سيرياستيبس :
في خطوة تعكس حجم التحول الجاري في المشهدين السياسي والاقتصادي في سورية، شهد قصر الشعب في دمشق توقيع 12 اتفاقية استثمارية بين الحكومة السورية ووفد رسمي قطري، بحضور رئيس الجمهورية أحمد الشرع، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توماس براك، إلى جانب وفود رسمية من قطر وتركيا، في مؤشر على انفتاح إقليمي متسارع تجاه دمشق بعد أكثر من عقد من العزلة.
شملت الاتفاقيات الموقعة مشاريع استراتيجية، أبرزها إنشاء مطار دولي جديد في دمشق، بكلفة تُقدّر بـ4 مليارات دولار، إلى جانب مشروع مترو دمشق، الذي أُعيد إحياؤه بعد أكثر من عقد من التجميد، بتمويل يبلغ ملياري دولار. كذلك تضمنت الاتفاقيات تطوير أبراج دمشق (ملياري دولار)، وأبراج البرامكة (500 مليون دولار)، بالإضافة إلى مول تجاري في منطقة البرامكة بقيمة 60 مليون دولار.
وكُشف خلال الفعالية عن مشروع ضخم في ريف دمشق يتضمن تشييد 60 برجاً سكنياً بمواصفات عالمية، بالشراكة بين شركة "إيفاكو" القطرية ووزارة الإسكان والتعمير السورية. ويُعد هذا المشروع الأكبر من نوعه منذ بداية الحرب، ويهدف إلى معالجة أزمة السكن وتوسيع النطاق العمراني للعاصمة.
و قال مدير الهيئة العامة للاستثمار، طلال الهلالي، إن القيمة الإجمالية للمشاريع الموقعة مع الجانب القطري تُقدّر بحوالى 14 مليار دولار، مشيرًا إلى أنها ستوفر فرص عمل واسعة، وتفتح الباب أمام منصات استثمارية جديدة داخل السوق السورية. وأضاف الهلالي: "نحن منفتحون على شراكات حقيقية تقوم على التكامل الاقتصادي والتوزيع العادل للفرص، بعيدًا عن الخصخصة الفوضوية التي أضرت بمؤسسات الدولة في مراحل سابقة".
وامتدت خريطة المشاريع إلى محافظات عدة، منها "بوليفارد حمص" في قلب المدينة، ومشروع "تاج حلب" السكني، ومجمع سكني في حي وادي الجوز بمحافظة حماة، إضافة إلى تطوير منتجع سياحي في منطقة مارينا بطرطوس، في إطار تنشيط قطاع السياحة الساحلية.
من جانبه، قال عمر الهيل، ممثل السفارة القطرية في دمشق، لـ"العربي الجديد": "ننظر إلى الاتفاقيات الأخيرة بين دولة قطر والجمهورية العربية السورية على أنها خطوة محورية في مسار إعادة بناء الثقة وتعزيز الشراكة بين بلدينا، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتنموية. مشروع المطار، الذي من المتوقع أن يستوعب 31 مليون مسافر سنوياً ويوفّر أكثر من 90 ألف فرصة عمل، ليس مجرد بنية تحتية حديثة، بل منصة لإعادة ربط سورية بالعالم وتفعيل دورها المحوري في المنطقة. نحن في قطر نؤمن بأن الاستثمار في البنية التحتية السورية سيساهم في تسريع وتيرة التعافي، ويفتح آفاقاً واسعة أمام التعاون المستقبلي على أسس من الاحترام والمصلحة المشتركة".
فيما قال الدكتور محمد سكاف، معاون محافظ حماة، لـ"العربي الجديد": "المشروع الذي جرى توقيعه يعتبر الأول من نوعه في محافظة حماة من حيث الحجم والطموح، بقيمة استثمارية تُقدّر بنحو ربع مليار دولار أميركي. وهو يهدف بالدرجة الأولى إلى تأمين مساكن للشباب، في ظل الغلاء الفاحش للعقارات، ويمثل استجابة عملية للحاجة الملحة إلى حلول سكنية واقعية. لكن الأهم أن المشروع سيساهم بشكل مباشر في ضخ ما يقارب 283 مليون دولار من القطع الأجنبي داخل محافظة حماة، ما سيُحدث حركة اقتصادية حيوية تساهم في النهوض بالمدينة من جديد. كما نتوقع أن يوفر فرص عمل واسعة للشباب، سواء في مراحل الإنشاء أو في القطاعات المرتبطة به لاحقاً، ما يعزز من استقرار الأهالي ويعيد الأمل لشريحة واسعة من المجتمع".
يحمل هذا الانفتاح الاقتصادي دلالات سياسية لافتة، خصوصًا في ظل استمرار العقوبات الغربية على دمشق، وتعقيدات إدخال الأموال الأجنبية عبر النظام المالي العالمي. مع ذلك، فإن حضور المبعوث الأميركي توماس براك إلى جانب رئيس الجمهورية ووفود من قطر وتركيا، عُدّ مؤشرًا على تغير جزئي في قواعد الاشتباك السياسي مع النظام، أو على الأقل رغبة بعض الأطراف في إعادة فتح قنوات اقتصادية موازية.
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=202539