ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:24/12/2024 | SYR: 20:33 | 24/12/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 الفلاحون يصارعون الغلاء..ووزارة الزراعة تعالج بالندوات وورشات العمل!!
14/02/2024      


سيرياستيبس :

رغم كلّ ما يصدر عن وزارة الزراعة من تصريحات وتأكيدات في عديد المناسبات عن دعم القطاع الزراعي وضرورة إصلاحه، لكن الواقع الحالي لأغلب الفلاحين والمزارعين وحتى مربي الثروة الحيوانية، يؤكد أن وضعهم “تعبان” ولا يرتقي لمستوى الحدّ الأدنى من الوعود المعسولة التي لم ولن تمنع عنهم حرارة حمّى الغلاء التي أصابت كل تكاليف ومستلزمات الإنتاج، بدءاً من الحراثة مروراً بالبذار والغراس والأسمدة والمبيدات وصولاً إلى التسويق الظالم، فهو غير منصف لجهودهم، كونه لا يتناسب مع التكاليف الحقيقية!.

بالقطارة!
“نعم الدعم الورقي أو الكلامي المعنوي موجود وبكثرة، أما الفعلي فهو بالقطارة ولا يفي بالغرض مقارنة بتكاليف الإنتاج”، كلمات لا يتردّد بقولها غالبية إن لم نقل كل الفلاحين في مختلف المناطق، فهم لا يأخذون من الدعم “إلّا أذنه”، حتى عندما تتعرض مواسمهم للكوارث الطبيعية الخارجة عن الإرادة لا يجدون الجهات المعنية في موقع الداعم الحقيقي، وأكبر دليل، هو مبلغ التعويضات الذي قدّمته الحكومة للمتضررين من المزارعين في سهل عكار والبالغ ستة مليارات ليرة، وبشهادة الفلاحين من أبناء المنطقة أن خسائرهم تفوق المبلغ المذكور، وبلغة الأرقام هناك 3750 بيتاً بلاستيكياً زراعياً تضررت جرّاء فيضانات سهل عكار، وهو مبلغ يراه المتضرّرون غير كافٍ وعادل قياساً بكلفة إنشاء البيت الزراعي عدا عن المحصول التالف، وبعضهم تساءل باستغراب: ما هي الأسس والمعايير التي اعتمدتها لجان حصر الأضرار لتقرّر هكذا مبلغ؟!.

عبء ثقيل
ويرى العديد من الفلاحين أنهم يحتاجون لسنوات لتعويض خسائرهم التي منيوا بها في سهل عكار، وهو ما يشكّل عبئاً ثقيلاً عليهم في ظل الغلاء الفاحش لمستلزمات الإنتاج، معربين عن صدمتهم من ضحالة الدعم الحكومي في مواجهة الكارثة التي من الممكن أن يتعرّضوا لها في كل شتاء، عدا عن الجفاف.
حال الفلاحين والمزارعين في مختلف المحافظات لا يختلف عن مزارعي طرطوس، وهم عاتبون لدرجة كبيرة على اتحادهم، ويرون أنه لا يدعم كثيراً مطالبهم في توفير دعم حقيقي لمواجهة غلاء أسعار البذار والأسمدة والأدوية والحراثة والنقل والتسويق وكل ما يتعلق بالعملية الزراعية.

حوار شكلي
وعلّق بعضهم على ورشة العمل الأخيرة التي أقامها الاتحاد العام للفلاحين حول “دور الدولة في دعم القطاع الزراعي والفلاح السوري والدعم الأكثر جدوى”، مشيرين إلى أن ما جرى في الندوة كلام مكرّر لحوار شكلي حول مشكلات ومتطلبات القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، وبرأيهم أن الحاضرين في الورشة نسوا أو تناسوا الالتزامات بالوعود التي أطلقوها مراراً وتكراراً!.
وفي أحاديث مع عدد من رؤساء الجمعيات الفلاحية لمسنا لديهم انتقاداً لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، واتحاد الفلاحين وكذلك اتحاد غرف الزراعة، فحسب قولهم إن تلك الجهات دائماً تكرّر في كل اجتماع كلاماً يدور في فلك تقديم “مقترحات جديدة لدعم الفلاحين، من خلال تقديم مستلزمات الإنتاج في القطاع النباتي والحيواني”، متسائلين: كيف ستزهر الأرض وتعطي المواسم المرجوة والعقبات ما زالت عالقة في طريق الفلاحين؟!.

شكر.. ولكن!!
وللأمانة هناك من قدّم الشكر لوزارة الزراعة على جهودها في دعم الفلاحين، ولفتوا إلى تأكيداتها المتواصلة فيما يخصّ “وضع رؤية جديدة لتطوير استراتيجيات الدعم الزراعي لتكون مناسبة للفلاحين وتتوافق مع إمكانيات الدولة لتأمينها”، لكن هذا “الشكر” لم يخلُ من العتب، بالنظر إلى عدم جدوى الحلول الإسعافية التي لم تنجح في ردع مئات الفلاحين عن قرارهم بترك الأرض والعمل في مهن أقل كلفة وخسارة، بعد الخسائر التي يتعرّضون لها في كل موسم، إما بفعل غلاء المستلزمات وكلف جني المحصول أو نتيجة عوامل الطبيعة من جفاف وأعاصير.

محفوفة بالمخاطر
خبراء في الزراعة يؤكدون أهمية إطلاق المشاريع الزراعية التنموية في كلّ الأراضي الصالحة للزراعة، بشرط أن يتوفر الدعم الحقيقي والإدارة الصحيحة للمشاريع والتخطيط السليم والمتابعة الدورية أولاً بأول، بهكذا فقط –برأيهم- نستطيع أن ننعش القطاع الزراعي.
ولم يخفِ الخبراء أن مسيرة القطاع الزراعي محفوفة بالمخاطر إن لم يتمّ تصحيح مسار خطها بالدعم الحقيقي، بعيداً عن الحلول الترقيعية التي لن تحلّ المشكلة، بل تزيد من مخاطرها.

إعادة النظر
فلاحو سهل الغاب قالوا: لو أعطت الدولة سعراً جيداً للقمح، فلن نضطر لاستيراده، مشيرين إلى أن الأسعار المطروحة حالياً غير محفزة للعمل والاستمرار بزراعة القمح التي تمّ استبدالها بزراعات موسمية خفيفة تدرّ ربحاً أكثر من القمح، لذلك يطالب الفلاحون بضرورة إعادة النظر بالسياسة السعرية للمحاصيل الزراعية، وبمستلزماتها من سماد وأدوية وبذار والأهم المحروقات وغيرها من مستلزمات، جعلت الفلاح يئنّ من تأثير أسعارها اللاهبة!.
من جانب آخر استغرب العديد من الفلاحين حالة التخبّط في إدارة المحاصيل الزراعية، متسائلين: كيف يتمّ إصدار قرارات باستيراد بعض المحاصيل في عز موسمها، معتبرين ذلك ضربة للمنتجين!، والمشكلة أننا نعود لنستورد المادة نفسها كالبطاطا والثوم!.

باتت في خطر
الفلاحون الذين يعشقون الأرض لا يريدون كسر الجرّة، لذلك هم يتمنون من اتحادهم أن يكون وفروعه في المحافظات داعماً حقيقياً لهم، ولا يكتفي بالقول ضمن الورشة التي أقامها الاتحاد “إن مستلزمات الإنتاج الزراعي تتغيّر بشكل سريع ضمن الموسم الزراعي الواحد، والصعوبات التي تواجه الفلاحين تجعل عملية الإنتاج غير مستقرة،”، مؤكدين أن الورشات والندوات مهما تعدّدت لا تستطيع حلّ مشكلات القطاع الزراعي ومداواة جراح الفلاحين والمزارعين وتثبيت اليد العاملة الزراعية التي باتت في خطر أمام إغراء الوظائف في المدينة أو الهجرة خارج البلد!.

بالمختصر.. إن دعم القطاع الزراعي يحتاج لخطة إستراتيجية شاملة طويلة الأمد، تركز على محاور أساسية، أهمها استثمار كامل المساحات الزراعية بالعمل لا بالقول، وتشجيع الصناعات الغذائية القائمة على المنتجات الزراعية من أجل تحفيز الفلاحين، وخلق المزيد من فرص العمل للشباب في القطاع الزراعي عن طريق فتح باب الاستثمار الزراعي بشروط مرنة، وتحسين الخدمات المقدمة إلى المناطق الريفية، إضافة إلى اعتماد أحدث وسائل التكنولوجيا الزراعية والابتكار فيها.

غسان فطوم


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق