كتب الاعلامي أسعد عبود - خاص لسيرياستيبس :
دون أن يكون لما أقوله أي علاقة بالدعاية للتدخين .. ولا اي موقف مسبق مما يشاع اليوم - ولعله حقيقة - عن توجه الادارة الحكومية لإتاحة تسويق التبغ و صناعة السجاير امام القطاع الخاص و الشركات الخاصة .. اذكر بأهمية هذه الزراعة و الصناعة أيضا و من بعدها التجارة التي تدور في إطارها المليارات و كثير من الدولارات .. وتدخل عاملا فاعلا في الاسواق الخارجية و الداخلية .. و بالتالي : صحيح كل القصة و ما فيها شربة سيجارة .. لكن سأورد هنا ما يكفي للدلالة على دور هذه السيجارة و دور مؤسسة التبغ " الريجي " وهو الاسم الفرنسي لها .. مأخوذ من الأحرف الأولى للكلمات الفرنسية التي تقابل العبارة السورية "هيئة حصر التبغ و التنباك .. و تغيرت التسمية إلى المؤسسة العامة للتبغ .. و ما زالت ال ريجي .. و ما زالت تعمل وفق القرار 16 الصادر عن المفوض السامي الفرنسي .. لكن كل شيء تغير و لم يبقى من عالم السيجارة في سورية إلا المدخن و مزاجه المنكوب ..
هناك المؤسسة العامة للتبغ وهي موجودة فعلا و لم يغير احد في مهماتها بل هي عجزت عنها .. ليس بسببها بل بسبب التدخل فيها منذ المرحوم محمد مخلوف .. و من بعده المرحوم محمد كفا وصولا إلى المرحوم فيصل سماق و حتى اليوم .. أوردت هذه الأسماء للإشارة للأهمية التي كانت تحتلها مؤسسة التبغ .. و هي أهمية استمدتها اولا و قبل كل شيء من دورها الاقتصادي و غنى ميزانيتها و المردود المالي .. في يوم من الأيام كانت الريجي تورد اهم واردات الموازنة العامة للدولة .. وكانت تدير ببراعة لافتة زراعة و صناعة و تجارة التبغ ..
اليوم تراجعت أحوالها إلى درجة نسيانها تقريبا .. وسوق التبغ و السجاير في سورية حر إلى درجة الفلتان .. اقول هذا و انا اعيش أيامي بين حقول التبغ الخضراء .. اسمع انات المزارعين و أشهد افراحهم عندما يبدأ تداول الأوراق و الدخان المفروم بعيدا عن عيون المؤسسة ... ليس بعيدا كثيرا انما هي غمضة عين .. مقصودة غالبا وليست ناتجة عن الاهمال .. ربما عن العجز - اي نعم - لكن .. المهم الدخان فلتان و متحرر .. من كل رقابة .. و أنا لا أوصي ابدا بتشديد الرقابة عليه !!انما أوصي بجدية التعامل مع المؤسسات الاقتصادية السورية .. ندعمها لتعمل أو نميتها ولكن ليس عن طريق التخريب كما خُرب دور الريجي وهي مؤسسة اقتصادية هامة .. و تجربة ادارية فريدة يوم كانت الريجي ..
من هنا اريد أن انطلق إلى سياسة الاهمال حتى لفظ الانفاس الاخيرة و أقول : انه الخيار الأسوأ ..
يعني عوضا عن جرأة القرار و المواجهة استخدم الفوضى و تضييق الخناق ... في بلادنا اليوم مؤسسات كثيرة اقتصادية و ادارية .. غائبة .. هل حلت .. ؟؟..ان كان الامر كذلك أين اصولها .. ؟؟ ولديها اصول ذات قيمة .. بل ذات قيم كثيرة و كبيرة .. ثم .. هناك مؤسسات موجودة ولا تعمل شيئا يذكر .. و تحول دون وجود بديل حقيقي يعمل . في وزارة الزراعة مئات .. و ربما آلاف .. الوحدات الارشادية .. ماذا تعمل .. ؟ الزرعة اليوم أمل في ظل ما نعيشه .. و هي تمر بمرحلة عمل فوضوي .. يلاحظ من التبدل السريع للزراعات .. دون تجربة و خبرة .. بحثا عن الربح الثري و السريع .. فمن يتقدم ليقول كلمة قد تفيد في تهدئة اللعب الحاصل في الزراعة التي لا تقبل لعبا .. لأن دورتها طويلة ..