سيرياستيبس
وافق تحالف "أوبك+" اليوم الأحد على زيادة إضافية في إنتاج النفط بمقدار 137 ألف برميل يومياً بدءاً من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بحسب بيان صادر من منظمة "أوبك".
وجاء القرار عقب الاجتماع الذي عقد افتراضياً وضم كلاً من السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عمان.
يشكل القرار استمرار عملية إعادة ضخ شريحة جديدة من الإمدادات بإجمال 1.65 مليون برميل يومياً، كان من المقرر أن تبقى سارية حتى نهاية العام المقبل، والتي بدأها في أكتوبر (تشرين الأول) بإعادة 137 ألف برميل يومياً إلى السوق.
وأوضحت الدول الثماني في اجتماعها الذي عقد اليوم الأحد أن كميات الخفض البالغة 1.65 مليون برميل يومياً قد تعاد جزئياً أو كاملة بصورة تدريجية بحسب متغيرات السوق.
أنهى التحالف في أغسطس (آب) الماضي عملياً شريحة خفض طوعية التزمت بها ثماني دول منذ عام 2023 بمقدار 2.2 مليون برميل نفط يومياً، عبر زيادته الإنتاج حينها بواقع 547 ألف برميل يومياً.
ويواصل "أوبك+" سلسلة إعادة الإمدادات المتوقفة إلى الأسواق، مستهدفاً استعادة حصته السوقية بعد سنوات من خفض المعروض.
نهج حذر ومرونة كاملة
أكدت الدول مجدداً أهمية تبني نهج حذر والاحتفاظ بالمرونة الكاملة لإيقاف التخلص من خفوض الإنتاج الطوعية الإضافية أو عكس اتجاهها، بما في ذلك التخلص من خفوض الإنتاج الطوعية السابقة البالغة 2.2 مليون برميل يومياً، التي أعلنت في نوفمبر 2023.
وأشارت الدول الثماني إلى أن هذا الإجراء سيوفر فرصة للدول المشاركة لتسريع تعويضاتها، وأكدت عزمها تعويض كامل كميات الإنتاج الزائدة منذ يناير (كانون الثاني) 2024.
زيادة ضئيلة
أكد المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي أن تلك الزيادة كانت مطلباً روسياً سابقاً، معتبراً أن تأثير القرار على الأسعار لن يكون كبيراً، مرجحاً أن تشهد الأسعار تراجعاً تدريجاً في ظل تشبع الأسواق بالإنتاج، ومشيراً إلى أن تلك الزيادة الأخيرة من الإنتاج، والتي أقرها التحالف تثير علامات استفهام في كيفية حسابها.
ستعقد الدول الثماني اجتماعات شهرية لمتابعة تطورات السوق ومستوى الالتزام وتنفيذ خطط التعويض على أن يعقد الاجتماع المقبل في الثاني من نوفمبر المقبل.
64 مليون برميل يومياً
كان الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص ذكر في تصريحات مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي خلال كلمته في فعاليات "منتدى بغداد الدولي للطاقة 2025" أن التوقعات تشير إلى أن إنتاج تحالف "أوبك+" من النفط بقيادة أعضاء المنظمة سيرتفع من 49 مليون برميل يومياً إلى نحو 64 مليون برميل يومياً بحلول عام 2050.
وأشار الغيص إلى أن زيادة الإنتاج ستكون من أجل استقرار أسواق النفط وأن الطلب على النفط سيزداد خلال الفترة المقبلة، منوهاً بأن "التخلي عن النفط والغاز يفتقر إلى الواقعية، فالنفط هو الشريان العالمي وعصب الإمداد الغذائي"، ومبيناً أن "تقديرات "أوبك" تشير إلى أن الطلب على النفط سيزداد".
137 ألف برميل
إذا استمر "أوبك+" في إعادة إنتاج بنحو 137 ألف برميل شهرياً فسيكون في طريقه لإعادة ضخ كامل الإنتاج البالغ 1.66 مليون برميل خلال عام واحد، ومع ذلك فمن المرجح أن يكون الحجم الفعلي أقل مما هو أعلن، إذ تواجه بعض الدول الأعضاء في "أوبك+" ضغوطاً لتعويض فائض الإمدادات السابق والتخلي عن حصتها من زيادات الإنتاج، بينما يفتقر كثير من الدول إلى قدرات إضافية، ومن شأن هذه الخطوة فرض ضغوط على الدول الأعضاء التي تعتمد على ارتفاع الأسعار، وبخاصة تلك التي لا تستطيع ضخ الزيادات.
وبالنسبة إلى أسواق النفط العالمية على المدى الطويل فستعمل خطوة "أوبك+" على تراجع شبكة أمان طويلة الأمد من الإنتاج الخامل الذي يمكن استعادته لتخفيف صدمات العرض غير المتوقعة.
خسائر أسبوعية حادة
كانت أسعار "خام برنت" أغلقت أول من أمس الجمعة متراجعة بـ0.66 في المئة لتصل إلى 64.53 دولار للبرميل لتسجل أكبر خسارة أسبوعية منذ أواخر يونيو (حزيران) بسبب توقعات إقرار تحالف "أوبك+" زيادة أخرى في الإمدادات اعتباراً من نوفمبر المقبل.
وتراجعت أسعار النفط الخام 12 في المئة منذ بداية العام الحالي تحت ضغط زيادة المعروض من دول "أوبك+" وغيرها، إضافة إلى تأثير الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الطلب.
خفض الأسعار
سترسخ الزيادة الأحدث تحولاً جذرياً من "منظمة أوبك" وشركائها، إذ فاجأ التكتل أسواق النفط خلال الأشهر الأخيرة بإعادة 2.2 مليون برميل من الإنتاج المتوقف قبل عام كامل من الموعد المقرر لذلك في محاولة لاستعادة حصته السوقية على رغم التوقعات الواسعة بفائض وشيك، ومع ذلك أثبتت السوق عموماً مرونة مفاجئة في مواجهة التحول في استراتيجية التحالف، وهو ما منح السعودية وحلفاءها ثقة إضافية لإعادة مزيد من الخام إلى السوق.
هناك بعض العوامل الإيجابية التي قد تدعم ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر المقبلة، فحاجات التدفئة في الشتاء تعزز الطلب على نحو دوري، علاوة على أن احتمال خفض الفائدة قد يدعم أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك الخام والديزل، وفق "بلومبيرغ".
دلالة مزدوجة
يرى المتخصص في شؤون النفط والطاقة، عامر الشوبكي، أن قرار "أوبك+" يحمل دلالة مزدوجة، إذ إنه استجابة تدرجية وحذرة لضغوط تخفيف الأسعار بخاصة من الولايات المتحدة، ومحاولة لاستعادة الحصة السوقية المهددة أمام النفط الصخري الأميركي.
وأشار إلى أن القرار يعكس سياسة "التدرج الحذر" التي تهدف إلى تحقيق التوازن دون المساس بتماسك التحالف، موضحاً أن الزيادة، على رغم تواضعها، ستضيف فائضاً إلى الأسواق تزامناً مع زيادة المعروض العراقي وتوقع تباطؤ الطلب العالمي خصوصاً من الصين واستمرار السحب من المخزونات الأميركية.
وأضاف أن التأثير سيكون محدوداً على المدى القريب، لكنه سيؤدي إلى ضغوط نزولية كبيرة على الأسعار على المدى المتوسط، مؤكداً أن الزيادة ليست بداية لاتجاه تصاعدي، بل التوقعات كلها نحو التراجع السعري.
ولفت الشوبكي إلى أن القرار يعكس تماسكاً معقولاً داخل "أوبك+" ونهجاً لتجنب الصدمات المفاجئة للسوق، عبر اتخاذ قرارات محسوبة بدفعات صغيرة لقياس رد الفعل.
وتوقع أن تفتتح الأسواق بتراجع طفيف ومحدود لأن المتعاملين كانوا يتوقعون الخطوة مسبقاً، مع ترجيح أن تظل الأسعار على المدى القصير تحت ضغط نزولي طفيف بسبب ضعف الطلب وتنامي المعروض، ما لم تحدث تطورات جيوسياسية مفاجئة، ورجح أن يكون القرار بمثابة اختبار تمهيدي لقرارات أكبر، أبرزها التخلي الكامل عن الخفوض الطوعية في 2026.
اندبندنت عربية