عندما يُعرف السبب يبطل العجب”، هذه المقولة يمكن أن نلمسها في سهل
الغاب الذي يعتبر أهم الوجهات الأساسية للاستثمار والزراعة، غير أن التناقض
الحاصل فيه يثير الدهشة فهو يغرق في الشتاء من الهطولات المطرية الكثيفة
ويعطش صيفاً. مئات الملايين المكعبة من الأمطار تذهب هدراً في البحر دون
استثمارها، بالتالي يمنع الفلاح من زراعة أهم وأفضل المحاصيل ، فعلاوة على
خروج السدود عن الخدمة فإن مشاريع السدّات المائية لا تعطي النتيجة
المبتغاة، ورغم الإدراك أن “السهل” الفرصة المناسبة حالياً للاستثمار
والزراعات، لكنه للأسف لا يزال بعيداً عن الاهتمام الحكومي المطلوب لأسباب
مجهولة!.
“البحر” من يبلع الماء
مدير الهندسة والشؤون الفنية في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب مصطفى
المحمد حذر في تصريح لـ “البعث” من التهديد الذي قد يحصل على الحوض الساكب
بسهل الغاب في مواسم الري، حيث يكون الاستهلاك أكثر من الهطول المطري
لاسيما عند تشغيل الآبار المتواجدة في منطقة الطار وعددها 6000 بئر وهي
متوقفة الآن، مبيناً أن السهل يتعرض لشدّات مطرية خلال فترة زمنية قصيرة
تؤدي لغرق الأراضي الزراعية، لعدة أسباب منها المصارف فهي لا تستوعب كميات
الأمطار التي تهطل خلال هذه الفترة إضافة لكون الحوض الساكب على الشريط
الغربي صغير بالنسبة لشدة الهطولات بالتالي نشهد سنوياً حالة من الغرق
شتاءاً والجفاف صيفاً ، وهذه المياه العائمة تذهب تلقائيا بعد انقضاء 24 أو
48 ساعة أي بعد أن يخف الهطول المطري، أما بالسنوات الرطبة وعندما تكون
الشدّات المطرية غزيرة وطويلة يتم تصريف المياه عبر بوابات القرقوق باتجاه
البحر ويتم هدر حوالي المليار و300 مليون م3 سنويا ، في السنين الجافة تكون
كميات الأمطار قليلة يتم تصريف حوالي 400 مليون م3 وهو أيضا رقم هائل،
بالنتيجة والقول –لمدير الشؤون الفنية- نحن لا نستثمر ولا نقطة ماء ومنذ
الخمسينيات لا يوجد أي مشروع متكامل لإرواء سهل الغاب!.
النقل الميكانيكي للمياه
ولحصاد جزء من الكميات المهدورة واستثمارها في ري الأراضي الزراعية، طرح
مدير الهندسة فكرة النقل الميكانيكي للمياه وهي عبارة عن نقل مياه الأمطار
إلى الحوض الجوفي الرئيسي الذي تهدده آبار الطار في السلسلة الشرقية وهي
المسؤولة عن تغذية الحوض الجوفي إضافة لسلسلة مصياف، والنقل الميكانيكي
يساعد على نقل الماء في الفترة المطرية التي تشبه أيامنا هذه ، إضافة
لإمكانية حفر آبار في السلسلة الشرقية لتغذية الحوض ، مؤكداً على وجود
مناطق مناسبة للحفر وبكثرة ، علاوة على ذلك يمكن أيضا استثمار المضخات
المتوقفة التي تم استقدامها إلى بعض القرى في السهل للضخ على السدود التي
لم يتم تكتيمها على غرار سدي دير شميل وسلحب وهما سدان غير كتيمان يتم
استخدامها لتغذية المياه الجوفية وهذه المشاريع جميعها تصب في مجال حصاد
الأمطار بالزمن والمكان المناسبين، وأسف المدير “المحمد” من عدم استثمار
الأمطار الهاطلة في سهل الغاب صيفاً وربيعا سواء بالخزانات على الشريط
الغربي أو عبر بوابات فوق مجاري الينابيع والمصارف الرئيسية، ورغم وجود
بوابات وإنشاء منظم في بلدة مرداش لم يكتمل المشروع رغم بدء العمل به من
قبل المتعهد لفترة من الزمن دون معرفة أسباب توقفه .
مشاريع مهمة
وفيما يتعلق بالسدود أشار مدير الهندسة والشؤون الفنية في الهيئة العامة
لإدارة وتطوير الغاب إلى أنه من بين 3 سدود هناك سد واحد يعمل وهو سد
أفاميا لكن لا يخزَن فيه أي نقطة ماء، أما سد B الذي يخزَن 38 مليون م3 وA
الذي يخزن 27 مليون م3 فكمية التسرب فيهما عالية جداً وهما خارج الخدمة ،
وفيما يتعلق بالمصارف القريبة من الأراضي الزراعية فهي تخزن في حال
استثمارها 7 مليون م3 ، وعن مجاري الينابيع والأنهار فقد نوه مدير الهندسة
إلى إمكانية تهذيبها وتعميقها وإنشاء بوابات عليها ، وعلى ما يبدو فأن
السدّات المائية التي “تتغنى” فيها وزارة الموارد المائية بكل مناسبة غير
مجدية فعدا عن كونها ذات نتائج ضعيفة فهي تحتاج عند إنشاءها لمساحات زراعية
كبيرة وربما لانزياح بعض القرى ومثال على ذلك الخزانات الشبيهة بالسدّات
التي أنشئت بأراضٍ زراعية بقرى أبو فرج وبالرجوم وبناعور شطحة وجورين،
فالواحدة منها تخزن فقط 10 مليون م3، ولأن الهيئة العامة لإدارة وتطوير
الغاب هي أول من طرح إحداث الخزانات المائية مع الشريك الإيراني على نهر
البارد ، فهي قادرة بحسب المدير الهندسي على إنشاء خزانات مشابهة على
الينابيع الشرقية في قلعة المضيق وعين الطاقة والحمرا والحويز وهذا ليس
مجرد كلام عبثي- بحسب المحمد- فالفرصة متاحة للكشف على أرض الواقع وإجراء
الدراسات المناسبة لها.
نجوة عيدة