سيرياستيبس
علاء الحلبي
بينما
كان الرئيس السوري بشار الأسد، والوفد الحكومي الذي يُرافقه، يُجريان
اجتماعات مكثّفة مع مسؤولين روس، على رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين، كان وفد
دبلوماسي تركي برئاسة نائب وزير الخارجية، بوراك أكجابار، يحطّ رحاله في
موسكو في انتظار اجتماع تقرَّر عقْده مع نظرائه من روسيا وإيران وسوريا،
لإجراء مباحثات معمّقة حول عملية التطبيع التركية - السورية الشائكة. لكن
هذا الاجتماع لم يتمّ حتى الآن، بسبب عراقيل عديدة أبرزها وجود خلاف جوهري
بين النظرتَين السورية والتركية إلى الوجود العسكري التركي على الأراضي
السورية، والذي تُصرّ دمشق على ضرورة وجود جدول زمني واضح لإنهائه قبل
الانخراط في أيّ اجتماع، بينما تحاول أنقرة أن يكون هذا الإجراء لاحقاً
لتفاهمات سياسية بين البلدَين. والجدير ذكره، هنا، أن الاجتماع كان من
المقرَّر أن يلتئم على مستوى وزراء الخارجية، قبل أن يضرب زلزال مدمّر
أجزاء من تركيا وسوريا ويؤدّي إلى تأجيله، ومن ثمّ يتمّ تخفيضه في وقت لاحق
إلى مستوى نواب وزراء الخارجية، وتعلن تركيا أنه سيتمّ على مدار يومَين في
روسيا (الأربعاء والخميس)، وترسل وفدها من أجله، ثمّ تعود وتُسرّب عبر
وكالة «رويترز» أن الاجتماع تَأجّل إلى أجل غير محدَّد.
وفي تعليقه على تصريحات وزير الدفاع التركي التي اعتبر فيها أن وجود بلاده العسكري في سوريا «ليس احتلالاً»، أشار الأسد إلى أن «ما يحدث الآن من خلل أمني سببُه السياسات التركية وتحديداً سياسة إردوغان»، مضيفاً: «إن لم يكن ذلك احتلالاً فماذا يكون؟ هل يكون استضافة؟ (...) ربّما لو عاد (وزير الدفاع التركي) إلى قوانين ما قبل قانون حمورابي فلن يجد شيئاً يساعده على هذا التعريف، إلّا إذا كان يعتمد على القوانين الرومانية عندما كانت الدول تحدّد حدودها بحسب قوّتها العسكرية». وتابع: «وزير الدفاع التركي يقول ليس فقط نصف الحقيقة، بل عكْس الحقيقة، وهو عسكري والعسكري يجب أن يتّصف بالشجاعة، وكنت أتمنّى أن تكون لديه الشجاعة ليقول هذه الحقيقة وهي أنه قبل الحرب، من عام 2000، لم تكن هناك أيّ مشكلة على الحدود». مع ذلك، شدّد الرئيس السوري على أن «أيّ شيء يمكن أن يغيّر مسار الحرب في اتّجاه إنهائها، مع استعادة كامل الحقوق السورية والأراضي المحتلّة وسيادة الدولة كاملة (...) لا بدّ أن نسعى باتجاه تجريبه (...) لأن هذه الفرصة ربّما يكون الحلّ فيها، بالرغم من الأمل الضعيف جدّاً»، لافتاً إلى أن «هذا ما تعمل عليه روسيا بالتعاون مع سوريا، بالإضافة إلى محاولات أخرى في جنيف وفي أستانا وغيرها، كلّها لديها نفس الهدف وهو استعادة الاستقرار في سوريا».
أيضاً، تناول الأسد مسألة الوجود الأميركي غير الشرعي في سوريا، والدور السلبي الذي تلعبه الولايات المتحدة، سواء في منطقة سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، أو في منطقة التنف عند المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، مشيراً إلى أن «دمشق متأكّدة من أن واشنطن تستعمل هذه القاعدة لدعم الإرهابيين وتدريبيهم (في إشارة إلى مسلّحي تنظيم داعش الذين ينشطون ضمن خلايا صغيرة في البادية السورية المتّصلة مع منطقة التنف)»، معتبراً أن «الولايات المتحدة لم تَعُد تَنظر إلى نفسها على أنها قطب مهيمن، الولايات المتحدة بدأت تخسر هيمنتها المطلقة على الأسواق وغيرها»، مرحّباً بتوسيع الحضور العسكري الروسي على الأراضي السورية في حال توافَق البلدان على ذلك. وفي هذا المجال، أكد وجود اتفاقات عسكرية سورية - روسية رفَض الإفصاح عن أيّ بنود منها متعلّقة بملفّ التسليح بوصف ذلك «أموراً عسكرية سرّية»، غير أنه تحدّث عن وجود نحو 40 مشروعاً سورياً - روسياً يتمّ العمل عليها في الوقت الحالي، وهي نِتاج شهور من التحضير، وتدور حول أمور محدَّدة تتّصل بالطاقة وإعادة الإعمار، وسيتمّ الإعلان عنها بشكل تدريجي في وقت لاحق.
وخلال الأسبوع الماضي، وبينما كانت الخارجية التركية تؤكد عقْد الاجتماع، ووزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، يدافع بأن وجود الجيش التركي في سوريا «ليس احتلالاً» وإنّما لدواعٍ أمنية، مغازلاً دمشق وطالباً منها تفهُّم موقف بلاده، لم تَصدر عن الخارجية السورية أيّ تصريحات مباشرة حول الموضوع، تماماً مثلما حدث خلال المؤتمر الصحافي المشترك لوزيرَي الخارجية السوري فيصل المقداد، والإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي أجرى جولة مكّوكية بين تركيا وسوريا الأسبوع الماضي. إلّا أن الأسد، وخلال لقاءَين مصوّرَين أجراهما مع وكالة «سبوتنيك» الروسية وقناة «روسيا اليوم»، خرج، ولأوّل مرّة بعد وقوع الزلزال، بتصريحات مباشرة توضح موقف بلاده من التطبيع مع تركيا في هذه المرحلة، إذ أعاد التذكير بالموقف المبدئي الذي أعلنتْه دمشق سابقاً والذي يقضي بوقف دعْم المسلّحين وسحْب القوات غير الشرعية قبل أيّ تَواصل على مستويات أعلى بين مسؤولي البلدَين. وقال: «بالنسبة إلى اللقاء مع الرئيس إردوغان، فهذا يرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح ومن دون أيّ التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية، والتوقّف عن دعم الإرهاب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الحرب في سوريا»، متسائلاً: «ما هي قيمة هذا اللقاء ولماذا نقوم به إن لم يكن سيحقّق نتائج نهائية بالنسبة إلى الحرب في سوريا؟».
وفي تعليقه على تصريحات وزير الدفاع التركي التي اعتبر فيها أن وجود بلاده العسكري في سوريا «ليس احتلالاً»، أشار الأسد إلى أن «ما يحدث الآن من خلل أمني سببُه السياسات التركية وتحديداً سياسة إردوغان»، مضيفاً: «إن لم يكن ذلك احتلالاً فماذا يكون؟ هل يكون استضافة؟ (...) ربّما لو عاد (وزير الدفاع التركي) إلى قوانين ما قبل قانون حمورابي فلن يجد شيئاً يساعده على هذا التعريف، إلّا إذا كان يعتمد على القوانين الرومانية عندما كانت الدول تحدّد حدودها بحسب قوّتها العسكرية». وتابع: «وزير الدفاع التركي يقول ليس فقط نصف الحقيقة، بل عكْس الحقيقة، وهو عسكري والعسكري يجب أن يتّصف بالشجاعة، وكنت أتمنّى أن تكون لديه الشجاعة ليقول هذه الحقيقة وهي أنه قبل الحرب، من عام 2000، لم تكن هناك أيّ مشكلة على الحدود». مع ذلك، شدّد الرئيس السوري على أن «أيّ شيء يمكن أن يغيّر مسار الحرب في اتّجاه إنهائها، مع استعادة كامل الحقوق السورية والأراضي المحتلّة وسيادة الدولة كاملة (...) لا بدّ أن نسعى باتجاه تجريبه (...) لأن هذه الفرصة ربّما يكون الحلّ فيها، بالرغم من الأمل الضعيف جدّاً»، لافتاً إلى أن «هذا ما تعمل عليه روسيا بالتعاون مع سوريا، بالإضافة إلى محاولات أخرى في جنيف وفي أستانا وغيرها، كلّها لديها نفس الهدف وهو استعادة الاستقرار في سوريا».
عبّر مسؤولون سوريون مراراً عن حذرهم في التعاطي مع أنقرة التي تبدي اندفاعاً كبيراً نحو دمشق
وعبّر
مسؤولون سوريون، مِراراً، عن حذرهم في التعاطي مع تركيا التي تبدي
اندفاعاً كبيراً للتطبيع مع بلادهم، مدفوعةً بملفّات عديدة شائكة، على
رأسها ملفّ اللاجئين السوريين الذي يتصدّر الحملات الانتخابية الرئاسية
التي تشهدها البلاد منتصف شهر أيار المقبل. وترغب دمشق في أن يتمّ التوصّل
إلى اتّفاقات واضحة يمكن تطبيقها على الأرض بعيداً عن اللعبة الدعائية، وهو
ما عبّر عنه الأسد صراحة بقوله: «نحن لم نطرح شروطاً للقاء إردوغان، وطرْح
موضوع الانسحاب من الأراضي السورية هو موضوع وطني وليس سياسياً (...) نحن
نصرّ على أن يكون هناك جدول أعمال واضح»، معتبراً أن «أولوية إردوغان هي
الانتخابات ولا شيء آخر، أمّا بالنسبة إلى سوريا فالأولوية هي للانسحاب
واستعادة السيادة». وأكد أنه «إذا كان موضوع الانسحاب من سوريا سيحقّق
لإردوغان الفوز في الانتخابات فليست لدينا مشكلة»، مستدركاً بأنه «لا أحد
يستطيع أن يضمن إردوغان لعدّة أيام (...) لا أحد يعرف ما سيحدث في تركيا
بعد الانتخابات الرئاسية»، ما يفسّر التأنّي السوري الواضح في هذا الملفّ،
الذي يضمّ إلى جانب الوجود العسكري التركي في الشمال، ودعْم تركيا الفصائل
المعارضة، مسائل أخرى مهمّة وجوهرية، على رأسها تحكُّم تركيا بالمياه
المتدفّقة من نهرَي دجلة والفرات، والذي أضرّ بشكل كبير بالأمن المائي
والغذائي السوري.
وبالإضافة إلى ملفّ العلاقات مع تركيا، تطرّق الرئيس
السوري، ولأوّل مرّة بشكل مباشر وواضح، إلى مستقبل العلاقات السورية -
السعودية، التي تشهد دفئاً متزايداً ضمن سلسلة تَغيّرات خليجية وعربية في
التعاطي مع دمشق. وفي هذا المجال، رأى الأسد أن «سوريا لم تَعُد ساحة صراع
سعودي - إيراني مثلما كان الوضع في بعض المراحل ومن قِبَل بعض الجهات»،
مضيفاً أن «السعودية اتّخذت منحًى مختلفاً تجاه سوريا منذ عدّة سنوات، ولم
تتدخّل في الشؤون الداخلية لسوريا كما أنها لم تدعم أيّاً من الفصائل».
ويأتي كلام الأسد وسط حديث عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السعودي، فيصل
بن فرحان، لدمشق، وإمكانية استضافة سوريا خلال القمّة العربية المقبلة في
الرياض، بعد 10 سنوات من تجميد مقعدها في «جامعة الدول العربية». لكنّ
الرئيس السوري شدّد على أن الأهمّ هو «العمل العربي المشترك، وليس القمّة
في حدّ ذاتها»، قائلاً: «نريد أن تكون عودة سوريا قيمة مضافة، لا يجوز أن
تعود سوريا وهي عنوان للانقسام، يجب أن تعود وهي عنوان للتوافق»، مضيفاً:
«لا أعتقد أن الظرف الآن مؤاتٍ لهذه العودة قبل أن تتمّ تلك الخطوات
الثنائية»
أيضاً، تناول الأسد مسألة الوجود الأميركي غير الشرعي في سوريا، والدور السلبي الذي تلعبه الولايات المتحدة، سواء في منطقة سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، أو في منطقة التنف عند المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، مشيراً إلى أن «دمشق متأكّدة من أن واشنطن تستعمل هذه القاعدة لدعم الإرهابيين وتدريبيهم (في إشارة إلى مسلّحي تنظيم داعش الذين ينشطون ضمن خلايا صغيرة في البادية السورية المتّصلة مع منطقة التنف)»، معتبراً أن «الولايات المتحدة لم تَعُد تَنظر إلى نفسها على أنها قطب مهيمن، الولايات المتحدة بدأت تخسر هيمنتها المطلقة على الأسواق وغيرها»، مرحّباً بتوسيع الحضور العسكري الروسي على الأراضي السورية في حال توافَق البلدان على ذلك. وفي هذا المجال، أكد وجود اتفاقات عسكرية سورية - روسية رفَض الإفصاح عن أيّ بنود منها متعلّقة بملفّ التسليح بوصف ذلك «أموراً عسكرية سرّية»، غير أنه تحدّث عن وجود نحو 40 مشروعاً سورياً - روسياً يتمّ العمل عليها في الوقت الحالي، وهي نِتاج شهور من التحضير، وتدور حول أمور محدَّدة تتّصل بالطاقة وإعادة الإعمار، وسيتمّ الإعلان عنها بشكل تدريجي في وقت لاحق.