كما
كان متوقّعاً، لم يَخرج اللقاء الذي جمع وزيرَي خارجية تركيا، مولود
تشاووش أوغلو، والولايات المتحدة، أنتوني بلينكن، بأيّ نتائج واضحة حول
الملفّات الخلافية العديدة بين البلدَين، ومن بينها الملفّ السوري، الذي
شهد أخيراً انسحاباً تركياً تدريجياً من المشروع الأميركي، وانخراطاً في
مسار الحلّ الروسي عبر التقرّب من دمشق، والعمل المشترك معها على التخلّص
من أعباء اللاجئين وتأمين الحدود التركية الجنوبية. على أن هذا المسار دخل
مرحلة خفوت بعد اعتراض سوري واضح على تسريع خطواته، من دون الاتفاق على
خريطة طريق توضح موعد الانسحاب التركي من سوريا وآلياته. ودفَع ذلك أنقرة،
وفق مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، إلى طلب لقاءات أمنية جديدة، بالإضافة إلى
لقاء بين وزيريَ دفاع البلدين، سيكون – في حال عقْده في شهر شباط المقبل –
الثاني من نوعه، بعد أوّل انعقد في العاصمة الروسية موسكو الشهر الماضي،
وأعلن الجانبان (السوري والتركي) أنه كان إيجابياً للغاية، علماً أن الجانب
الاقتصادي شغل جزءاً مهمّاً منه، بالإضافة إلى ملفَّي اللاجئين والأكراد،
ودور الولايات المتحدة التخريبي في الملفّ السوري.
شهدت مناطق التماس بين الجيش السوري والفصائل في إدلب محاولات عدّة لإشعالها
كذلك،
تُفيد المصادر بأن اجتماعَين عُقدا خلال الأسبوع الماضي بين مسؤولين أتراك
وقياديين في «هيئة تحرير الشام»، تناولا، إلى جانب مسألة «M4»، مسألة
تأمين النقاط التركية وعدم الاقتراب منها، في أعقاب اقتحام متظاهرين بعض
القواعد التابعة لأنقرة وكتابة عبارات مناوئة للتقارب السوري - التركي.
وبحسب المعلومات، فقد حصل المسؤولون الأتراك على تعهّدات بعدم المساس
بالقواعد التركية، وعدم إفشال الخطّة التركية لفتح «M4» في حال تَحقّقها.
وتشمل الخطّة التي طرحتْها تركيا، إلى جانب تشغيل طريق حلب – اللاذقية،
فتْح طريق الترانزيت عبر سوريا، من خلال إعادة تشغيل معبر باب الهوى بشكل
رسمي، غير أن هذه النقطة لم توضح أنقرة كيفية تطبيقها في ظلّ سيطرة «هيئة
تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على المعبر وعلى إدلب وريفها، وتشكيل
«باب الهوى» أحد أهمّ مصادر دخْلها الذي لن تتخلّى عنه ببساطة، فضلاً عن أن
دمشق أبدت موقفاً واضحاً حول ضرورة عودة سيادتها على المعبر لتشغيله،
الأمر الذي من شأنه أن يؤخّر معالجة ملفّه.
في هذا الوقت، شهدت مناطق
التماس بين الجيش السوري والفصائل في إدلب (منطقة خفض التصعيد) محاولات
عدّة لإشعالها، من خلال شنّ مسلّحين هجمات انتحارية ينفّذها انغماسيون، ردّ
عليها الجيش السوري بقصف استهدف مناطق انطلاقهم وخطوطهم الخلفية. وتحاول
«هيئة تحرير الشام» استثمار الانعطافة التركية لتصدّر المشهد الفصائلي،
الأمر الذي تعتقد أنه سيؤمّن حماية لها مستقبلاً، في ظلّ تصنيفها على
«لوائح الإرهاب» وإصرار دمشق على إنهائها.d
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=110&id=193982