تكريماً لراعي القطاع الزراعي وراعي التطور العلمي والحداثــة

دمشق – سيريا ستيبس :

رغم ما تمثله الزراعة السورية من أهمية في توفير الأمن الغذائي للبلاد ، وثقلها في بنية الاقتصاد السوري ، وامتداد جذورها بعيدا في التاريخ ، فإنه لا يتوفر في البلاد حتى تاريخه سوى متحف زراعي يشغل شقة سكنية في منطقة الحلبوني بمدينة دمشق يعود إحداثه الى عام 1961 . وهو غير قادر على حفظ وصيانة الإرث التاريخي والحضاري الهائل للفلاح السوري . علما انه سبق وجرت محاولات لإقامة متحف زراعي جديد على طريق مطار دمشق الدولي إلا أنها لم تر النور حتى اليوم .

• وجدت أقدم آثار للقمح المزروع في العالم في منطقة تل أبو هريرة في محافظة الرقة في سوريا حيث نما أولاً وتمت زراعته قبل 10000 سنةٍ تقريباً (بحدود عام 7600 قبل الميلاد).

• نشط الأوغاريتيون بالزراعة ، وكانت الأعمال الزراعية تشغل دوراً رئيساً في حياتهم وقرب اللاذقية ، تم العثور على 3557 رقيم فخاري بعضها احتوى نصوصاً ذات طابع علمي أو موسوعي ومنها رقيم كبير فيه أسماء الأسماك والطيور المعروفة آنذاك . وكانت حيواناتهم الداجنة البقر والضأن والمعز. وزرعوا الحنطة والشعير والعدس والكتّان ، وجمعوا ثمار الزيتون واللوز والفستق والتين .

هذا ما صرح به المهندس عبد الرحمن قرنفلة الخبير في الإنتاج الحيواني وأضاف : أن من المقاييس الحضارية لتقدم الدول هو عدد متاحفها ونوعيتها ، حيث ان المتحف مركز ثقافي وعلمي وتربوي وتعليمي ينشر المعلومات التخصصية والاقتصادية في البلاد ويعمل على خدمة المجتمع من خلال قيامه بجمع وحفظ وعرض وصيانة التراث الحضاري والتاريخي الإنساني والطبيعي على مر العصور التاريخية المختلفة. ويعتبر التراث المحفوظ في المتاحف عاملاً وأداة للحوار بين الأمم ولرؤية دولية مشتركة ترمي إلى تحقيق التنمية الثقافية ، علماً أن هذه التنمية قد تختلف بشكل كبير من حيث طبيعتها وشكلها وفقاً للإطار التاريخي والثقافي.

تنمية روح الانتماء للوطن

 من خلال المتاحف أيضاً يتعرف الناس على الموروث الثقافي للشعوب والعادات والتقاليد ، إلى جانب دورها في تنمية روح الانتماء للوطن ، كما أن زوار المتحف يشعرون بزيادة معلوماتهم وبتطوير تفكيرهم. كما أصبح للمتاحف أيضاً دور في التفاعل بين الثقافة والطبيعة ، حيث يقوم عدد متزايد منها بتركيز اهتمامه على العلم والعلوم الطبيعية والتكنولوجيا . 

وأضاف قرنفلة : يعتبر تاريخ الشرق الادنى بوجه عام حلقة اساسية في دراسات نشوء الحضارات الاولى ، وغوطة دمشق أقدم قرية زراعية بالتاريخ... وقطنا طوّرت طرق الري منذ 9000 عام والتنقيبات الأثرية في العديد من التلال بين بحيرتي العتيبة والهيجانة قرب دمشق / تل الغريقة ، تل الرماد ، تل الخزامى / أكدت معرفة الزراعة في هذه المنطقة منذ مطلع الألف الثامن ق.م. أي قبل أي منطقة أخرى من العالم . حيث عُثِرَ فيها على كميات كبيرة من حبوب القمح النشوي والقمح القاسي والشعير والحمص والعدس ، وبناء على تحليل الكربون المشع/c14/ ثبت أن عمر الاستقرار البشري في هذا الموقع يعود للفترة الزمنية الواقعة بين 7790 و 6690 قبل الميلاد.

 وتعتبر مملكة إيبلا على وجه الخصوص إحدى اهم المراكز الحضارية في منتصف الالف الثالث قبل الميلاد بالمنطقة ، ونظرا لبروز النشاط الزراعي كمعيار لمدى الاستقرار ، وعاملا اساسيا من عوامل الازدهار يؤثر على كافة مجالات الحياة ، ولعل انتاج القمح والزيتون و كذا الشعير والصوف والجلود لم يشكل محاصيل زراعية استهلاكية فحسب بل افضى الى تطور منظومة صناعية تخصصت في تحويل هذه المواد الاولية الاستراتيجية الى منتجات نافست بها مملكة ايبلا دول الجوار ومكنتها من فرض سيطرة سياسية على شكل امبراطورية قوية ، وكان احد اهم عناصر قوتها اقتصادها القوي .

كما دجَّنَ الفلاح السوري البقر والماعز والغنم والغزال ، وصنع السكان القدامى تماثيلها من الطين المشوي بالنار أو المجفف أو الحجر.

 وفي النصف الثاني من الألف السابع ق.م كان نشوء مستوطنة تل الرماد في سفوح الجبال قرب قطنا حالياً حيث زرع سكانها الكتان وهو نبات بحاجة إلى ري منتظم مما يشير إلى أنهم استطاعوا تطوير طرق لجر المياه إلى حقول الكتان . 

متحف زراعي عصري على ارض بساتين ابو جرش :

وأكد قرنفلة : أن اقتصادنا حتى اليوم هو اقتصاد زراعي بامتياز لذلك على المنظمات والهيئات الأهلية والاتحاد العام للفلاحين التعاون والمبادرة الى تأسيس متحف زراعي عصري في تصميمه يضم الآثار الزراعية السورية يليق بهذا الإرث التليد وذلك بالتعاون مع المجتمع الأهلي من خلال شراكة سورية لصيانة الارث الحضاري الزراعي السوري ، ودون تحميل الحكومة أية نفقات مالية ، واقتصار دورها على الدعم الفني من تصاميم وتراخيص وغيرها وتخصيص مساحة من البارك الشرقي في بساتين ابو جرش ليتكامل مع كلية الهندسة الزراعية وحديقة الحيوان، وبما لا تقل مساحته عن 300 دونم على ان يضم اضافة الى صالات العرض التخصصية مكتبة زراعية ومعشباً يحافظ على النباتات السورية ومختبراً لحفظ الاصول الوراثية النباتية والحيوانية ، ولا يمنع من الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الدول الصديقة والشقيقة بهذا المجال . وتكريماً لراعي القطاع الزراعي وراعي التطور العلمي والحداثــة في هذا الإطار السيد الرئيس بشار الأسد من الوفاء أن يسمى المتحف بـ ( متحف الأسد الوطني للزراعة)

المتاحف.... ذاكرة الشعوب الحية وتراث الإنسانية الخالد

وأشار قرنفلة في تصريحه الى ان المتـحف نافذة على الحضارة.. وذاكـرة التاريـخ وقد عرف موقع منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم "اليونسكو" المتاحف بأنها مؤسسات دائمة غير ربحية ، تعمل لخدمة المجتمع وتطويره ، كما أنها مفتوحة للجمهور ، والمتاحف تستطيع امتلاك الإثباتات المادية للسكان وبيئتهم المحيطة ، حيث تعمل على حفظها وإجراء بعض البحوث العلمية بشأنها ، كما تكون المتاحف مع التراث الأثري ما يُعرف بـ«التراث العالمي»، ويصل عدد المتاحف في العالم إلى ما يقرب من 55 ألف متحف .

وتبرز أهمية المتاحف كونها تشتمل على معلومات تاريخية وحضارية ، تساعد المواطنين والباحثين على فهم تاريخ أمتهم ، فهي نوافذ ثقافية تطل على الأمس ، ومفتاحاً لثقافة المجتمع ،وتضم المعروضات والأشياء الثمينة لحمايتها ، وعرضها ، والاطلاع عليها ، وهى أحد وسائل الاتصال ، التي تعرض ثقافة وتاريخ وآثار وتقاليد حياة الشعوب ، وتُظهر المتاحف علاقة الحاضر بالماضي ، والمتاحف في العلم الحديث أصبحت مركزاً علمياً مهماً يُسهم في نشر وإبراز المعرفة ، والعلوم والتعريف بالتراث الإنساني في جميع المجالات

المجلس الدولي للمتاحف :

واضاف قرنفلة : أنشئ المجلس الدولي للمتاحف عام 1946، وهو منظمة غير حكومية يشتمل دورها على وضع معايير مهنية للمتاحف ، وتعزيز التدريب وتطوير المعرفة ورفع مستوى الوعي العام ، حول أهمية المحافظة على التراث ،من خلال شبكة من المتاحف التي هي جزء من "أيكوم"، المنظمة العالمية للمتاحف ( International Council of Museum ) ، التي تضم أكثر من 32 ألف عضو من الخبراء العاملين في المتاحف من 136 دولة وإقليم حول العالم .

طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق