وجاء هجوم الأمس، وفق مصادر ميدانية، من غربي حمص، وحمل بصمات منفّذي الهجوم السابق نفسها، غير أنه تمّ التعامل معه بنجاح وإفشاله. وعلى أيّ حال، فإن ما حدث في اليومين الماضيين أكّد ما أعلنه «مركز المصالحة الروسي» في حميميم مراراً، على مدار الشهور الستة الماضية، من أن المسلّحين باتوا يمتلكون قدرات تكنولوجية حديثة تتعلّق بالطائرات المُسيّرة، في إشارة غير مباشرة إلى تلقّيهم دعماً من قوى دولية تملك هذه التكنولوجيا. وحتى قبل يومين من مجزرة الكلية الحربية، تحدّث نائب رئيس «المصالحة الروسي»، الأدميرال فاديم كوليت، في تصريحات، عن تلقّي معلومات عن استعدادات يجريها مسلّحو «الحزب الإسلامي التركستاني» و«أنصار التوحيد»، والذين ينشطون تحت عباءة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) التي تسيطر على إدلب، شمال غربي البلاد، لشنّ هجمات بالطائرات المُسيّرة وأنظمة صواريخ متعدّدة بعيدة المدى، على قواعد روسية وسورية. وأتى هذا التصريح بالتوازي مع تصريحات أطلقها رئيس الاستخبارات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، عن أن الولايات المتحدة «تعدّ بمساعدة مسلّحين لتنفيذ هجمات إرهابية في سوريا في الأماكن العامة المزدحمة وضدّ المؤسسات الحكومية»، الأمر الذي أثار ربطاً بين نشاط الفصائل في إدلب، والنشاط المتزايد في البادية السورية الممتدّة إلى منطقة التنف، والتي تقع فيها القاعدة الأميركية الأكبر على الأراضي السورية
بدت لافتة حملة التشويش والتضليل المتعمّدة التي تقودها وسائل إعلام عديدة في محاولة لتبرئة الفصائل «الجهادية» من هذه المجزرة
وأمام
هذه المعطيات، بدأ الجيش السوري، فور الهجوم الذي تعرّضت له الكلية
الحربية، وما نجم عنه من مجزرة كبيرة، بشنّ حملة واسعة النطاق على مناطق
مختلفة من محافظة إدلب، انضمّت إليها لاحقاً طائرات من سلاح الجو الروسي.
وطاولت عمليات الجيش التي تُعتبر الأوسع منذ سنوات، مناطق مختلفة شمالي
إدلب وجنوبيها، بالإضافة إلى مناطق انتشار المسلحين قرب سهل الغاب، وفي ريف
اللاذقية، وفق مصادر ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار»، مؤكدةً أن العملية «لا
تزال مستمرة لتحقيق أهداف عديدة أبرزها إنهاء البنية التحتية للفصائل في
إدلب». ولربّما تمثّل تلك الخطوة بوابة لشنّ عملية برية تستهدف المعقل
الأبرز للفصائل «الجهادية» في سوريا، علماً أن تنفيذ العملية كان متوقّعاً
قبل بضعة أشهر، عندما نقل الجيش السوري تعزيزات عسكرية كبيرة إلى محاور
القتال في ريف إدلب، قبل أن يعلّق نشاطه بالتوازي مع الدفع الروسي
والإيراني نحو التطبيع بين دمشق وأنقرة. وكانت موسكو وطهران تأملان فتح
الباب أمام إنهاء وجود «الجهاديين» من دون مواجهة منفردة، غير أن جهودهما
قوبلت بمعوّقات عديدة أبرزها رفض أنقرة سحب قواتها غير الشرعية من سوريا،
بالإضافة إلى عدم وفائها بتعهّدات عديدة سابقة تقضي بفتح طريق حلب –
اللاذقية (M4).
على الصعيد السياسي، بدت لافتة موجة التضامن في الأوساط
العربية مع دمشق، والإدانات العديدة للهجوم الذي تعرّضت له الكلية الحربية
في حمص، إذ دانت كلّ من لبنان وسلطنة عمان والإمارات ومصر والأردن والعراق
وتونس والجزائر ودول أخرى، الهجوم، في وقت أعلنت فيه رئاسة الجمهورية تلقّي
الرئيس السوري، بشار الأسد، برقيات تعزية من نظرائه الإيراني إبراهيم
رئيسي، والروسي فلاديمير بوتين، والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، ورئيس مجلس
النواب اللبناني، نبيه بري. كما تلقّى وزير الخارجية السوري، فيصل
المقداد، اتصال تعزية وتضامن من نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان،
فيما تلقّى وزير الدفاع السوري، العماد علي عباس، اتصالاً مماثلاً من نظيره
الروسي، سيرغي شويغو. كذلك، صدرت إدانات عديدة أخرى من الهند وفنزويلا
وعدد من الأحزاب العربية وحركات المقاومة وعلى رأسها «حزب الله» وحركة
«الجهاد الإسلامي» في فلسطين، وغيرهما. كما دانت «جامعة الدول العربية»
الهجوم، مشدّدةً على «ضرورة مواصلة جميع الجهود الهادفة إلى القضاء على
الإرهاب بكل أشكاله»، فيما لم يصدر عن السعودية أي تعليق حتى مساء أمس.
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=110&id=196540