الوزير اكتشف الحل... زيدوا الأقساط على الملتزمين! حين تتحول المعالجة إلى إعادة إنتاج للفشل
13/11/2025



 

سيرياستيبس :

في مشهد يختصر العبث الإداري على الطريقة السورية، خرج وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس مصطفى عبد الرزاق من اجتماعه مع المؤسسة العامة للإسكان بتاريخ 31 تشرين الأول 2025 بتوجيهٍ «منطقي جداً» في قاموس المسؤولين:

المشاريع متعثّرة؟ بسيطة... فلنرفع الأقساط على المواطنين!


فمما تمخض عن الاجتماع ما يلي: «وقد وجّه الوزير بوضع خطة زمنية ومالية لإنهاء المشاريع المتعثرة الموروثة من زمن النظام البائد مترافقة مع خطة تمويل موضوعية وواضحة ومتوازنة بتعديل قيمة الأقساط الشهرية لتلائم التكلفة الحقيقية لأعمال البناء لتمكين المؤسسة من تنفيذ التزاماتها تجاه المواطنين المكتتبين والمخصصين لديها مع وضع برامج مراقبة صارمة لتنفيذ المشاريع وفق البرامج الزمنية».
هكذا بكل بساطة، يُحمَّل المكتتبون ثمن ما لم يرتكبوه، ويُكافأ التقصير الإداري بزيادة الأعباء على من وثقوا بالمؤسسة ودفعوا قرشهم فوق القرش أملاً بمفتاح شقة لم تأتِ منذ سنين طويلة!


الخطأ في مكان... والعقوبة في مكان آخر!


المشاريع المتعثرة ليست سرّاً، والجميع يعرف من المسؤول عنها: إدارات فاشلة، مقاولات متوقفة، تمويل غائب، وفساد متجذر.
لكن بدلاً من محاسبة المتسببين أو معالجة الخلل من جذوره، قرر الوزير أن ينقل العدوى إلى المواطنين.
وكأن المواطن هو من تأخر في التنفيذ! وكأن المكتتب هو من سرق التمويل!
من المؤسف أن وزارة يفترض بها أن تخفف عن الناس، تختار الطريق الأسهل دائماً: أن تمد يدها إلى جيوبهم.


من النظام البائد... إلى العقلية البائدة


المضحك المبكي أن الوزير نفسه انتقد في الاجتماع «مشاريع النظام البائد المتعثّرة»، ثم استل من الجعبة ذاتها الحل البائد نفسه: تحميل الضحية مسؤولية الجريمة.
الفرق الوحيد أن الخطاب تغيّر والنتيجة واحدة- المواطن يدفع.
هل يُعقل أن من التزم طوال سنوات بالدفع، رغم الحرب والتضخم، يصبح اليوم المتهم بالتقصير؟
هل هذه «معالجة»، أم اعتراف رسمي بالفشل، يُغلف بورقة مالية قديمة جديدة اسمها «تعديل الأقساط»؟


العدالة بالمقلوب... الإصلاح على ظهر المواطن


يُقال إن الهدف من رفع الأقساط هو «تحقيق التوازن المالي للمؤسسة».
لكن أي توازن هذا الذي يُبنى على اختلال العدالة؟
التضخم أكل مدخرات الناس، والمشاريع تجمدت، والدولة تأخرت عن التنفيذ عشرات السنوات... ثم يأتي القرار ليقول ببساطة: ندرك أنكم التزمتم، لكننا بحاجة إلى مزيد من أموالكم!
هذا ليس إصلاحاً، بل إدماناً رسمياً على تحميل المواطن وزر الفشل المؤسسي.


الاستثمار في المعاناة


تتحدث المؤسسة عن «فرص استثمارية» لدعم برامج الإسكان.
جميل، لكن يبدو أن أول استثمار حقيقي هو في معاناة المكتتبين أنفسهم.
فالوزارة لا تستثمر في مشاريع جديدة بقدر ما تستثمر في صبر الناس وقدرتهم على الاحتمال.
مشروع الإسكان الاجتماعي تحوّل إلى مشروع تمويل حكومي من جيب المواطن، عنوانه العريض: ادفع أكثر... لتحصل لاحقاً على لا شيء!
النتيجة: الضحية تدفع والفشل يُعاد تغليفه.
كل ما تغيّر هو اللغة. أما السياسة فهي ذاتها منذ عقود: الخطأ فوق، والفاتورة تحت.
من يدفع ثمن سنوات التأخير؟ من يعوّض المواطن عن قيمة أقساطه التي ذابت كالثلج في تضخم الأسعار؟
لا أحد طبعاً، سوى المواطن نفسه.


من يدفع ثمن الوقت؟


يا معالي الوزير، العدالة لا تكون بإعادة إنتاج الظلم.
والمعالجة لا تكون بنقل العبء من كتف الدولة إلى ظهر المواطن.
المكتتب لم يطلب سوى بيته، لا دروسٍ في «التمويل المتوازن» ولا محاضرات في «الكلفة الحقيقية للبناء».
فإن كانت الوزارة عاجزة عن الإعمار، فلا أقلّ من أن تكفّ عن التربح على حساب الناس!

قاسيون



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=128&id=203598

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc