الشلل الحكومي يهدد بدخول فرنسا السنة الجديدة من دون موازنة
12/10/2025
سيرياستيبس
في ظل غياب حكومة فرنسية فاعلة إثر استقالة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو الإثنين الماضي أصبح التزام الموعد النهائي للمراجعة البرلمانية لمشروع موازنة عام 2026 مستبعداً للغاية.
وتلوح في الأفق سيناريوهات عدة لإقرار موازنة باريس، إذ كان من المفترض أن يعرض مشروع موازنة 2026 على الجمعية الوطنية (البرلمان)، الثلاثاء الماضي، حتى تبدأ لجنة المالية دراسته بعد بضعة أيام.
وإذا لم تقر الموازنة، فقد يؤدي ذلك إلى أزمة اقتصادية كبرى، ففرنسا متأخرة بالفعل عن شركائها في منطقة اليورو.
وبعد استقالة لوكورنو، ستواجه الموازنة المقبلة صعوبة في إقرارها في الموعد المحدد، إذ كان من المفترض عرضها على مجلس الوزراء الأربعاء، لكن لم يعقد أي اجتماع للمجلس، ولم يعد هناك وزراء يتمتعون بكامل الأهلية لذلك.
وفي 13 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، كان من المقرر أن تبدأ مناقشة مدتها 70 يوماً في البرلمان، بهدف التوصل إلى تصويت في ديسمبر (كانون الأول) المقبل ونشر الموازنة في الجريدة الرسمية في موعد أقصاه 31 ديسمبر، مما يعني أن الموازنة قد أعدت بالفعل، لكنها استلهمت في الغالب من موازنة فرانسوا بايرو الذي أسقطت حكومته قبل شهر من قبل البرلمان، وبمعنى آخر إنها موازنة لن تمر في البرلمان، فلدى جميع الكتل النيابية، من التجمع الوطني إلى اليسار موازنات مضادة، ولكن لا توجد موازنة واحدة تحظى بإجماع، لذا ما لم يحل البرلمان وتشكل حكومة غالبية، فلن تكون أية موازنة قابلة للتطبيق.
الحلول الاستثنائية
ومن الحلول المتوقعة تطبيق ما يطلق عليه "القانون الخاص" (12/12) الذي يعتمد موازنة عام 2025 ويقسمها إلى 12 جزءاً، على أن يصوّت عليها شهرياً.
وهذا النظام يسمح بدفع أجور الموظفين الحكوميين ونفقات الحكومة والحفاظ على سير العمل الإداري، وزيادة الضرائب وهو تصريف الأعمال، لكنها
موازنة لا تواكب التضخم الذي يبلغ 1.5 في المئة،
لذلك فهي تقتصد وتحقق توفيراً آلياً يقدر بنحو 10 مليارات يورو (11.6 مليار دولار)، وتجمد ضريبة الدخل بمقتضى ذلك، مما يعني أن بعض الأشخاص سيصبحون دافعي ضرائب إذا زادت أجورهم.
والعام الماضي كانت فرنسا تتحدث عن 620 ألف أسرة جديدة من دافعي الضرائب، وتواكب هذه الطريقة المزايا الاجتماعية مثل معاشات التقاعد والحد الأدنى للأجور والتضخم، فهي منصوص عليها في القانون ولا تحتاج إلى إعادة التصويت عليها سنوياً.
من جانبه حذر رئيس ديوان المحاسبة في فرنسا (عمومي) بيير موسكوفيتشي في سبتمبر (أيلول) الماضي، قائلاً "إذا لم تعتمد الموازنة بنهاية العام، فسيتم اللجوء إلى إجراءات أخرى وهي التراتيب التي استخدمناها العام الماضي"، ومضيفاً أن "هذا أمر غير مرغوب فيه على الإطلاق، فالأسواق تراقب التصويت على الموازنة بدقة، وتنظر إلى فرنسا، متسائلة عن موقفنا، وكل هذا يحدث تحت أنظار الاتحاد الأوروبي".
هبوط مؤشر بورصة باريس
ومن المتوقع أن يكون لهذا النهج آثار كارثية في صورة فرنسا، ومن المرجح أن تخفض وكالتا "موديز" و"ستاندرد أند بورز" تصنيف البلاد الائتماني في نهاية الشهر الجاري.
وارتفعت أسعار الفائدة على الديون الإثنين الماضي بمجرد استقالة رئيس الوزراء، ودفعت هذه الأخبار سعر السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات إلى الارتفاع ليصل إلى 3.61 في المئة، مما يعني أن كل يورو مقترض سيكلف سداده أكثر.
وكرد فعل فوري من الأسواق المالية، انخفض مؤشر "كاك 40" في بورصة باريس بصورة حادة أكثر من 2 في المئة الإثنين الماضي.
ويشعر المستثمرون بالقلق إزاء تأثير الأزمة السياسية في السياسات الاقتصادية والمالية، وقال المحلل الاقتصادي مارسيل يو "ستكون للمهزلة السياسية الحالية عواقب وخيمة على الفرنسيين خلال الأشهر المقبلة، إذ ستبطئ البنوك منح قروض الرهن العقاري لأنها لا تريد أن تبقى عالقة بقروض ذات فائدة ثابتة لمدة 25 عاماً، وسيستمر الشعب في الادخار، إذ بلغ معدل الادخار لدينا مستوى قياسياً عند 19 في المئة، مما يعني انخفاض الاستهلاك وتراجع النمو وحالات إفلاس". وتوقع "69 ألف حالة إفلاس للمؤسسات هذا العام، وهو رقم قياسي محزن وتتخلف فرنسا عن شركائها الآخرين في منطقة اليورو، ولا سيما إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، لذا، فإن غياب الموازنة سيكون بمثابة الطفل غير الشرعي لحكومة ماكرون، ومن المرجح أن يستغرق التعافي المالي أعواماً".
وتفاقم الأزمة السياسية الفرنسية حال عدم اليقين الاقتصادي والسوقي، مع وجود أخطار على النمو والامتثال لقواعد الاقتراض الأوروبية، وتراجع اليورو الإثنين الماضي، متأثراً بالاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو.
وقالت مديرة الأبحاث في "إكس تي بي" كاثلين بروكس "صدمت السوق بسرعة فشل المحاولة الأخيرة لتشكيل الحكومة"، مضيفة أن "الخطر يكمن في أن يجد ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي نفسه من دون قيادة سياسية، إذ أدى هذا الإعلان إلى هبوط حاد في قيمة اليورو، بعد أن خسر ما يقارب 0.80 في المئة مقابل الدولار.
من جهته تساءل المحلل الاقتصادي أنطوان أدرياني "لا تزال المشكلة الرئيسة قائمة، فكيف يمكن إقرار موازنة في برلمان منقسم؟، والتي ستتضمن خفوضاً في الموازنة غير مرغوب فيها، إضافة إلى زيادات ضريبية لخفض العجز. إن المستثمرين يخشون تأثير الدومينو في السياسة الاقتصادية والموازنة".
اندبندنت عربية
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=203254