أهم المهام المطلوبة من المركزي إصدار نقدي جديد
قوشجي : يُحذر من تجميد الكاش .. وتحسن الليرة سببه المضاربات ؟





تزاحم الأولويات على قائمة إصلاح الاقتصاد السوري..النقدي يتصدر وخبير يعلن خارطة إنقاذ
 
سيرياستيبس :
تتزاحم التحدّيات التي تواجه طريق النهوض بالاقتصاد السوري و تعافيه وصولاً لتحقيق التنمية المستدامة، الأمر الذي يستدعي تحديد شكل النظام الاقتصادي وبالتالي النقدي وهذا بدوره يتطلب إعادة هيكلة الأجهزة الأساسية والمؤسسات الاقتصادية، وربما أبرزها مصرف سوريا المركزي الذي يُعد بأمس الحاجة لتطوير نظام عملياته وأدواته المباشرة وغير المباشرة ليستطيع رسم سياسة نقدية كأولوية قصوى تعمل على حماية الاقتصاد السوري عبر معالجة ظاهرة التضخم، وتثبيت سعر الصرف، وإعادة الثقة بالجهاز المصرفي لدى المواطنين، بما له من دور هام في عملية تمويل الاستثمار، وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية .
ومؤخراً أصدر مصرف سوريا المركزي قرارات عدة، تبدو أنها خطوات في سبيل تحسين الاقتصاد والنمو به وتطويره، لكن يبقى ما تدور حوله التساؤلات مدى فاعلية هذه القرارات من عدمها وانعكاسها على عملية النهوض في الاقتصاد؟ وإن كانت غير فعالة ومُجدية لهذه المرحلة فما هي الوسائل البديلة لتحقيق رؤية اقتصادية واضحة تحول دون الانعكاسات السلبية، وما هي الآليات الأكثر فعالية؟
يتحدث الخبير الاقتصادي والمصرفي والمدرس في الجامعة الوطنية الخاصة، الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، عن السياسة النقدية وأهمية دورها في معالجة معدل التضخم، أو انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية، وتذبذب سعر صرفها مقابل العملات الأجنبية، قائلاً: لا بد أن نعترف بأن النظام النقدي يختلف من دولة إلى أخرى حسب النظام الاقتصادي المتبع؛ فالدول التي تعتمد الاقتصاد المخطط تختلف في نظامها النقدي عن تلك التي تتبع الاقتصاد الحر، بمعنى آخر، يجب أن يكون النظام النقدي متوافقاً تماماً مع النظام الاقتصادي السائد، وأن ينسجم مع تطلعاته وأهدافه.
إعادة هيكلة
أما فيما يتعلق بوضع الاقتصاد السوري، لم تكن هناك صورة واضحة للنظام الاقتصادي في عهد النظام البائد، حسب الدكتور قوشجي، فلم يكن اشتراكياً بالكامل، ولا ليبرالياً، ولا حتى مختلطاً، بل يمكن وصفه بأنه نظام ريعي احتكاري عشوائي، ما أدى إلى غياب رؤية اقتصادية واضحة وانعكس سلباً على أداء المصرف المركزي، الذي كان يعاني من ضعف هيكلي وعدم قدرة على إدارة النقود بشكل فعال، ونتيجة لذلك أصبح الجهاز المصرفي ثانوياً في عملية تمويل الاستثمار، ما أعاق تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية في البلاد.
في ظل هذا الوضع، يرى الخبير الاقتصادي أن المهمة الأولى هي إعادة هيكلة مصرف سوريا المركزي، بحيث يصبح قادراً على إدارة النقود بشكل فعال من خلال سياسة نقدية تعالج ظاهرة التضخم، وتعمل على تثبيت سعر الصرف، وإعادة الثقة بالجهاز المصرفي لدى المواطنين، وهذا من شأنه أن يشجع عودة الكتلة النقدية بجميع العملات إلى الجهاز المصرفي، ما يساعد في ضبط إدارتها لخدمة القطاع الاقتصادي والقطاع العائلي في آنٍ واحد.
مشكلات الاقتصاد السوري
ويشير الدكتور قوشجي إلى أن إحدى المشكلات التي تواجه الاقتصاد السوري حالياً هي تجميد الليرات السورية، ما أدى إلى انكماش اقتصادي وارتفاع التعامل النقدي خارج المصارف، وعلى الرغم من أن هذا التجميد أدى إلى ارتفاع مؤقت في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار (حيث وصل إلى أقل من 10,000 ليرة سورية للدولار الواحد في الفترة بين 30 و31 كانون الثاني الفائت)، إلا أن هذا الارتفاع كان نتيجة مضاربات من قبل تجار العملة، وليس بسبب تحسن اقتصادي حقيقي، إذ قام هؤلاء التجار بشراء الليرة بأسعار منخفضة ثم بيعها بأسعار أعلى، ما أدى إلى تشويه السوق وفقدان الثقة في الجهاز المصرفي، نتيجة لذلك، انخفض سعر صرف الليرة مرة أخرى بداية الشهر الجاري أمس السبت إلى حوالي 10,500 ليرة سورية للدولار الواحد.
وفي الوقت الحاضر، من أهم المهام المطلوبة من مصرف سوريا المركزي، الإصدار النقدي الجديد بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، مع ربط هذا الإصدار باستقرار قيمة العملة (أي القوة الشرائية لليرة السورية). وتثبيت سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكي من خلال سياسات نقدية مدروسة، ثم تقديم قروض للحكومة عبر إصدار سندات أو أذونات خزينة لتمويل الإنفاق الجاري والاستثماري، مما يسهم في رفع معدل الاستثمار وخفض معدل التضخم، وفقاً للخبير.
وأضاف قوشجي: في المرحلة التالية، يجب أن يركز المصرف المركزي على إدارة الودائع وتحديد هيكل الائتمان في مختلف الاستثمارات المالية، بما يتناسب مع تحقيق معدل نمو اقتصادي مناسب، وهذا بدوره يتطلب تعزيز الشفافية والكفاءة في إدارة السياسة النقدية، وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والجهاز المصرفي.
ولتحقيق استقرار اقتصادي في سوريا، يجب أن تكون إعادة هيكلة المصرف المركزي أولوية قصوى، وذلك يتطلب سياسات نقدية فعالة تعالج التضخم، وتثبت سعر الصرف، وتعيد الثقة بالجهاز المصرفي. مما يؤدي إلى تعزيز الشفافية وتبني إصلاحات هيكلية تدعم النمو الاقتصادي المستدام، وفقاً لقوشجي.
تجميد الفوائد على الودائع الأجنبية
وفي السياق، أشار الخبير إلى قرار مصرف سوريا المركزي حول إيقاف العمل بتجديد الودائع بالقطع الأجنبي وتجميد الفوائد على الودائع الأجنبية، معيداً التأكيد على أولوية رسم سياسة نقدية تحمي الاقتصاد السوري، موضحاً أن الفائدة على الودائع الأجنبية كانت غير فعالة سابقاً ولم تكن أداة في استقطاب ودائع بالدولار الأمريكي بهدف الحصول على عوائدها، ولكن تعرض الجهاز المصرفي في سوريا إلى سلسلة قرارات أفقدت الثقة به وأصبح التعامل التجاري خارج الجهاز بالليرة السورية وبالدولار الأمريكي.
وبيّن أن القرار زاد في الضبابية لدى المصرف المركزي، مشيراً إلى أن من النتائج المتوقعة أن يشعر المودعون بعدم الرضا بسبب تجميد الفوائد، خاصة أصحاب الودائع المحتجزة من فترة طويلة، مما قد يؤدي إلى انخفاض ثقة المودعين في القطاع المصرفي، أضف إليه إن القرار لن يساعد المصارف بزيادة رصيد المكوث من العملات الأجنبية والتأخر في تجميع الاحتياطات الجديدة، وسيزيد من الضغوط المالية والاقتصادية، وصعوبة الحفاظ على استقرار العملة المحلية.
آثار سلبية
ونوّه قوشجي إلى آثار اقتصادية ومالية سلبية تتجاوز توقعات الكثيرين بالنسبة للقرار ، سواء من حيث تأثيره على ثقة العملاء في القطاع المصرفي أو تدفق العملات الأجنبية داخل الجهاز المصرفي، إذ كان لا بد من اتخاذ إجراءات بعناية والبحث عن وسائل بديلة لتعزيز الثقة بين المودعين، والعمل على تعزيز ثقة العملاء في زيادة ودائعهم بالعملات الأجنبية والليرة السورية، لتعزيز رصيد المصارف بكافة العملات بما يخدم الاقتصاد السوري في تمويل الاستثمار وإعادة الإعمار. 
الحرية



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=126&id=200922

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc