سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:30/10/2025 | SYR: 20:55 | 30/10/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


 الحالة المرضية الأخطر ..
دول لاتكترث لمؤشرات التنمية البشرية .. بل لاتعنيها إلى درجة حجب مصادرها ..
30/10/2025      



سيرياستيبس 

كتب الخبير في الاقتصاد السياسي عبد الحميد القتلان : 

تمتاز معظم الحكومات في الدول النامية بحالة مرضية عامة، حيث أنها تمتنع عن تقديم مؤشرات تنمية بشرية عن حال بلدانها ، كما أنها تتجاهل نتائج هذه المؤشرات التي تقدمها منظمات متخصصة مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة الشفافية العالمية ، وقد يصل بها الحال إلى حجب المواقع الإلكترونية لهذه المنظمات، ومن جانب آخر ترفض الاعتراف عن وجود عجز حكومي في معالجة قضايا التنمية وتقاوم أي محاولة من قبل أي جهة لتقديم المساعدة مثل المنظمات غير الحكومية  أو مؤسسات المجتمع المدني بحجة تهديد السيادة  أو إنكار وجود مثل هذا العجز أصلا.
مما يؤكد هذه الرؤية هو قوانين تنظيم المنظمات غير الحكومية في هذه الدول، حيث نجد أن هذه القوانين وضعت للحد من نشاطها، وغالبا ما يتم تحسين بعض ظروف نشاطها نتيجة ضغوط دولية خارجية حيث يتم مراجعة بعض القوانين الخاصة بتنظيمها أو التغاضي عن نشاطها دون تغيير القوانيين، وكثيرا ما تسمى هذه المنظمات رسميا باسم "الجمعيات الأهلية" وذلك للتقليل من شأنها ودورها حيث توحي هذه التسمية إلى أنها نوع من التعاون الشعبي  الذي يقوم به الأهالي لحل المشكلات الأهلية التي يعاني منها أحد الأحياء أو المناطق في حين أنه من المفترض ان تتمتع بكيان حقيقي وشخصية اعتبارية واستقلالية ويفترض أن يعول عليها دورا أساسيا في التنمية الملحة في العالم العربي.
نظرة إلى الواقع الحالي في الدول العربية:
قدمت  الحكومات العربية مؤشرات تنمية بشرية متواضعة سواء بالنسبة لإمكاناتها الاقتصادية أو على مستوى العدالة بين الجنسين أو تبعا للمناطق الجغرافية في نفس البلد حيث تنخفض المؤشرات بشدة بالنسبة للمرأة مثلا أو في المناطق البعيدة عن المدن الكبيرة ،فقد بلغ مقياس تمكين المرأة في دليل مؤشرات التنمية البشرية الصادر عن البنك الدولي لعام 2006 في السعودية 0.242 بترتيب 74 عالميا بينما بلغ المؤشر 0.58 وترتيب 39 عالميا في دولة فقيرة مثل البيرو، أما في مصر فقد بلغ 0.262 وترتيب 73 عالميا.
كما أن الدول النامية الغنية تظهر مؤشرات تنمية بشرية أقل من دول تعتبر فقيرة بمواردها فبالنسبة لمعدل الإلتحاق بالمدارسة الثانوية في المملكة العربية السعودية فقد بلغ 52% بينما بلغ في الأردن 81% وفي سورية 58%.
أما بالنسبة لدليل الفقر البشري الصادر في  تقرير التنمية البشرية من قبل البنك الدولي لعام 2009،  فقد بلغ في المملكة العربية السعودية 12.1 وبترتيب 53 عالميا وبلغ في الأردن 6.6 وبترتيب 29 عالميا وبلغ 12.6 وبتريب 56 عالميا في سورية.
معوقات نشاط وازدهار المنظمات غير الحكومية:
يعتبر الجانب القانوني هو العامل الأكبر الذي يعيق نشاط المنظمات غير الحكومية في الدول النامية، حيث غالبا ما يتم التعامل مع المنظمات غير الحكومية كتهديد محتمل لوظيفة الدولة ومفهوم السيادة حيث يتم تقييد نشاط هذه المنظمات من خلال القانون من خلال عدة جوانب:
• الفترة التي تحتاجها المنظمة لللترخيص غير محددة زمنيا:
 كما في سورية  ،أما في السعودية فإن إنشاء مثل هذا المنظمات يحتاج إلى مرسوم ملكي ، ويوجد في المقابل فترة زمنية محددة (30-60 يوم) مثل الجزائر والأدرن والمغرب ومصر حيث يعتبر المنظمة مرخصة في حال عدم رد الجهة المختصة خلال هذه المدة.
• إلغاء ترخيص نشاط المنظمة دون الرجوع للقضاء:
يكفي لحل المنظمة إصدار قرار من الجهة التنفيذية المختصة سواء كانت وزارة الداخلية أو وزارة الشؤون الاجتماعية ،كما في مصر حيث يتم ايقاف نشاط المنظمة دون اللجوء للقضاء مع الاحتفاظ بحق المنظمة في الاستئناف عبر القضاء والذي قد يتطلب سنوات للحصول على قرار استئناف  نشاط عمل المنظمة بدون تعويضات، أما في سورية  والأردن والمغرب فيمتلك وزير الشؤون الاجتماعية الحق في ايقاف نشاط الجمعية الأهلية دون إبداء الأسباب كما يمتلك القدرة على حل مجلس إدارة الجمعية وتعيين رئيس جمعية جديد من قبله أو مجلس إدارة مؤقت،  وفي العراق أيضا تمتلك الحكومة الحق في إلغاء ترخيص الجمعيات دون اللجوء للقضاء مع عدم القدرة على الاستئناف.
• لائحة النشاطات غير المسموحة غير واضحة:
اللائحة التي تحدد النشاطات الغير مسموحة للمنظمات في القوانين التي تصدرها الحكومات لتنظيم نشاط الجمعيات والتي تستوجب حل هذه المنظمات غير واضحة  وتحتمل التأويل وهي خاضعة لوجهة نظر السلطة التنفيذية ، كما أن قضايا الاصلاح السياسي ممنوعة في كافة الدول العربية مثل موضوع مكافحة الفساد ومراقبة النشاطات الحزبية أو المشاركة بها.
• العقوبات القاسية:
كثيرا ما تنص قوانين تنظيم المنظمات غير الحكومية على عقوبة السجن التي قد تصل إلى السجن لمدة 5  سنوات كما في المغرب في حال مخالفة قوانين تنظيمها، وغالبا ما يتم تطبيق العقوبة دون إمكانية الاستئناف أو اللجوء للقضاء.
• عدم استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية: 
مثلا عملية استصدار قرار قضائي بحل الجمعية في الجزائر من قبل وزارة الداخلية تتم بشكل روتيني وسلسل وبسهولة كبيرة دون الحاجة لوثائق أو مستندات تذكر.
• الاستقلال الذاتي: 
لا تتمتع المنظمات غير الحكومية بالاستقلال الذاتي حيث تمتلك الجهات الحكومية المشرفة الحق في ارسال مندوبين لحضور أو مراقبة أي اجتماعات أو انتخابات أو إلغاء نتائجها.
• التمويل الخارجي:
معظم القوانين العربية تفرض قيودا وتشترط موافقة مسبقة في حال رغبة المنظمات غير الحكومية في الحصول على تمويل خارجي، مما يحد بشكل كبير من حجم ونوعية نشاطها.
• غياب المحاكم المتخصصة بنشاط المنظمات غير الحكومية: 
لا يوجد محاكم خاصة بهذه النوع من النشاطات كما أن القوانين الخاصة بها غير واضحة وتحتمل التأويل ويعود تأويلها للقاضي ، إضافة إلى أن القضاة غير مدربين على هذا النوع من القضايا.

ومن الجدير بالذكر أن دولة عربية جيدة من حيث نشاط المجتمع المدني  مثل لبنان لا تمتلك قانون حديث للمنظمات غير الحكومية ، حيث  تخضع المنظمات غير الحكومية اللبنانية لقانون الجمعيات العثماني الصادر عام 1909وهو قانون سبق ظهور الشرق الأوسط الحديث وحتى الدستور اللبناني الذي صدر عام 73 1926 . ينطوي القانون على مفارقات تاريخية كثيرة، ويشير بشكل متكرر إلى سلطات ووزارات الإمبراطورية العثمانية التي لم تعد موجودة!

في النتيجة وبعد مراجعة هذه القوانين نجد أن معظم الحكومات تتعامل مع المنظمات غير الحكومية على أساس  أنها شرا لا بد منه فرضه المجتمع الدولي و التقيد الظاهري بمفاهيم الحداثة، وإضافة إلى ذلك، كثيرا ما تتمتع المنظمات غير الحكومية الخارجية بظروف نشاط أفضل من المنظمات المحلية ، مدعومة بذلك من المجتمع الدولي.

الجانب الآخر الذي تعاني منه المنظمات غير الحكومية هو الجانب التنظيمي حيث تحتاج هذه المنظمات إلى خبراء في مجال تنظيم وإدارة الأعمال ودورات تدريبية معيارية لتدريب الكوادر والرفع من جودة العمل ، لكن يعتبر هذا العامل سهل التعامل معه نوعا ما ومن الممكن تجاوزه بسهولة بالمقارنة مع الجانب القانوني.
كيف يمكن انتقال الحكومات من حالة ضبط وتقييد الجمعيات غير الحكومية إلى حالة الرعاية:
من المسلم به أن ازدياد احتياجات المجتمعات التنموية الحديثة  جعل من الصعوبة على الحكومات تأمين هذه المتطلبات أو الحفاظ على جودتها، مما جعل الاعتماد على المنظمات غير الحكومية أمرا ملحا وخاصة في حالة الدول التي تعاني من أزمات وكوارث، لكن المحاذير التي تأخذها الحكومات هو كيف يمكن جعل هذه المنظمات تعمل بشكل مفيد ومتساير مع رؤية الحكومات؟
في الواقع هذا السؤال يحتاج إلى إجابتين: الأولى هو أنه ليس من الضروري أن تكون الحكومات على دراية كاملة باحتياجات المجتمعات وخاصة في المناطق المهملة أو التي تحظى بأولويات حكومية منخفضة وبالتالي ليس من الضروري أن تلتزم المنظمات غير الحكومية بكامل الإرشادات الحكومية ، ومن هنا يأتي دور هذه المنظمات في تنشيط التنمية في هذه المناطق من جهة وتنبيه الحكومة حول واجبها من جهة أخرى.
أما الإجابة الثانية فهي أن الحكومة تمتلك قدرة كبيرة على ارشاد نشاط هذه المنظمات من خلال الرعاية، فمثلا في حال أنها ترغب في إنشاء مدارس في مناطق نائية لكنها لا تمتلك التمويل اللازم ، فيكفي عندها أن تقدم الأرض للمشروع وتتيح للمنظمات غير الحكومية البحث عن التمويل اللازم لإنشاء هذه المدرسة ، وإذا نظرنا إلى الموضوع بصورة أوسع من الممكن أن تقدم الحكومة مساعدات مالية للمنظمات غير الحكومية التي تمارس نشاطات تنطبق مع خططها التنموية في مناطق معينة ، وبالتالي ستساهم في إرشاد هذه المنظمات على العمل بالتوازي مع الأهداف الحكومية.
من جهة أخرى إن رعاية المنظمات غير الحكومية وتشجيعها يساهم في تأمين فرص عمل  للعاطلين، فعلى سبيل المثال بلغ عدد العاملين في المنظمات غير الحكومية بدوام كامل عام 1999 في مصر 630 ألف عامل ووصلت نفقات المنظمات غير الحكومية 1.5 مليار دولار، مما يعطي فكرة عن الدور الذي يمكن أن تمارسه في التنمية.
في النهاية إن حجم الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية وخاصة سورية الحبيبة، يحتم عليها التفكير بطريقة جدية وخلاقة وجريئة تتيح لها الاستفادة القصوى من الموارد البشرية والإمكانات المتاحة والاستفادة من تجارب دول ذات خبرة في هذا المجال، وفي النهاية يبقى الدور الحكومي هو الأساس في نجاح هذه التجربة، والخوف من الممارسات الجديدة بحجة الخشية من الخطأ وتحمل المسؤولية لن يسبب إلا مزيدا من الأزمات والمشاكل...


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس