وتجيء الزيارة التي منحتْها دمشق مظاهر احتفالية خاصة، وأجواء استقبال رسمية، وتَخلّلها لقاء أجراه الرئيس السوري، بشار الأسد، بأعضاء الوفد، في وقت يعود فيه الدفء إلى صِلات سوريا بدول عربية عدة كانت العلاقة معها فاترة، أبرزها السعودية التي تخوض سلطنة عمان والإمارات دور وساطة لإعادتها إلى دمشق قبيل انعقاد القمة العربية في الرياض، وتَجري تحضيرات لزيارة منتظَرة لوزير خارجيتها، فيصل بن فرحان، إلى العاصمة السورية. وإلى جانب المملكة، تَبرز مصر التي تستعدّ لأن تخطو خطوات واسعة تجاه سوريا، في أعقاب اتّصال هاتفي أجراه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالأسد معزّياً بضحايا الزلزال، وتَرافق مع بدء القاهرة بإرسال حزمة مساعدات إغاثية، ما زال بعضها يصل عبر البحر والجوّ بين وقت وآخر، بينما كثر الحديث في الأوساط الديبلوماسية العربية عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى دمشق، وهو ما ثبتت صحّته مساء أمس، بتأكيد مصدر حكومي سوري ل»رويترز» أن شكري سيصل العاصمة السورية اليوم
من شأن تحقيق تقدّم إضافي على هذا المسار أن يفتح الباب أمام مشهد سياسي وميداني جديد في سوريا
وفي
حين كانت العاصمة السورية تحتضن الوفود البرلمانية العربية، أعلن الأردن
البدء باستكمال عمله على مبادرته للحلّ في سوريا. إذ بحث وزير الخارجية
الأردني أيمن الصفدي، ونظيره البريطاني جيمس كليفيرلي، خلال اتّصال هاتفي،
الأزمة السورية، وسبل تنشيط مبادرة «خطوة مقابل خطوة»، والتي يعوّل عليها
المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، لإحداث خرق في المشهد، علماً أنها
تقضي بتخفيف القيود عن دمشق بشكل تدريجي مقابل خطوات محدَّدة من قِبل
الأخيرة، تترافق مع انخراط عربي مباشر في الحوار مع الحكومة السورية. ويأتي
التحرّك الدبلوماسي الأردني المتجدّد مدفوعاً، على ما يبدو، بتزكية من
قِبل سوريا التي زارها الصفدي في الخامس عشر من شهر شباط الحالي، والتقى
رئيسها. كذلك، كثّفت موسكو تحرّكاتها الدبلوماسية لتنشيط المسار السوري –
التركي للتطبيع بين البلدَين، بعدما تعرّض لتجميد مؤقّت بسبب الزلزال.
وأعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب
وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، استمرار العمل على تنظيم لقاء
رباعي على مستوى وزراء الخارجية يضمّ سوريا وتركيا وروسيا وإيران خلال
الفترة المقبلة، لافتاً إلى أنه يَجري وضع اللمسات الأخيرة على أجندة
اللقاء وموعد انعقاد
ومن شأن تحقيق تقدّم إضافي على هذا المسار أن يفتح الباب أمام مشهد سياسي وميداني جديد في سوريا، تتحوّل فيه تركيا من طرف في الحرب إلى شريك في الحلّ، بما من شأنه أن يحقّق للطرفَين مصالح عديدة، سواء استعادة سوريا مناطق خارجة عن سيطرتها في الشمال السوري، وفتح معابرها الدولية أمام حركة الترانزيت، أو تخلّص تركيا من أزمة اللاجئين السوريين، وتأمين حدودها الجنوبية. ويُعدّ التحريك الروسي لملفّ التطبيع السوري – التركي استكمالاً لمسار سياسي طويل بدأتْه موسكو (مسار أستانا)، تشارك فيه كلّ من أنقرة وطهران، وتُقابله واشنطن بمحاولات متجدّدة لإفشاله، كون نجاحه يُعدّ نجاحاً روسياً وفق ما أعلنت الولايات المتحدة مراراً. وتضع هذه الممانعة الأميركية التحرّكات الدبلوماسية بمجملها، العربية والروسية والتركية، أمام تحدّيات عديدة، على رأسها التهديد بين وقت وآخر بالعقوبات المفروضة على سوريا، على رغم تجميد بعضها (الحوالات المالية) لمدّة ستة أشهر.