,وفيهذا السياق، استبقت تونس زيارة مخطَّطة لوزير الخارجية السوري، تشمل الجزائر وتونس بعد بضعة أيام، بإعلان مشترك مع دمشق عن إعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي، والبدء بفتح السفارات بين البلدين. جاء ذلك بعدما سمّت الأولى محمد المهذبي سفيراً لها، وأرسلت أوراق اعتماده إلى العاصمة السورية، على أن تُستكمل الإجراءات المتبقّية لإعادة فتح السفارات بشكل نهائي خلال الأيام القليلة المقبلة. الخطوة التونسية، التي تأخّرت بعض الشيء على رغم إعلان تونس المتكرّر رغبتها في إنهاء القطيعة مع دمشق، جاءت مباشرة في أعقاب الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، حيث أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيّد، الشروع في الانفتاح الكامل على سوريا. وتَرافق هذا الإعلان مع بيان رئاسي أشاد بالموقف السوري، وأعاد التذكير بالعلاقات التاريخية بين البلدَين، والتي انقطعت خلال فترة حُكم الرئيس التونسي الأسبق المحسوب على جماعة «الإخوان المسلمين»، المنصف المرزوقي، قبل أن يعود الرئيس التونسي اللاحق، الباجي قائد السبسي، ويفتح مكتباً لإدارة الشؤون القنصلية وتقديم الخدمات للرعايا التونسيين في سوريا عام 2015. وإلى جانب ما تَقدّم، استمرّ التعاون الأمني بين البلدَين لمكافحة «الإرهاب»، في ظلّ وجود عدد كبير من «الجهاديين» التونسيين الذين قدِموا إلى سوريا، ثمّ جاء الرئيس الحالي ووعد منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية بإعادة العلاقات مع سوريا، وسط مطالبات شعبية تزايدت آنذاك بالإقدام على خطوة كهذه. وبعودة العلاقات السورية - التونسية، يبقى المغرب البلد المغاربي الوحيد تقريباً الذي يعيش حالة قطيعة مع سوريا، الأمر الذي تعيده أوساط مغربية إلى الموقف الأميركي الرافض للانفتاح على دمشق، والذي تسير وفقه الرباط، بالإضافة إلى أمور أخرى عالقة؛ من بينها العلاقات السورية – الجزائرية الوثيقة، والخلافات بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء الغربية.
تستضيف جدة لقاء لوزراء خارجية «مجلس التعاون الخليجي» يشارك فيه العراق والأردن ومصر لمناقشة العلاقات العربية مع سوريا
وبالتوازي
مع الخطوة التونسية الأخيرة، تستضيف جدة، غداً الجمعة، لقاء لوزراء خارجية
«مجلس التعاون الخليجي»، يشارك فيه أيضاً العراق والأردن ومصر، لمناقشة
العلاقات العربية مع سوريا، وعودة دمشق إلى مقعدها المجمّد في الجامعة
العربية منذ عام 2012. واستبقت الكويت الاجتماع بإعلانها المضيّ قُدُماً في
أيّ قرار ينال إجماعاً عربياً حول سوريا، الأمر الذي يمثّل تمهيداً
للتراجع عن الموقف الرافض لعودة العلاقات مع دمشق، في وقت أعلنت فيه الدوحة
دراستها لموقفها من دعوة سوريا إلى الجامعة تبعاً لـ«الإجماع العربي
والتغيير الميداني على الأرض الذي يحقّق تطلّعات الشعب السوري»، معيدةً
التذكير بأنها ترى أن «الأسباب التي دعت إلى تجميد عضوية سوريا لا تزال
قائمة»، وفق اعتقادها. وعلى الرغم من التصريحات القطرية الرافضة لعودة
سوريا إلى الجامعة بشكل مبطّن، يقود سياق التطوّرات السياسية العربية
الحالية إلى وجود حالة شبه إجماع على فكّ تجميد العضوية، وهو ما يجعل موقف
الدوحة وحيداً، وخصوصاً أن الحَراك العربي يأتي مترافقاً مع آخر من تركيا،
الشريك الاستراتيجي لقطر، للتطبيع مع سوريا، وفق مسار ترغب أنقرة في تسريع
وتيرته للتخلّص من أعباء الأزمة السورية التي طالت. وكانت هذه الجهود
التركية قد دفعت «الائتلاف السوري» المعارض إلى نقل جزء من حَراكه السياسي
من تركيا إلى قطر، حيث نشّط وتيرة لقاءاته مع الولايات المتحدة وممثّلي دول
أوروبية معادية لدمشق في الدوحة، آخرها لقاء بين رئيسه سالم المسلط،
وسفراء فرنسا وإسبانيا وتركيا والبرتغال ومقدونيا ودول إفريقية،
ودبلوماسيين من الولايات المتحدة وأوكرانيا ودول أوروبية.
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=110&id=194825