سيرياستيبس
زينب محسن سلوم
يتكرّر دائماً الحديث عن أساليب زراعية متوارثة بين الفلاحين، وأساليب
مبنية على العلم والتجربة تحدّد من الجهات البحثية والزراعية، وخاصةً ما
يتعلّق بموضوع تحديد كميات الأسمدة، كما تصطدم الأسمدة بالعديد من العوائق
وعلى رأسها صعوبات استيرادها من قبل القطاع الخاص لتأمين احتياج السوق
المحلية منها، ومشكلة المواصفات والنوعيات المنتشرة في أسواقنا ومطابقتها
لمعايير الجودة والاعتمادية، ناهيك عن انتشار كميات منها ضمن السوق السوداء
بأسعار مرتفعة ترهق كاهل الفلاح.
المهندس طارق نابلسي عضو لجنة الأسمدة في غرفة زراعة دمشق أشار في حديث
لـ”البعث” إلى أن عمليات الزراعة تتمّ لدينا بالاعتماد على التجارب
والموروث الزراعي والتقاليد بالدرجة الأولى لأننا مجتمع زراعي، لكن وفي
الوقت ذاته لا بدّ من الاطلاع على تجارب وزارة الزراعة والهيئة العامة
للبحوث العلمية الزراعية وتبنيها فيما يتعلق بالأسمدة ومقاديرها، ضمن
المعطيات الجديدة والأخذ بالأسلوبين معاً، وخاصةً في ظلّ الظروف الراهنة،
فالمزارع اعتاد إضافة كمية مضاعفة بالمقارنة مع تلك التي تحدّد من الزراعة
والبحوث للحصول على إنتاجية أكبر وربما لمواءمة نوع تربة أرضه، أما الآن
فالأسمدة قليلة وسعرها مرتفع ولا مجال للهدر في كمياتها.
ولفت عضو اللجنة إلى أن عملية استيراد الأسمدة من القطاع الخاص تصطدم
بعوائق خارجية، مثل العقوبات الأحادية الغربية المفروضة على الشعب السوري،
كما لم يعد بإمكاننا الاستيراد من الدول الأوروبية، حيث تتمّ عمليات
الاستيراد من الدول الصديقة كالصين، ونتعرّض لتأخير في زمن عمليات الشحن.
أما على الصعيد الداخلي فبيّن المهندس نابلسي أن دعم تمويل عملية استيراد
الأسمدة يعرقل استيرادها، خاصة وأنها مادة مهمّة ويحتاج القطاع الزراعي
كميات كبيرة منها لتغذية معظم المحاصيل ورفع إنتاجيتها، سواء أكانت
استراتيجية كالقمح والقطن أم خضاراً أو شجرية، مطالباً بتسهيل عملية النقل
داخلياً، ومؤكداً التنسيق التام بين اتحادات غرف الزراعة ووزارة الزراعة
لحلّ جميع مشكلات المستوردين.
وحول تساؤل “البعث” عن مواصفات الأسمدة المستوردة وضبط نوعياتها، بيّن
نابلسي أن القرار 115/ت الصادر عن وزارة الزراعة هو الناظم لمواصفات وجودة
ونوعية الأسمدة، سواء أكانت مصنّعة محلياً أم مستوردة، والمتضمّن “تعليمات
اللصاقة، نسب العناصر، مطابقة التحاليل” وما يتبع ذلك من عملية الإفراج
عنها، مؤكداً أن القطاع الخاص ينطلق من غاية تلبية الاحتياج المحلي
المتزايد من الأسمدة، والعمل على إدخال نوعيات جديدة منها، وذات مردود
أكبر، وتكلفة أقل، مع العمل الحثيث على إدخال الأفكار والتجارب الحديثة في
هذا المضمار واستخدامها في مدخلات الإنتاج الزراعي لتوفير الكلف ورفع
الإنتاجية، مثل سماد الدود “فيرمي كمبوست” الذي أدخلت فكرته إلى البلاد
مؤخراً وتمّ البدء بإنتاجه محلياً، والأسمدة “النانوية”، التي تعتبر من
التقنيات الزراعية الواعدة عالمياً، لما لها من أثر هائل في رفع إنتاجية
الزراعة عموماً.
وأضاف: في مجال المحاصيل الاستراتيجية التي تعتمد فقط في الوقت الراهن
على اليوريا والسوبر فوسفات، نسعى لإدخال مجموعة جديدة من المدخلات عالية
الآزوت وبطيئة التحلّل بالتربة والغسل بالأمطار والمياه، والأهم من ذلك
تلبية الاحتياج من كميات السماد لجميع الفلاحين مهما زادت الصعوبات وشُدّدت
العقوبات.
وأوضح عضو لجنة الأسمدة في غرفة زراعة دمشق أن الكميات الموزعة من
الأسمدة للفلاحين ومهما جرت بالحدّ الأدنى في ظل الظروف الراهنة، إلا أنها
تحقق فائضاً يتمّ بيعه في السوق السوداء، وهذا أمر قد لا يسبّب مشكلات
كبيرة، موضحاً حرص وزارة الزراعة على عدم توزيع السماد المدعوم أو أي مواد
مدعومة أخرى إلا بموجب تنظيم زراعي وكشف حسي يجري على الأراضي من قبل لجان
الكشف الحسي والإرشاديات الزراعية وبحضور شهود إثبات. وتابع: لكن المشكلة
الكبرى تكمن في وجود كميات من السماد المهرّب والمغشوش والمخالف للمواصفات
ضمن السوق السوداء، مؤكداً الدور المهمّ للضابطة العدلية في وزارة الزراعة
في عملية ضبطها، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين أصولاً.