شهدت
الخرطوم، في اليوم الثالث والأخير من الهدنة السارية هدوءاً حذراً، لكنّ
مدينة الجينية في ولاية غرب دارفور سُجّلت فيها عمليات اقتتال قَبلي، بعدما
استغلّت جهات لا تزال مجهولة، الوضع الأمني الهشّ في الولاية، وقامت بمدّ
المواطنين بالسلاح، ما أدّى إلى حدوث حالة من الفوضى والانفلات الأمني، قبل
أن يدعو زعماء قبيلتَين إلى وقف إطلاق النار. وفيما يُخشى من اتّساع رقعة
الاقتتال القَبلي في بقيّة مناطق الولاية، وتالياً دخول البلاد في حالة
اقتتال أهلي، ثمّة مؤشّرات تعزّز إمكانات تحقّق هذا السيناريو بالفعل،
أبرزها غياب جهاز الشرطة بصورة كاملة منذ بدء المعارك، وهو ما نجم عنه
ارتفاع في نسبة الجريمة والسرقة والنهب، واضطُرّ بعض المواطنين إلى
الاحتماء بقوات «الدعم السريع» التي تتمركز في داخل الأحياء، لحمايتها من
المجموعات المتفلّتة المنتشرة خصوصاً في العاصمة الخرطوم. ويثير الغياب
الكامل للشرطة بكلّ أفرعها تساؤلات كثيرة، وخصوصاً في ظلّ انتشار كثيف
لمجموعات يُطلَق عليها «نقيرز»، متخصّصة في السلب والنهب تحت تهديد السلاح،
إذ إن القانون يخوّلها المشاركة في عملية الاقتتال جنباً إلى جنب القوات
المسلّحة متى دعت الحاجة.
أكد الجيش السوداني أنه بسط سيطرته على معظم الولايات
في
غضون ذلك، أكد الجيش السوداني، في بيان، أمس، أن «الموقف العسكري داخل
الخرطوم وخارجها مستقرّ جدّاً، عدا ولاية غرب دارفور التي شهدت صراعاً
قبليّاً تجري معالجته بواسطة السلطات المحلّية»، مضيفاً إن «الأيام القادمة
ستشهد انفراجاً كبيراً في الأوضاع على الأرض». وأشار الجيش إلى أن قواته
بسطت سيطرتها على معظم الولايات، متحدّثاً عن «وضْع معقّد» في بعض أحياء
العاصمة نتيجة الانتشار الكثيف لقوات «الدعم السريع» فيها. ومع تراجع وتيرة
الاشتباكات، بدا كأن الفرصة باتت سانحة أمام حلّ سلميّ؛ إذ أبدى قائد
الجيش، عبد الفتاح البرهان، بحسب وزير خارجية جنوب السودان، موافقة مبدئية
على المبادرة التي ترعاها منظّمة «إيغاد»، وتتضمّن تمديد الهدنة الحالية لـ
72 ساعة أخرى، وإيفاد ممثّل واحد عن القوات المسلّحة وآخر عن «الدعم
السريع» إلى جوبا للتفاوض حول تفاصيل المبادرة. على أن مراقبين يحذّرون من
حصْر أيّ مبادرة لحلّ الأزمة السودانية بالمكوّن العسكري بشقَّيه، الجيش
و«الدعم»، وإبعاد المدنيين، مشدّدين على أن جهود الوساطة القائمة حالياً
بين العسكريين يجب أن تتركّز فقط على وقف إطلاق النار، فيما المفاوضات
الرامية إلى وضع حلول سياسية ينبغي إشراك المدنيين فيها، لأن إبعادهم سيعني
اكتمال «اختطاف ثورة 2019» من قِبَل العسكر. مع ذلك، يبدو أن ظروف التفاوض
لم تنضج كليّاً بعد، إذ نفت وزارة الخارجية السودانية ما جرى تداوله عن
موافقة البرهان على الجلوس مع «حميدتي» خارج السودان، مؤكّدةً عدم صحّة ما
تروّج له بعض الجهات بهذا الخصوص، معتبرةً أنه «لا خيار أمام المتمرّدين
إلّا الاستسلام أو الفناء».
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=110&id=194937