كتب أسعد عبود لسيرياستيبس :
الدعم في الأنظمة الاشتراكية .. حقيقة لا يمكن الهروب منها .. فهو ما يميز
هذا الذي نسميه النظام الاشتراكي .. هو يأتي بحكم التسعير الاداري للسلع و
المنتجات .. هذا التسعير يأخذ بالمبررات الاجتماعية أولاً .. و هو الصورة
الأوضح للسوق الاشتراكي الذي يسقطون من حساباته مسألة الربح و الخسارة .. و
هذا يفقده أهم أسس السوق كمفهوم اقتصادي .. لذلك ترانا كلما حاولنا
الاقتراب من الرأسمالية واجهونا بضرورة الاصلاح الاقتصادي لوضع العمل و
الانتاج و التسويق وفق قوانين السوق .. وليس وفق قوانين التخطيط المركزي .
و قد حاولنا .. حاولنا و فشلنا ..!! .. فشلنا لأننا أصرينا أن نمسك آلية
السوق بقراراتنا .. و قراراتنا كانت – وما زالت – تصاغ وفق مجموعة من
المصالح .. أنشطها مصلحة الفساد .
حاولنا لدرجة أننا أحدثنا سوق بورصة .. أو هكذا يفترض .. و هذا يتناقض
تماماً مع منهج التخطيط المركزي و التسعير الإداري .. و يتطلب أحد أمرين :
إما الانسحاب من منهج التخطيط الاشتراكي ..
و إما المضي المشروط بالدقة و النظافة و أولوية العلم الاداري المالي
الصحيحين ..
نحن لم نأتي باي منهج يؤهلنا للنجاح .. لا في ظل افتراض الاشتراكية .. ولا
اتجاهاً إلى الرأسمالية .. اكتفينا بمجموعة من " الابطال " .. كانوا
مجهولين و ما زالوا .. يرسمون ما يرون و هم أولياء التنفيذ ... لا حكومة
يُسألون أمامها و لا برلمان يراقب..!! المهم أن يُرضوا مجموعة من مصالح ..
هي بالضبط و على اختلاف مشاربها .. و تنوع و تعدد شخصياتها تختزلهم جميعاً
مهما علت مراتبهم .. عبارة " الفساد " !!!
أما المرحومة " البورصة " فهي و إن تنشطت قليلا في فترات محددة من عملها ..
ولدت ميتة و ما زالت .. و البورصة الوحيدة القائمة اليوم هي عملية ليلية
مجهولة و مجهول أبطالها !!!! تقوم بالتسعير الذي يمزق بلا رحمة ما كنا
نسميه الدعم .. و هكذا أصبحنا لا اقتصاد سوق و عدالة نشاط راس المال غير
العادلة .. ولا لقمة الدعم البائسة تسد الرمق .. .. لا نحن دولة اشتراكية
.. إنما نحن نتحمل وزر هذه التسمية و لم نعد نملك منها شيئاً .. إلا ما
تقرره قرارات الظلام التي لم تر النور ولا مرة . ولا نحن دولة سوق أو
رأسمالية ..!!!
لذلك نحن اليوم نواجه كسؤال أولي : من أين و كيف نمضي .. و ماذا نفعل
بأثقالنا ..؟؟!! مما حوته كتب الاشتراكية و ما نصت عليه مناهج الثورة و
مقررات المؤتمرات المختلفة كلها .
بصراحة من الضروري جداً أن نتجرأ على الاجابة .. من الضروري أن نخلع هذا
الثوب ... علّنا نلبس غيره .. و المسألة بالإرادة و نقاء النيات مرهونة ..
لكن بانتظار أن يكون ذلك .. و أهم منه أن لا يموت أحد جوعاً ..
لذلك و رغم ما اعترى كل عمليات الدعم من افتراء و نهب و فساد و احتقار
للناس .. أقول :
لا نستطيع الأن أن ننفض أيدينا من الدعم ... لا بد أن يعطى المواطن فرصة
للوصول لضروريات
حياته ولا سيما في الغذاء و الدواء .
|