5 بنوك إيرانية كبرى على حافة الانهيار
26/10/2025





سيرياستيبس : 

في وقت أعلن فيه البنك المركزي الإيراني رسمياً سحب ترخيص بنك "آينده" وبدء عملية نقل ودائعه والتزاماته التي تبلغ 250 ألف مليار تومان (5.95 مليار دولار) إلى البنك الوطني "ملي"، كشفت تقارير جديدة عن اختلالات مالية خطرة في خمسة مصارف إيرانية كبرى أخرى، وهي بنوك "سبه" و"سرمايه" و"دي" و"إيران زمين" ومؤسسة "ملل".

ووفقاً للبيانات الرسمية بلغت ديون بنك "آينده" للبنك المركزي الإيراني رقماً غير مسبوق وصل إلى 500 ألف مليار تومان (11.9 مليار دولار)، فيما تراجعت نسبة كفاية رأس ماله إلى ناقص 600 في المئة، مما يعني فعلياً إفلاسه الكامل.

وأوضح نائب رئيس قسم الرقابة في البنك المركزي فرشاد محمد بور أن "اختلالات بنك (آينده) كانت غير قابلة للإصلاح، وأوجدت صورة مضللة وخطرة على النظام المصرفي بأكمله".

وبحسب معايير "بازل" الدولية، التي تعد المرجع العالمي لتقييم سلامة البنوك، يجب ألا تقل نسبة كفاية رأس المال عن ثمانية في المئة لضمان قدرة المصرف على مواجهة الأخطار والصدمات المالية، لكن آخر البيانات تشير إلى أن نسبة كفاية رأس المال في بنك "آينده" بلغت ناقص 350 في المئة، أي إن البنك لم يكن يمتلك أي غطاء مالي فعلي، بل اعتمد على ودائع وقروض الآخرين، وقد انتقلت جميع التزاماته الآن إلى البنك الوطني (ملي).

18 بنكاً في وضع مالي هش
لا تقتصر هذه الأزمة على بنك "آينده" وحده، إذ تظهر بيانات البنك المركزي أن من أصل 29 بنكاً عاملاً في إيران، هناك ما لا يقل عن 18 بنكاً تقل نسبة كفاية رأس ماله عن الحد الأدنى المطلوب (ثمانية في المئة)، مما يجعلها في وضع مالي هش.

بينما هناك ثمانية بنوك أخرى تسجل نسباً سلبية خطرة تنذر بالانهيار، ومن بينها بنك "سبه" (-23.2 في المئة) وبنك "إيران زمين" (-21 في المئة) وبنك "دي" (-53.5 في المئة) وبنك "سرمايه" (-328 في المئة) وبنك "آينده" (-360.52 في المئة).

ويحذر محللون من أن انهيار بنك "سبه"، الذي يقدر عدد عملائه بأكثر من 42 مليون شخص، أو أي من البنوك المشابهة، قد يؤدي إلى أزمة مالية واسعة في إيران، فضعف كفاية رأس المال يعني تراجع قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها تجاه المودعين، ومع استمرار هذا الخلل المالي، يلوح خطر ضياع جزء كبير من مدخرات الإيرانيين، في ظل التعتيم الذي تمارسه السلطات على حقيقة الوضع المالي والمصرفي في البلاد.

وفي كثير من دول العالم قد يؤدي انهيار بنك متوسط الحجم إلى زعزعة الأسواق المالية، لكن في إيران يحدث في الوقت الراهن انهيار متزامن لمصارف كبرى عدة، من دون وجود رقابة فعالة أو احتياطات كافية تضمن ودائع ملايين المودعين.

 ولا يمكن فصل الأزمة الحالية في النظام المصرفي الإيراني عن السياسات الاقتصادية العامة للنظام الإيراني، فمنذ مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة في 2010 ولا سيما بعد تصعيد البرامج النووية والعسكرية بقيادة المرشد علي خامنئي، واجه الاقتصاد الإيراني موجات متتالية من العقوبات الدولية الواسعة.

وقد أدى تفعيل "آلية الزناد" في الـ18 من أكتوبر(تشرين الأول) الجاري إلى بلوغ العقوبات ذروتها، مما زاد من صعوبة وصول البنوك الإيرانية إلى الموارد المالية الأجنبية والاستثمارات الدولية والأسواق العالمية.

هذه العقوبات المصرفية جمدت الأصول الخارجية وأجبرت إيران على اللجوء إلى قنوات صرف غير رسمية مرتفعة الكلفة، الأمر الذي دفع البنوك إلى تمويل نفسها عبر طباعة النقود والاقتراض المفرط من البنك المركزي، وهو ما أدى إلى تفاقم معدلات التضخم واختلال موازنات البنوك وتراجع حاد في ثقة المواطنين بالنظام المصرفي.

وتظهر الإحصاءات أن 10 بنوك إيرانية فقط تمتلك نسبة كفاية رأس مال تتجاوز ثمانية في المئة، وهي في الغالب مصارف صغيرة محدودة النشاط، مثل البنك المشترك "الإيراني الفنزويلي" وبنك "خاورميانه" وبنك "تنمية الصادرات الإيرانية"، التي على رغم تمتعها بأوضاع مالية أفضل، فلا تؤدي سوى دور هامشي في المنظومة المصرفية الإيرانية.

وفي المقابل، تعمل البنوك الكبرى ذات القاعدة الواسعة من العملاء، سواء الحكومية منها مثل "سبه" و"الوطني"، أو الخاصة مثل "تجارت" و"صادرات"، بنسب كفاية رأس مال من دون المعايير المطلوبة، بل وسلبية في بعض الحالات.

وهذا يعني أن الهيكل الأساس للنظام المصرفي الإيراني، خلافاً للمظاهر الرسمية، يعاني تآكلاً داخلياً وعجزاً حقيقياً، ولا يبقى قائماً إلا بفعل القرارات الإلزامية والتدخلات المكلفة للبنك المركزي.

أزمة اجتماعية وسياسية
إن إفلاس البنوك أو دمجها قسراً في بلد يضم أكثر من 80 في المئة من السكان كمودعين، لا يمثل مجرد أزمة مالية، بل أزمة اجتماعية وسياسية أيضاً.

فمن جهة، يتهدد خطر فقدان ملايين الإيرانيين مدخراتهم، ومن جهة أخرى، قد يؤدي انهيار الثقة بالنظام الاقتصادي بأكمله إلى تسارع هرب رؤوس الأموال وارتفاع حاد في سعر الصرف وتفاقم التضخم إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي ظل العقوبات الشديدة وعجز الموازنة العامة تبدو حكومة الرئيس مسعود بزشكيان والبنك المركزي عاجزين حتى عن الوفاء بالتزامات صندوق ضمان الودائع في حال وقوع إفلاس واسع النطاق، وهو ما دفع كثيراً من المتخصصين إلى التحذير من تكرار تجربة انهيار المؤسسات المالية في العقد الماضي، ولكن على نطاق أوسع بكثير.

هذا وعلى رغم أن المؤشرات المالية تكشف بوضوح عن عمق الأزمة التي يمر بها النظام المصرفي، تواصل السلطات الإيرانية محاولاتها لإخفاء حجم الكارثة، فلا البيانات المالية للبنوك تنشر بشفافية، ولا توجد آليات واضحة لإدارة الأخطار البنكية بصورة منظمة.

وفي مثل هذا الواقع الهش يمكن لأي قرار مفاجئ كحل بنك "آينده" أن يطلق موجة جديدة من انعدام الثقة والذعر بين المواطنين.

اندبندنت فارسية



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=126&id=203412

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc