لا يخلو أي اقتصاد من الهموم، ولا يوجد اقتصاد في العالم خال تماماً من الهموم، بل يعاني كل منها من هموم متفاوتة في درجات خطورتها.
والاقتصاد السوري حاله حال الاقتصادات الأخرى يشهد حالة من الترقب بسبب تراكم هموم اقتصادية متنوعة تهدد استقراره وتطوره، وفق ما أوضح خبراء اقتصاديون في تحليل الوضع الراهن للاقتصاد السوري، مؤكدين وجود مخاطر متزايدة في حال عدم التصدي لها بشكل عاجل، مع تشديدهم في الوقت نفسه على وجود فرص ومفاتيح مهمة لتجاوز هذه التحديات.
ضمن هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي رازي محيي الدين إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد السوري، معرباً عن مخاطر تفاقهما إذا لم تتم معالجتها بشكل عاجل، لكنه في الوقت ذاته أبدى تفاؤلاً بشأن إمكانية تجاوزها.
رواسب سابقة
واستهل الخبير محيي الدين حديثه بتعريف “الهم الاقتصادي” على أنه حالة من القلق والترقب تجاه التهديدات المستقبلية والمشكلات الحالية، مؤكداً أن الاقتصاد السوري يعيش تحت وطأة مجموعة من هذه الهموم، التي تمثل في معظمها رواسب مرحلة سابقة تسببت في انكماش الاقتصاد بنسبة لا تقل عن 85 بالمئة مقارنة بما كان عليه قبل عام 2011.
الخبير والمستشار الاقتصادي الدكتور عامر خربوطلي أشار إلى أبرز الهموم الاقتصادية للاقتصاد السوري، مبيناً أنه في أولها بطالة متصاعدة، مبيناً أن معدلات البطالة المرتفعة تشكل هماً رئيسياً، خاصة بين الفئة القادرة والراغبة في العمل والتي لا تجد فرصاً مناسبة من حيث الدخل والأجور، ورأى أن حل هذا الهم مرهون بجذب الاستثمارات العربية والأجنبية، وافتتاح فروع ووكالات ومصارف جديدة، وما يصاحب ذلك من عمليات تدريب وتأهيل للقوى العاملة.
كما أشار خربوطلي إلى الهم الآخر هو عدم استقرار سعر الصرف، إذ عبر الخبير عن قلقه البالغ من عودة عدم الاستقرار في سعر صرف الليرة السورية وارتفاعها إلى مستويات تهدد القوة الشرائية للمواطنين.
واقترح معالجة هذا الأمر عبر إجراءات نقدية واقتصادية منسقة لضمان سعر صرف مستقر وعادل، يعكس قوى العرض والطلب الحقيقية، ويعيد الثقة بالعملة المحلية ويحد من المضاربة.
وشدد على مخاطر التضخم وارتفاع الأسعار، إذ تم تحديد تضخم الأسعار، وخاصة للمواد الأساسية والغذائية، كهم مقلق لأغلبية السكان الذين لم يعد دخلهم يكفي لمواجهة أعباء المعيشة المتصاعدة.
وتطرق خربوطلي أيضاً إلى هموم أخرى تتعلق بالحاجة إلى تعديل القوانين والتشريعات الاقتصادية، وتسهيل الأنظمة والإجراءات لتوفير الوقت والجهد والتكلفة، مع الإشارة إلى أن التشريعات الجديدة للاقتصاد السوري التنافسي تتجه لمعالجة هذه الجوانب.
خطة علاجية
طرح الخبير محيي الدين وخربوطلي خطة علاجية تقوم على التحكم بالكتلة النقدية وخفض عوامل التكلفة المحلية والمستوردة وتأمين الطاقة ومستلزمات الإنتاج بشكل أساسي، وتمكين المنشآت المحلية من العمل بطاقات إنتاجية اقتصادية لتحقيق وفورات في التكاليف، إضافة لذلك الوصول إلى “اقتصاد الوفرة” التنافسي الذي يضغط على الأسعار نحو الانخفاض.
ورغم الاعتراف بتعدد الهموم الاقتصادية السورية، لكن خربوطلي أكد على أن الاقتصاد السوري “يمتلك جميع مفاتيح الفرج وأدوات الاستقرار والطمأنينة”، معرباً عن الأمل أن القادم أجمل.