مساء الاثنين، كانت صورة ما يحصل في سوريا في ظل الحصار الأميركي وقانون قيصر تتّضح أكثر فأكثر. ما كادت تشرق شمس الثلاثاء، حتى اتّصل حمية - وتحديداً عند السادسة والنصف صباحاً - برئيس حكومته ليعلمه أن شركات الطيران تتذرّع بقانون قيصر لعدم الهبوط في المطارات السورية؛ ولا بد إذا كنّا صادقين في نوايانا تجاه الدولة السورية من أن نفتح المجال الجوي لهبوط الطائرات المحمّلة بالمساعدات الإنسانية في مطار بيروت، من دون أية رسوم، مع رفع الرسوم أيضاً عن قافلات المساعدات الإنسانية من لبنان إلى سوريا حتى إشعار آخر. مرة أخرى، دون أن يراجع ميقاتي أحداً أو يأخذ وقتاً للتفكير، أجاب حميّة أن بوسعه أن يفعل كل ما يراه مناسباً. هكذا، ذهب حميّة إلى نقطة الانطلاق عند الثامنة صباحاً ليعلن أن مطار بيروت هو مطار دمشق وحلب والشام وإدلب واللاذقية وكل المناطق المتضررة، ولا خشية لبنانية من «قيصر»، في وقت كان فيه وزير الخارجية عبد الله بوحبيب قد دخل على الخط السوري أيضاً عبر اتصالات تضامن وتعزية برئيس الحكومة السورية ووزير الخارجية فيصل المقداد. كان بوحبيب أول من اقترح تشكيل وفد حكومي رسمي يتجاوز في الشكل والمضمون زيارة الوزراء اللبنانيين سابقاً إلى سوريا، فسارع ميقاتي إلى الترحيب أيضاً، وبادر إلى إجراء الاتصالات بنفسه لتشكيل الوفد. ورغم أن الأمر صعب التصديق، فإن كلّ من عايش ساعات هذين اليومين يؤكد أن شعوراً عاطفياً طغى على حسابات ميقاتي السياسية المعتادة، ولا علاقة لأدائه الأخير باستيائه المفترض من الموقف الخليجي السلبي تجاهه أو بخضوعه لضغوط سياسية
وافق ميقاتي فوراً على فتح الحدود الجوية والبرية وتشكيل وفد وزاري من دون أن يراجع أحداً
إذ لم يتطلّب الأمر أيّ ضغط مركزي جدّي من حزب الله. ورغم أن الوفد يمثل الحكومة عموماً ورئيسها خصوصاً، كانت لافتة الوقاحة في رفض الوزراء: بسام المولى وأمين سلام وفراس الأبيض المشاركة، فاستعيض عنهم في التركيبة الطائفية للوفود اللبنانية بأحد أرفع المناصب الإدارية في رئاسة مجلس الوزراء المتمثّل برئيس الهيئة العليا للإغاثة، إضافة إلى الأمين العام لوزارة الخارجية. وإذا كان مضمون الزيارة إنسانياً بامتياز، فإنّ الشكل كان سياسيّاً بامتياز، عبر تكليف وزير الخارجية رئاسة الوفد. وهو ما قابلته الدولة السورية فوراً في منتصف الطريق عبر مراسم استقبال رسمية، توّجت بلقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد. وبعيداً عن المجاملات البروتوكولية التقليدية، كان يمكن التوقف عند قول الأسد لضيوفه إن الموقف اللبناني الرسمي تجاه «قيصر» والمرافئ والمطار والحدود هو موقف معنويّ مهمّ جداً، بموازاة تخصيصه الرئيس ميقاتي بردّ السلام والطلب من الوفد أن «يسلّموا عليه»، رغم أن الوفد نقل أكثر من سلام وتعزية لبنانيين. وإذ أظهر الأسد صلابة صقلتها سنوات الحرب الاثنتي عشرة، فإنه أكد لضيوفه أن الكارثة كبيرة جداً. مع تكرار التأكيد على معرفة سوريا بحجم الأزمة المالية والاجتماعية والاقتصادية، ما يضاعف من رمزية كل مساعدة لبنانية
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=110&id=194197