سريعاً اكتشف أهل الضاحية أن معايير عدوان تموز 2006 للمناطق «الآمنة» لا تنطبق على عدوان أيلول 2024
في
23 أيلول الماضي، مع توسع العدوان وبدء النزوح من الجنوب، كان شعور أهل
الضاحية بأن الحرب باتت تقترب منهم سريعاً، وأن استهداف منطقتهم آتٍ لا
محالة. نزح المقتدرون سريعاً إلى بيوت كانوا قد استأجروها أو إلى أخرى
استأجروها للتوّ في ما يعدّ «مناطق آمنة». الأُسَر الأقلّ دخلاً تشاركت في
استئجار منزل أو لجأت إلى منازل أقارب وأصدقاء. وبعضهم مارس نزوحاً
داخلياً، إلى مناطق أقل عرضة للاستهداف ضمن الضاحية نفسها. غادر البقاعيون
إلى البقاع، فيما بقي سكان المناطق المهمّشة، في حيّ السلم والعمروسية
وصحراء الشويفات وغيرها، في منازلهم ظنّاً بأن ما تهمّشه الدولة يهمّشه
العدوان. هؤلاء جميعاً اكتشفوا بعد أيام قليلة أن معايير عدوان تموز 2006
لا تنطبق على عدوان أيلول 2024، وأن لا مناطق آمنة لا في الضاحية ولا في
البقاع، وبطبيعة الحال لا في الجنوب. هكذا خرج كل من بقي في الضاحية في
تغريبة كبرى لينفلشوا على مساحة الوطن، في بيروت والجبل والشمال، وصولاً
إلى وادي خالد وعكار والعريضة.
يلعب العامل الطبقي دوره في ظروف النزوح
أكثر من تدخّله في مكان النزوح نفسه، ويطرح تساؤلاً إضافياً عن إمكانية
القادرين حالياً على الصمود في أماكن إقامتهم الجديدة إذا طالت الحرب. ففي
نظام العقارات والعقاريين والمضاربين، حيث لا سقف للإيجارات، لا يجد
النازحون مكاناً يلجأون إليه ضمن قدراتهم الاقتصادية. لذلك، كان من شبه
المستحيل على معظم من التحقوا بموجة النزوح أخيراً، إيجاد أماكن يلجأون
إليها نتيجة موجة النزوح الأولى من الضاحية والجنوب والبقاع... سوى مراكز
الإيواء أو الشوارع.
بعد النزوح، سقطت اعتبارات كثيرة. أكثر من عشرين
فرداً يقيمون في منزل يتّسع أساساً لسبعة أشخاص. ليس الواقع المادي لتلك
العوائل وحده ما فرض ذلك، هي «الروابط العائلية أيضاً، والحاجة إلى أن نكون
معاً، فإن عشنا نعيش معاً، وإن استشهدنا نستشهد معاً، وإن كان علينا أن
نعاني لمدّة طويلة، فلنعانِ معاً»، تقول نازحة.
الأخبار
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=110&id=199968