سجّل موسم محصول القمح لهذا العام بدير الزور تدنياً في إنتاجيّة الدونم الواحد مُقارنةً بما سبق من المواسم
الماضيّة، ولعبت العوامل الجويّة مؤخراً دوراً في هذا التدني، إضافةً لعدم إعطاء كميات السماد الكافية للمحصول، حسب ما يُشير ذوو الشأن من مزارعين، كما أدى عدم التزام أصحاب الحصادات والدرّاسات بالتسعيرة التي حددتها اللجنة الزراعيّة الفرعيّة إلى زيادة أعباء المزارعين مادياً ، لتخرج آراء عنهم أن السعر الممنوح لقمح هذا الموسم لا يتناسب والكلفة الإنتاجيّة بالمطلق.
أغلب الحقول أنتجت 200 – 250 كغ للدونم وأقل التسعيرة الرسميّة للحصاد والدّراس حبر على ورق
تدنٍّ بالإنتاج
بلغت الكميات الموردة لفرع السورية للحبوب في ديرالزور حتى تاريخه 12 طناً ، جرى توريدها من قبل مزارعي
المحافظة وفق تصريح مدير الفرع المهندس محمد الراشد لـ” تشرين “، مشيراً إلى أن عمليات الحصاد لا تزال في بداياتها وتسويق المحصول مستمر لمراكز الاستلام الثلاثة في مركز الفرات بمدينة ديرالزور والريف القريب منها، إضافةً إلى مركزي مدينتي البوكمال والميادين ، لافتاً إلى أن إنتاجية الدونم الواحد لهذا الموسم جاءت مُتدنية مقارنة بمواسم سابقة ، الأمر الذي أكده مزارعون من مختلف القرى.
إذ جاءت في أغلب الحقول 200 كغ – 250 ، وأقل من ذلك وقليلٌ منها وصلت إنتاجيته إلى 300 كغ ، ما شكّل صدمةً لهم، وإذ أرجعوا ذلك إلى الأوضاع الجويّة التي سادت في الآونة الأخيرة التي أثرت بالمحصول قُبيل أوان حصاده ، فإن الكثير من مُزارعي القمح لم يتمكنوا من إعطاء كميات السماد اللازمة كنتيجة لارتفاع ثمنه، والذي بات يُباع في المصارف الزراعيّة بسعر أعلى من السوق الحرّة ليصل سعر الكيس الواحد منه إلى 450 ألف ليرة ، ما سجّل، وفق تصريح سابق لمدير المصرف الزراعي في ديرالزور المهندس محمد عكل، قلة في استجرار كميات السماد من قِبل المزارعين مُقارنةً بالمواسم السابقة التي سجلت ارتفاعاً بالاستجرار لمادة السماد من المصارف الزراعيّة ، هذا التدني بالإنتاج أقلق المُزارعون من مالكي الحيازات الصغيرة الداخلة في ترخيص الخطة الزراعيّة ، إذ يتوجب عليهم توريد إنتاجهم بالكامل إلى مراكز تسويق المحصول، فأمام هذا التدني يتساءلون عما سيبقونه في منازلهم كالمعتاد من كميات وماذا سيوردون منها؟ وسط مخاوف أبداها معنيون من ألا يصل الإنتاج لما هو مُتوقع .
حبر على ورق
رغم إقرار اللجنة الزراعيّة الفرعيّة، في اجتماعها الذي سبق عمليات الحصاد لمحصول القمح، السعر الذي ينبغي أن يتقاضاه مالكو الحصّادات والدرّاسات لقاء ذلك ، فإنّ التسعيرة بقيت حبراً على ورق. حيث أشار رئيس الرابطة الفلاحيّة في دير الزور ” منصور الأسعد ” إلى أن ما يطلبه هؤلاء وصل في بعض المناطق إلى 200 ألف ليرة كحصاد للدونم الواحد ، فيما مناطق أخرى إلى 150 ألف ليرة، وهذا ما يزيد من التكاليف التي يتكبدها الفلاح، والأمر ينسحب على أجرة الدّراس التي تتجاوز أيضاً التسعيرة المُعتمدة رسمياً لتصل إلى 50 ألفاً عن الكيس الواحد من القمح المُنتج ، وتوجد مناطق التقاضي فيها أعلى من هذا السعر، الأمر الذي دفع بالكثير من الفلاحين للجوء إلى الحصاد اليدوي ، حيث يتقاضى العامل أو العاملة 20 ألف ليرة عن العمل صباحاً، فيما تنخفض الأجرة إلى 15 ألفاً حين يكون الحصاد في فترة عصر كل يوم ، كاشفاً عن مخاوف من تأخر عمليات الحصاد والدّارس لدى الكثير من الفلاحين
وانعكاس ذلك على جودة القمح ، وبالتالي السعر الذي سيُحدد من قبل اللجان المعنيّة في مراكز الاستلام.
عوامل جويّة وعدم كفاية السماد أثّرا في الإنتاج
مُبيناً أنّ أجور حصاد محصول القمح جرى تحديدها من قبل اللجنة الزراعيّة كالتالي: حيث جاءت أجرة حصاد الدونم الواحد من القمح بمبلغ 66 ألفاً في حال تقديم المازوت من قبل الفلاح، وبمبلغ 96 ألف ليرة للدونم الواحد دون تقديم المازوت، في حين جاءت أجور دراس الكيس الواحد من القمح بمبلغ 23 ألف ليرة في حال تقديم المازوت من الفلاح ، ومبلغ 30 ألف ليرة للكيس الواحد دون تقديم المازوت، فيما اعتمدت التعرفة الكيلومترية المحددة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كأجور نقل لمحصول القمح .
كُلف مُتباينة
وفق حسابات الورقة والقلم، شكا مزارعون خسارة في المردود لهذا الموسم كنتيجة لتدني إنتاجية القمح، وذلك مُقارنةً بالتكلفة الإنتاجيّة التي تكبدوها منذ بدء زراعته وحتى توريده. فمنهم من وصلت كلفة زراعة دونم القمح الواحد لديه إلى مليون وثمانمئة ألف ليرة سورية، ومنهم من كانت مليوناً وأربعمئة ألف، وأقل بقليل، ومنهم ممن يمتلكون أدوات إنتاج بلغت كلفة الدونم إلى المليون ليرة.
وبحسب رئيس الرابطة الفلاحيّة منصور الأسعد، فإن التقديرات لكلفة العمليّة الإنتاجيّة لزراعة دونم القمح الواحد، والتي جرى رفعها للجهات المعنيّة تباينت مابين منطقة زراعيّة وأخرى، لتصل في رابطة البوكمال إلى مليون وثلاثمئة ألف ليرة، وهي في الغالب تُروى من قطاعات الري الحكوميّة، وبلغت بالنسبة لحقول القمح التابعة لرابطة الميادين الفلاحيّة مليوناً وأربعمئة وخمسين ألف ليرة، في حين أن حقول رابطة ديرالزور الفلاحيّة جاءت بمليون وثمانمئة ألف ليرة، فالتقديرات مُتفاوتة.
لا قمح من الجزيرة
هذا وتمنع ميليـ.شيا “ق.سد” للموسم السادس على التوالي توريد أي كميات من محصول القمح باتجاه المراكز الحكوميّة المُخصصة، بالرغم من رغبة الكثير من مزارعيها بالتوريد، وذلك لارتفاع سعر مبيع كيلو القمح الذي حددته وزارة الزراعة والبالغ 5500 ليرة، في حين كانت الميليـ.شيا قد حددته بمبلغ 31 سنتاً، أي ما يُعادل 4400 – 4600 ليرة، الأمر الذي أشعل احتجاجات وتظاهرات ضدها، وصلت إلى امتناع الكثير من المُزارعين عن توريد محصولهم للمراكز التي خصصتها.
وأكد مدير فرع السورية للحبوب أن لا كميات قمح وردت من المناطق التي تُسيطر عليها الميليـ.شيا والاحتلال الأمريكي كنتيجة لسياسة المنع تلك والمدعومة من الاحتلال الأمريكي وفق سياسة العقوبات التي تفرضها على سورية من خارج شرعة وقوانين الأمم المتحدة بهدف الضغط على سورية اقتصادياً وحرمانها من خيراتها في الجزيرة الفراتيّة.
يُذكر أن المساحات المزروعة بالقمح في عموم مناطق دير الزور الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية، وصلت إلى 21,600 ألف هكتار، من أصل المخطط زراعته والبالغ 30 ألف هكتار، في حين تشير التوقعات الإنتاجية لهذا الموسم إلى ما كميته 47 ألف طن، والمتوقع توريده منها هو 42 ألف طن وفقاً لتقديرات مديرية الزراعة.