لاتنمية بلا انتاج ..
القطاع الصناعي يستغيث... معامل النسيج تُغلق أبوابها




سيرياستيبس :

تحولت أزمة الصناعات النسيجية والألبسة إلى أزمة وجودية، تهدد بانهيار القطاع بالكامل، متجاوزة التحديات التشغيلية التي تحدث عنها الصناعيون كثيراً.

وتُعد استقالة أعضاء المكتب التنفيذي لغرفة صناعة حلب في 21 أيلول، بسبب التهميش وعدم الاستجابة لمطالب مجلس الإدارة، مؤشراً على حجم الانهيار الذي آلت إليه الأوضاع، والشرخ ما بين الصناعيين والدولة. فيما أنذر الصناعي نزيه شموط في حديث لجريدة الوطن بأننا على أعتاب خسارة مورد استراتيجي يشكل مصدر رزق لآلاف العائلات، بعد أن دفعت الأوضاع بعدد من معامل النسيج والألبسة إلى إغلاق أبوابها والتوقف عن العمل.

مكمن الداء

يشهد القطاع مجموعة مترابطة من المشكلات الهيكلية؛ فسنوات الحرب وغياب الدعم الحكومي أضعفت القطاع ولم يعد قادراً على المنافسة لا على مستوى الجودة ولا على مستوى السعر، ما يعني أنه فقد حصته في السوق، وأدى ذلك إلى تراجع الاستثمار، وفقدان الوظائف، وتقلص القاعدة الإنتاجية.

أما «الانفتاح الاقتصادي» الذي وصفه شموط بأنه «تهريب مشرعَن» يشير إلى تحول الإطار القانوني نفسه إلى أداة لتقويض الصناعة المحلية لصالح السلع المستوردة أو المهربة، وهو ما يحكم بالفشل على أي محاولة للإنتاج المحلي، ويضع المعامل في موقف لا يمكنها فيه المنافسة.

ورغم الحديث المتكرر منذ أشهر عن الاستثمارات في قطاع الطاقة وتحسن واقع الكهرباء، إلا أن المصانع والمعامل لا تزال تشهد ضعفاً في تأمين الكهرباء والطاقة بشكل مستمر، ما يؤدي إلى توقف خطوط الإنتاج بشكل متكرر، وارتفاع تكاليف التشغيل إلى مستويات غير محتملة.

مطالب مشروعة بلا جواب

في هذا السياق، برزت مجموعة أخرى من الإجراءات التي طالب بها الصناعيون، ومنها رفع الرسوم الجمركية، وفسح المجال أمام المنتج المحلي للمنافسة. ومنع دخول الألبسة المستوردة والمدعومة التي أغرقت الأسواق، حيث تباع بأسعار زهيدة، وتدخل البلاد بلا رقابة.

فيما يهدف البعض الآخر من المطالب إلى إنقاذ القطاع من الانهيار الكامل وتوفير الحد الأدنى من المقومات للحفاظ على استمراريته، أهمها مطلب الدعم المباشر، والذي لم يعد ترفاً، بل أشبه بعملية «إنعاش» ضرورية بهدف حماية ركيزتين أساسيتين هما العمال والآلات.

مؤشرات ودلالات أوسع

تمثل غرفة صناعة حلب حلقة الوصل بين هذا القطاع الحيوي والمسؤولين في الحكومة، وحين تصل الأمور إلى حد الاستقالة الجماعية، فهذا مؤشر على أن صوت الصناعيين لم يجد آذاناً مصغية بعد أكثر من 8 أشهر. فيما يحمل هذا الفعل رمزية كبيرة، ويعكس إحساساً عميقاً بالإهمال والتهميش، ويبيّن أن السياسات المتبعة قد بلغت ذروتها في تهميش القطاع الصناعي والإنتاج المحلي لصالح تدفق المستوردات.

وأبرز الدلالات تتجلى في البعد الاجتماعي للأزمة. فإفلاس بعض المعامل وبيع آلاتها، لا يعني خسارة اقتصادية فقط، بل جيشاً جديداً من العاطلين عن العمل، ومزيداً من الأسر من دون مصدر رزق. يضاف إلى ذلك، تآكل الخبرات المتراكمة على مر السنين، والتي تشكل رأس مال بشري لا يقدر بثمن.

لا تنمية بلا صناعة

ليست أزمة القطاع الصناعي أزمة طارئة، فهي نتيجة تراكم سنوات من انهيار البنى التحتية، والسياسات الفاشلة، التي أضعفت الإنتاج المحلي، لكن التخلي عنها أو الاستمرار في السياسات نفسها هو أشبه بإعلان موت.

ولا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية من دون وضع خطة شاملة لإنقاذ الصناعة ودعمها، حيث المطلوب تطبيق إجراءات فعّالة لمكافحة التهريب ووضع ضوابط للاستيراد، وتوفير دعم استراتيجي للطاقة، وتخفيض الجمارك على الآلات والمواد الخام، ووضع استراتيجية طويلة المدى لإعادة تأهيل الصناعة ودعم التحديث التكنولوجي، والتخصص في منتجات ذات قيمة مضافة عالية يمكنها المنافسة. وإلا فإن مصير القطاع الصناعي، وبالأخص النسيج والألبسة، هو الزوال التدريجي، مما سيكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية وخيمة على البلاد.

قاسيون



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=203162

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc