خطوط مستقيمة ... متعرجة ...!!
15/01/2007
مايزال مهندسو المدن، وصانعو المخططات التنظيمية، يميلون إلى استخدام الخطوط المستقيمة، إذ يضعون المصور على الطاولة " ويركزن" المسطرة فوقه، ويضربون خطا عريضا مستقيما ليخدموا هذه المدينة أو تلك القرية، بشارع عريض، معبرين بذلك عن حرصهم الشديد على عدم إرهاق أي مواطن لأن يميل بمنعطف بسيط، سواء كان راجلا، أو يقود سيارة، إذ يحرصون على أن لا يتعذب حتى "بكف الدركسيون" كي لا يفقد شيئا من سكرياته وحريراته التي يصير بإمكانه ادخارها إلى ما هو أهم من ذلك بكثير. ولا شيء عند هؤلاء المهندسين "المستقيمين" يمكن أن يشكل أية عقبة في وجه مسطرتهم، لا حجر ولا شجر ولا بيوتا ولا شيء، فمبدأهم هنا شدة الاستقامة!!! وبعد أن يخرطو القرية أو المدينة بالمسطرة، يدعونها جانبا ويأتون بالبيكار، ليثبوا في جوانب هذه الطريق دوائرة عديدة يختارون "على كيفهم المستقيم" ما الذي يجب أن يكون في هذه الدوائر، ؟؟!! فهنا مساكن، وهناك محال تجارية، وفي أماكن أخرى قد يضعوا حدائق، حتى وإن كانت هذه الحديقة في إحدى القرى الجميلة التي تكون كلها حديقة إلهية طبيعية...!! إن أكثر الخطوط تعرجا والتواء هي تلك الخطو المستقيمة، وأكثر الزوايا حدة، هي تلك الدوائر، ومازلنا نعجز عن إدراك اللذة التي يشعر بها هؤلاء عندما يتنكرون لكل شيء، للتاريخ والجغرافيا، ويستمتعون بخراب بيوت الناس؟؟ انظروا إلى وسط دمشق، هذه الاستقامة وهذه الدوائر، واسمعوا كيف يقول المخططون ... تبا للتاريخ...!!
علي محمود جديد
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=160&id=103