سيرياستيبس
كتب الاعلامي معد عيسى :
بدأت التحضيرات لموسم التحريج، والذي يُحتفل به في آخر خميس من كل عام (عيد الشجرة)، وكي لا يتكرر المشهد السنوي بزراعة آلاف الأشجار ومن ثم تركها للطبيعة بتغيراتها المناخية التي بدت واضحة بشكل كبير يجب التفكير في حماية ما هو موجود قبل زراعة غراس جديدة لتُترك بعدها لعبث الطبيعة والبشر.
و لو أن 20 % مما تمّ تشجيره بقي خلال عشرات السنين لكانت مساحات كبيرة من سورية ترتدي اللون الأخضر، ولكن للأسف المشهد معاكس، فهناك تراجع بالمساحات الخضراء ولاسيما الحراجية، وهذا المؤشر يكفي لمراجعة خطة التحريج السنوية.
الأمر ليس فقط تأمين غراس وزراعتها، فلا بدّ من حماية هذه الغراس والاهتمام بها بسقايتها وتقليمها وحمايتها، وقد يكون من المفيد تخصيص جزء من خطة التحريج لصالح حماية ما هو موجود.
منذ سنوات وخلال جولة لخبراء من”الفاو” قال أحدهم ” أكثروا من هذه القباب فلولاها لا يوجد لديكم غابات” وكان يقصد بالقباب، مقامات ومزارات الأولياء الصالحين في الجبال الساحلية، ولو وسعنا الرؤية على كامل الجغرافيا يمكننا القول أنه لولا مراكز وحدات الجيش والنقاط العسكرية لخلت مساحات كبيرة من أي شجرة.
على هذا الكلام يُمكن التنسيق بين وزارتي الزراعة والدفاع لتوزيع غراس على كل الوحدات والنقاط العسكرية، غراس مناسبة للبيئة التي توزع فيها، وهذا يكفل زراعة هذه الغراس ورعايتها وحمايتها، وهو ما يُمكن أن يؤسس لمشروع كبير لإعادة جزء من الغطاء النباتي، لأن من يحمي الأرض ويضحي بدمه لأجلها من القديسين.
حماية الغابات والحراج أصعب بكثير من زراعة الغراس الجديدة، وهذا يظهر أثناء إطفاء الحرائق، ولكن الغريب أن المشهد يتكرر كل عام في نفس المواقع، والأغرب أن تتركز التصريحات على وعورة الأماكن وقلة التجهيزات، غريب لأن غاباتنا لم يتم تقسيمها إلى قطاعات تفصل بينها مسافات تمنع امتداد الحرائق إلى كامل الموقع، وغريب لأننا لم نقم بفتح الطرقات إليها لحمايتها وخدمتها، ويجب على كل الجهات التي تتواجد خلال إطفاء الحرائق للمؤازرة وإثبات الحضور أن تؤازر وزارة الزراعة بإرسال آلياتها لفتح الطرق وتخديم المواقع الحراجية خارج موسم الحرائق وليس فقط عندما تندلع النيران.
السياسة الحرجية ابتداءً من قانون الحراج الذي يعادي المجتمع المحلي المحيط بالغابات مروراً بخطط التحريج وصولاً إلى حماية الغابات أثبتت فشلها في الحفاظ على الثروة الحراجية ومنعها من التراجع، وهذا يستدعي مراجعة إجراءات حماية الغابات بشكل كامل وعبرالتشارك مع المجتمعات المحلية للغابات في الإدارة والحماية والاستفادة من خلال جمعيات محلية وليس بالحرمان والتشدد بالعقوبات.