض القطاعات المدنية فتح الباب أمام نقاش واسع في أوساط رجال الأعمال السوريين حول إمكانية استئناف التصدير إلى الأسواق الأوروبية، لا سيما من خلال مبادرات يقودها القطاع الخاص في الداخل والخارج.
ورغم أن خطوط التجارة المباشرة بين سوريا وأوروبا ما تزال محدودة، إلا أن تجارا سوريين في ألمانيا يؤكدون أن السوق الأوروبية “لم تنسَ بعد الطعم السوري — من المكدوس والملوخية إلى زيت الزيتون وقمر الدين والدبس والمربيات والمنتجات الزراعية التقليدية”.
شركات لبنانية تتوسط
يقول أحد التجار السوريين الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، “إن شركات لبنانية وسيطة” كانت خلال السنوات الماضية تتولّى تصدير المنتجات السورية إلى أوروبا بالتعاون مع مصانع سورية، للالتفاف على العقوبات الأوروبية والأميركية.
ويضيف وفقاً لموقع تلفزيون سوريا أن “بعض هذه الشركات استمر حتى اليوم في تصدير منتجات صنعت في لبنان لكنها تحافظ على الاسم السوري لما اكتسبته من ثقة المستهلكين”.
ويرى هذا التاجر أن رفع العقوبات عن قطاعات محددة في سوريا يمثل فرصة لإعادة التواصل التجاري المباشر، من دون الحاجة إلى تلك الشبكات الوسيطة، مؤكدًا أن ذلك “سيخلق منافسة حقيقية في الأسعار ويعيد الثقة بين المنتج السوري والمستهلك الأوروبي، ويخفف وطأة الجفاف على المزارع السوري لأنه سيعود بالنفع عليه من خلال رفع أسعار المنتجات المحلية القابلة للتصدير إلى أوروبا يعوض من خلاله الخسائر التي لحقت به جرّاء سنوات متلاحقة من الجفاف”.
 شارع العرب في برلين
في شارع العرب الشهير ببرلين، حيث تصطف المحال السورية واللبنانية جنبًا إلى جنب، يعبّر محمد عنيزان، وهو تاجر مواد غذائية سورية، عن تفاؤله الحذر، يقول لموقع تلفزيون سوريا: “هناك طلب متزايد على المنتجات السورية هنا في ألمانيا، خصوصا من الجالية العربية، لكن المشكلة أننا نعتمد على تجار من تركيا أو لبنان لجلب هذه البضائع. لو فُتحت خطوط التصدير المباشرة مع سوريا، سنوفر نصف التكاليف على الأقل، ونضمن جودة أعلى”.
ويشير عنيزان إلى أن المنتجات السورية “تحمل نكهة مختلفة”، وأن المستهلكين في أوروبا “يبحثون عن الأصالة”، لكن غياب القنوات الرسمية يجعل التجار الصغار رهائن للوسطاء والأسعار المرتفعة.
في جهة أخرى من المدينة، يتحدث سليمان تقي الدين، صاحب متجر في السوق الصيني في برلين، عن أثر إعادة التصدير على الداخل السوري. يقول: “عندما كانت خطوط التجارة تعمل، كان هناك آلاف العائلات تعيش من تصنيع الأغذية والمربيات والمنسوجات في سوريا. اليوم إذا أعيد فتح باب التصدير، فذلك يعني فرص عمل جديدة ودعم لليرة السورية من خلال تدفق القطع الأجنبي”.
ويضيف تقي الدين أن تفعيل دور غرف التجارة والصناعة والزراعة السورية سيكون أساسيا، “لأنها تمثل الجسر الطبيعي بين المنتج المحلي والأسواق الخارجية، وعليها أن تتحرك بسرعة لتأمين المعايير والمواصفات المطلوبة في الأسواق الأوروبية”.
الصادرات الصغيرة يمكن أن تُنعش الاقتصاد
يرى الخبير الاقتصادي حسن حيدر العيلي أن عودة التصدير، حتى ضمن نطاق محدود، قد تحمل تأثيرًا مضاعفًا على الاقتصاد السوري.
ويقول: “إعادة فتح خطوط التجارة بين سوريا وأوروبا لا يعني فقط دخول بضائع سورية إلى الأسواق، بل دخول العملة الصعبة إلى الداخل، كل دولار يعود من الخارج يخلق حركة في السوق المحلية ويفتح فرص عمل في الزراعة والصناعات الصغيرة”.
ويشير العيلي إلى أن الاقتصاد السوري “أصبح شبه مغلق على ذاته”، وأن التصدير هو الطريق الوحيد لإعادة التوازن، خصوصًا في ظل ضعف القطاعات الإنتاجية الكبرى. ويضيف: “المنتجات الغذائية والحرفية السورية لديها ميزة تنافسية طبيعية — من المكدوس والزعتر إلى الصابون الصاغ الحلبي والمنتجات النسيجية — وهذه يمكن أن تكون المدخل الواقعي لمرحلة جديدة من الانتعاش”.
أوروبا بين الحذر والفرصة
ورغم التفاؤل، تبقى التحديات القانونية والسياسية قائمة، إذ تحتاج الشركات الراغبة بالتصدير إلى التقيد بمعايير صارمة تتعلق بالأصل، والجودة، وسلاسل التوريد، لكن في المقابل، هناك طلب متنامٍ على المنتجات الشرقية التقليدية في الأسواق الأوروبية، خاصة في ألمانيا التي تضم أكبر جالية سورية في القارة.
ويشير خبراء أوروبيون إلى أن رفع العقوبات الجزئي قد يمهّد الطريق لعودة تدريجية للمنتجات السورية ، خاصة في القطاعات الزراعية والغذائية.
نحو تعاون تجاري جديد
يتفق التجار والخبراء الذين تحدثنا إليهم على أن مرحلة ما بعد العقوبات يجب أن تشهد تحركا رسميا من غرف التجارة السورية بالتنسيق مع نظرائها الأوروبيين لإعادة بناء الثقة وفتح خطوط التواصل.
فهذه الخطوط لا تعني فقط تصدير المكدوس أو زيت الزيتون، بل تعني تدفق الأمل من جديد في اقتصادٍ أنهكته الحرب، وفرصةً للسوريين في الداخل كي يعودوا إلى دورة الإنتاج والعمل.
ومن التجارب المشابهة للوضع السوري ما حصل لدول مثل العراق وفيتنام، حيث تمكنت الدولتان من إعادة تنشيط صادراتها عبر شراكات تجارية مرنة وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة. في فيتنام مثلًا، ركزت الحكومة على دعم المزارعين والمشاريع العائلية لإنتاج البن والمنتجات الزراعية، ما جعل البلاد لاحقًا ثاني أكبر مصدّر للبن في العالم، أما العراق، فقد استعان بشركات وسيطة في الأردن وتركيا لإعادة إدخال منتجاته إلى الأسواق الإقليمية بعد سنوات من العزلة والعقوبات.
ويختم الخبير الاقتصادي حسن العيلي كلامه بالقول: “تُظهر هذه النماذج أن الزراعة والصناعات الغذائية المنزلية يمكن أن تكون نقطة الانطلاق لأي نهوض اقتصادي بعد الحروب، خاصةً إذا تمكّنت غرف التجارة السورية من بناء قنوات تصدير شفافة وشرعية نحو أوروبا. دعم هذه القطاعات لا يعني فقط زيادة النقد الأجنبي، بل أيضاً تعزيز الثقة بالمنتج السوري واستعادة مكانته في الأسواق الإقليمية، على غرار ما فعلته فيتنام والعراق في مرحلة ما بعد الحرب”.


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق