النفط عالق قرب 70 دولارا للبرميل ومخاوف متزايدة من الفائض
31/07/2025



سيرياستيبس 

النفط عالق في مستوى الـ70 دولاراً، والسوق ما زالت تحت الضغط بين مسار الاقتصاد العالمي الغامض والرسوم الجمركية، وسط توتر العلاقة الصينية – الأميركية، وعلى رغم صعود الأسعار لخام "برنت" 22 سنتاً أو ما يعادل 0.32 في المئة لتصل إلى 68.66 دولار للبرميل، فإن محللي "جيه بي مورغان" يرون أن الطلب العالمي على النفط ارتفع بمقدار 600 ألف برميل يومياً في يوليو (تموز) الجاري مقارنة بالعام الماضي.

 جاء هذا الصعود بحسب المحللين بعدما توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق تجاري (ما زال غامضاً) مع الاتحاد الأوروبي وسط أنباء عن احتمال تمديد تعليق الرسوم الجمركية مع الصين، مما هدأ المخاوف من أن تؤدي الرسوم المرتفعة المحتملة إلى تقييد النشاط الاقتصادي والتأثير في الطلب على الوقود.

وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" 22 سنتاً أو ما يعادل 0.32 في المئة لتصل إلى 68.66 دولار للبرميل، بينما صعد خام "غرب تكساس الوسيط" الأميركي 22 سنتاً أو 0.34 في المئة إلى 65.38 دولار للبرميل.

وقال المحلل لدى "آي جي ماركتس" توني سيكامور، إن الاتفاق التجاري المبدئي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واحتمال تمديد فترة تعليق الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين يدعمان الأسواق المالية العالمية وأسعار النفط.

من الرابح في اتفاق الرسوم؟
وفي وقت أبرمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقاً تجارياً إطارياً أمس الأحد يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 15 في المئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي وهي نصف النسبة التي كانت الولايات المتحدة هددت بفرضها، إلا أن هناك معارضة أوروبية له، لم تتضح معالمها بعد، خصوصاً أن الاتفاق ما زال غامضاً، والسؤال من الرابح والخاسر في الاتفاق؟ أم أن الطرفين ربحا النتائج؟

وأدى الاتفاق إلى تفادي حرب تجارية أكبر بين حليفين يمثلان ما يقارب ثلث التجارة العالمية وهو ما كان من شأنه أن يضعف الطلب على الوقود.

ومن المقرر أن يلتقي مفاوضون كبار من الولايات المتحدة والصين في ستوكهولم اليوم في مسعى إلى تمديد الهدنة التي حالت دون فرض رسوم جمركية مرتفعة وذلك قبل الموعد النهائي المقرر في الـ12 من أغسطس (آب) المقبل.

في الأسبوع الماضي استقرت أسعار النفط الجمعة عند أدنى مستوياتها في ثلاثة أسابيع، وسط تصاعد المخاوف في شأن التجارة العالمية وتوقعات بزيادة الإمدادات من فنزويلا.

وقالت مصادر في شركة النفط الوطنية الفنزويلية إن الشركة تستعد لاستئناف عملياتها في مشاريعها المشتركة بموجب شروط مشابهة للتراخيص التي صدرت خلال عهد الرئيس بايدن، وذلك بمجرد أن يعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب تفعيل التصاريح التي تسمح لشركائها بالعمل وتصدير النفط ضمن اتفاقات مبادلة.

وعلى رغم الارتفاع الطفيف في الأسعار اليوم فإن احتمال تخفيف تحالف "أوبك+" قيود الإنتاج حد من المكاسب.

ومن المقرر أن تعقد لجنة المراقبة التابعة لتحالف "أوبك+" اجتماعاً اليوم، وقال أربعة مندوبين من التحالف الأسبوع الماضي إنه من غير المرجح أن توصي اللجنة بإجراء أي تغييرات على الخطط الحالية التي تدعو ثمانية أعضاء إلى زيادة الإنتاج بمقدار 548 ألف برميل يومياً في أغسطس، في حين قال مصدر آخر إنه من السابق لأوانه الجزم بذلك.

ويحرص تحالف "أوبك+" على استعادة حصته في السوق في وقت يساعد فيه ارتفاع الطلب الموسمي في الصيف على استيعاب الكميات الإضافية من الخام.

 ما المفارقة في النفط؟
في التحليل يتعامل متداولو النفط مع مفارقة ملحوظة، فبينما تتزايد التحذيرات من تراجع محتمل في السوق خلال النصف الثاني من العام الحالي وحتى عام 2026، تواصل الأسعار صمودها، مستقرة قرب مستوى 70 دولاراً للبرميل، وعلى رغم الأجواء الحذرة في التوقعات، فإن السوق لا تزال تظهر مؤشرات إلى التماسك، مما يعكس توازناً هشاً بين المخاوف المستقبلية والدعم الحالي للأسعار.

وحذرت شركة "توتال إنرجي" الفرنسية الأسبوع الماضي من أن السوق تواجه فائضاً في الإمدادات مع بدء مجموعة "أوبك+" في التراجع عن قيود الإنتاج، وذلك في وقت تؤثر فيه وتيرة النمو العالمي البطيئة في الطلب.

من جانبها أعلنت شركة "إكوينور" النرويجية أن حقل "يوهان كاستبرغ" الجديد يعمل بكامل طاقته الإنتاجية، في حين تستعد لإطلاق مشروع نفطي بحري في البرازيل، مما يعد تذكيراً بالإمدادات الإضافية القادمة من خارج تحالف "أوبك+".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفعت كل من وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية تقديراتهما للفائض المتوقع عام 2026، إذ توقعتا أن يتجاوز المعروض النفطي الطلب بأكبر هامش منذ جائحة كورونا، ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية فإن الفائض قد يصل إلى مليوني برميل يومياً.


الفائض الذي يدفع الأسعار إلى الانخفاض سيساعد في كبح التضخم، وسيؤثر سلباً في المنتجين ذوي الكلفة العالية، ومن المرجح أن يرضي الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي طالب بانخفاض الأسعار منذ توليه منصبه.

وهذا يشكل تناقضاً واضحاً مع الوضع الحالي، إذ تظل المخزونات في مراكز التخزين الرئيسة منخفضة، وهو ما يعكس هيكل سوق متفائل يشير إلى ضيق في الإمدادات، علاوة على أن الأرباح الناتجة من تحويل النفط الخام إلى وقود تتجاوز بكثير المعدلات الموسمية المعتادة، مما يدعم الطلب على النفط الخام.

وقال رئيس أبحاث السلع والمشتقات في "بنك أوف أميركا"، فرانسيسكو بلانش، في مقابلة مع "بلومبيرغ"، "أحد العوامل التي دعمت أسعار النفط كان القوة الموسمية لشهور الصيف". وأضاف "في النصف الثاني من العام، من المتوقع أن يكون الفائض قريباً من 200 مليون برميل"، مما سيضغط في نهاية المطاف على الأسعار.

وبينما ركزت غالب مراجعة الوكالة الدولية للطاقة لتوقعات العام المقبل على زيادة الإنتاج من قبل منظمة "أوبك" وحلفائها، الذين سيجتمعون لمناقشة مستويات الإنتاج في أوائل أغسطس المقبل، كانت هناك أيضاً عوامل أقل وضوحاً تؤدي دوراً، فالتوقعات لإمدادات الوقود الحيوي، الذي ينافس النفط التقليدي، أعلى بنحو 200 ألف برميل يومياً مقارنة بما كانت عليه قبل شهرين وفقاً لتقديرات الوكالة.

ما مؤشرات الطلب القوي؟
ترى الحكومة الأميركية الآن أن الإمدادات العالمية من النفط ترتفع بنحو 2.1 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من هذا العام مقارنة بالربع الأول، وهو أكبر ارتفاع تسجله منذ فبراير (شباط) الماضي. في حين تشكل توقعات هاتين الهيئتين عنصراً مهماً في تقييمات المتداولين لكيفية تطور السوق، ومع ذلك لا تزال هناك مؤشرات إلى طلب قوي في الوقت الحالي.

وقالت مجموعة "فيتول"، إحدى أبرز شركات تجارة النفط، الأسبوع الماضي إن الطلب على وقود الطائرات يشهد ارتفاعاً مستمراً، مع وصول أعداد الرحلات الجوية إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، علاوة على أن أرقام الطلب الأسبوعية على النفط في الولايات المتحدة تعد الأعلى هذا العام، وجرى تعديل هذه البيانات للأعلى في القراءات الشهرية النهائية لأربع من آخر خمس فترات متاحة.

وعلى رغم أن الحرب التجارية العالمية تثير مخاوف في شأن استهلاك النفط، فإن التوقعات التاريخية تشير إلى أن تقديرات الطلب غالباً ما تعدل للأعلى، مما يوحي بأن الفائض المتوقع حالياً قد يتقلص.

منذ عام 2012 وحتى 2024 انتهى الأمر بتوقعات وكالة الطاقة الدولية للطلب إلى أن تكون في المتوسط أعلى بنحو 500 ألف برميل يومياً مقارنة بالتقديرات الأولية، مع توفر مزيد من البيانات. وهذا لا يشمل عام 2020، الذي شهد تحولاً كبيراً في أنماط الاستهلاك بسبب الجائحة العالمية.

مع ذلك بمجرد تراجع قوة الصيف، من المرجح أن يظهر فائض عالمي في السوق، وفقاً لتصريحات رئيسة استراتيجية السلع العالمية في شركة "جيه بي مورغان تشيس"، ناتاشا كانيفا.

وقالت كانيفا في مقابلة تلفزيونية مع "بلومبيرغ" "الإمدادات في تزايد مستمر، وفي مرحلة ما سيبدأ تراكم المخزونات بالظهور في المخزونات الظاهرة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مثل الولايات المتحدة. وحتى الآن، لم يجرِ تسعير هذا الأمر في السوق".

اجتماع "أوبك+" المقبل ماذا يحمل؟
إلى ذلك ذكرت ثلاثة مصادر في "أوبك+" الأسبوع الماضي أن الدول الثماني ستعقد اجتماعاً منفصلاً في الثالث من أغسطس المقبل، ومن المرجح أن تتفق على زيادة أخرى قدرها 548 ألف برميل يومياً في سبتمبر (أيلول) المقبل، وهو ما يتفق مع ما ذكرته "رويترز" في وقت سابق من الشهر الجاري.

وسيعني ذلك أنه بحلول سبتمبر ستكون "أوبك+" تخلصت من آخر شريحة تخفيضات للإنتاج والبالغة 2.2 مليون برميل يومياً، وستكون الإمارات حققت زيادة في حصتها بمقدار 300 ألف برميل يومياً قبل الموعد المحدد.

وظلت أسعار النفط مدعومة على رغم زيادات "أوبك+"، وذلك بفضل الطلب الصيفي وحقيقة أن بعض الأعضاء لم يرفعوا الإنتاج بالقدر الذي دعت إليه الزيادات في الحصص الرئيسة.

اندبندنت عربية 



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=136&id=202484

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc