تحسن الليرة لا ينعكس على الأسعار
21/12/2025
سيرياستيبس
رغم التحسن الملحوظ في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار والعملات الأجنبية، لم يلمس المواطنون تراجعاً ملموساً في أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية في الأسواق، خلافاً للتحرك الذي يصاحب عادةً أي تراجع في قيمة العملة.
وتراجع سعر الدولار من نحو 12 ألف ليرة قبل أسبوع، إلى قرابة 11,300 ليرة حالياً.
وخلال جولة لصحيفة “الثورة السورية” على الأسواق في دمشق، تبين أن أسعار الخضر والفواكه لا تزال عند مستوياتها قبل أسبوع، إذ تُباع البطاطا المحلية في موسمها بسعر البطاطا المصرية المستوردة، فيما تحلّق أسعار الحمضيات.
وبلغ سعر كيلوغرام البرتقال 10 آلاف ليرة وسطياً، والليمون 20 ألف ليرة، واليوسفي 14 ألف ليرة.
ولم تنخفض أسعار الرمان بدورها، وسط اتهامات للتصدير بالمسؤولية، نظراً لكون الرمان السوري مرغوباً في دول الجوار، وقد تجاوز سعره سعر كيلوغرام الموز، الذي يُباع بأقل من 10 آلاف ليرة.
وشهدت أسعار الخضروات أيضاً ارتفاعاً، فقد بلغ سعر كيلوغرام الفليفلة 10 آلاف ليرة، والفاصولياء الخضراء 20 ألف ليرة، والكوسا والباذنجان نحو 13 ألف ليرة، والفول الأخضر 15 ألف ليرة.
أما أسعار الحشائش، فبقيت محافظة على مستوياتها المرتفعة على الرغم من أنها في موسمها، إذ لا تزال الخسة بخمسة آلاف ليرة، وربطة كل من البقدونس والجرجير بـ1500 ليرة، وربطة البصل وكذلك النعناع والفجل بـ2000 ليرة.
وتشير آراء المواطنين إلى استمرار ارتفاع الأسعار، إذ أكدت السيدة هدى فارس، ربة منزل، أنها لم تلمس أي انخفاض في أسعار الخضار والفواكه رغم ما تسمعه عن انخفاض سعر الدولار، مطالبة بتشديد الرقابة على الأسواق، خاصة أن أغلب ذوي الدخل المحدود لا يملكون القدرة على مجاراة ارتفاع الأسعار.
من جهته، أكد المدرس لؤي محمود أن الأسعار لا تزال مرتفعة في قطاعات الألبسة والمستلزمات المدرسية، إضافة إلى ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء والحمراء، مشيراً إلى ضرورة تكثيف الرقابة على الأسواق لضمان وصول فوائد انخفاض سعر الدولار إلى المستهلكين.
ولفتت الدكتورة إيمان بدور إلى تفاوت الأسعار، معتبرة أن شراء كيلوغرام من الجبنة البلدية لم يعد أمراً بسيطاً في أسواق دمشق، حيث تجاوز الفارق بين المحال والأكشاك عشرة آلاف ليرة سورية، ما يضع المستهلك أمام خيار صعب بين الجودة والسعر.
وأشارت إلى أن سعر كيلوغرام الجبنة البقرية البيضاء بلغ 43 ألف ليرة، بينما تُباع على الأرصفة بـ33 ألف ليرة، وسعر كيلو جبنة الشلل والحلوم 75 ألف ليرة، واللبنة الكريمية 34 ألف ليرة، وسعر كيلوغرام الحليب ثمانية آلاف ليرة، واللبن تسعة آلاف ليرة.
وبلغ سعر كيلوغرام المسبحة 28 ألف ليرة، والفول المسلوق 16 ألف ليرة، والمتبل 34 ألف ليرة، والمخلل 20 ألف ليرة.
تكاليف الإنتاج والنقل تبتلع الفوائد
حول سبب عدم انعكاس تحسن الليرة على أسعار السلع، أوضح النائب السابق لرئيس غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، أن التحسن لا يمكن أن ينعكس فوراً على أسعار السلع في ظل عدم استقرار سعر الصرف، مشيراً إلى أن المطلوب هو استقرار سعر الصرف، وأن يمتلك مصرف سوريا المركزي القدرة على التدخل عبر قنواته النظامية لضبط السوق.
وقال الحلاق لصحيفة “الثورة السورية” إن السلع الاستهلاكية اليومية غالباً ما تُسعّر على أساس سعر الصرف الأعلى، وهو أمر طبيعي في الدول التي تشهد تقلبات حادة في سعر الصرف، إذ يضطر الموزعون والمستوردون إلى تسعير بضائعهم بسعر مرتفع لتعويض أي ارتفاع محتمل في سعر الصرف مستقبلاً، ولتغطية تكاليفهم التشغيلية.
وأكد الحلاق توفر السلع والمنتجات، لكنه رأى أن المشكلة تكمن في أن الحلقات الوسيطة لم تُخفّض أسعارها بما يواكب الانخفاض الخارجي أو الداخلي الناتج عن التنافسية، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع تكاليف النقل والتداول واللوجستيات بشكل كبير، إضافة إلى ارتفاع أعباء الحياة بشكل عام، ما يجعل الأرقام التي كانت تكفي سابقاً غير كافية اليوم.
اقرأ أيضاً: عوامل تحدد اتجاه الليرة في 2026
وأوضح أن هذا الوضع يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار، إذ لا تنعكس انخفاضات الأسعار بشكل نهائي على المستهلك، وتحتاج إلى وقت أطول لتظهر، ما لم يكن هناك وضوح شديد في موضوع سعر الصرف.
وبحسب الحلاق، فإن ثمة عوامل متعددة تقف وراء هذه الظاهرة، أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل التي تلتهم أي انخفاض في أسعار المواد الأولية.
وأشار إلى أن فواتير الهاتف والكهرباء والمحروقات ارتفعت بشكل كبير، ما أثر في جميع حلقات سلسلة التوزيع، كما أن الأزمة المرورية التي تعيشها البلاد تزيد من تكاليف النقل، إذ يضطر الموزعون لزيارة عدد أقل من منافذ البيع بتكلفة أعلى.
وأضاف الحلاق أن تكاليف تشغيل السيارات والموزعين والسائقين، إضافة إلى الالتزامات الأخرى وبعض المخالفات المرورية، تشكل أعباءً إضافية تزيد من تكلفة المنتج النهائي.
ورغم انخفاض أسعار السلع لدى المستوردين والمصنّعين وتحسن سعر الصرف، فإن هذه العوامل مجتمعة تمنع انعكاس هذه الانخفاضات بشكل واضح على المستهلك، مؤكداً ضرورة معالجة هذه التحديات لضمان وصول فوائد انخفاض سعر الدولار إلى جميع شرائح المجتمع.
ثبات الليرة والمنافسة مفتاح استقرار الأسعار
أكد الخبير الاقتصادي عصام تيزيني، لصحيفة “الثورة السورية”، أن الأسباب النفسية تلعب الدور الأكبر في تقلبات سعر صرف الدولار حالياً، أكثر من الأسباب العملية أو الإجرائية.
وأوضح تيزيني أن توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على رفع العقوبات عن سوريا يبعث رسالة اطمئنان بأن القادم سيكون أفضل للاقتصاد السوري، وأن هذا العامل النفسي هو ما أثر في سعر الصرف خلال الأسبوع الماضي، حيث شهد تقلبات بين الارتفاع والانخفاض، لكن مع التوقيع يبدو أن التحسن هو الغالب.
وعن سبب عدم انخفاض الأسعار رغم تحسن الليرة، أشار تيزيني إلى أن التاجر غالباً ما يتحفظ خشية عودة ارتفاع سعر الصرف، فإذا اشترى مادة بسعر مرتفع للدولار قبل رفع العقوبات، يتردد في خفض سعر بيعها بعد انخفاض الدولار خوفاً من الخسارة، بينما عند ارتفاع سعر الصرف يرفع التاجر السعر فوراً بدافع الطمع.
وأضاف أن هذه التقلبات لا ترتبط بالنمو الاقتصادي في سوريا أو بالعملة أو بالتصدير، بل هي عوامل نفسية بحتة تؤثر في سعر الصرف وعلى رفع الأسعار.
وشدد تيزيني على أن ثبات سعر الصرف هو السبيل الوحيد لتثبيت الأسعار، إلى جانب المنافسة بين التجار التي تساعد على تخفيض الأسعار وجعلها مناسبة للمواطن، داعياً الفريق الحكومي إلى السعي لتثبيت سعر الصرف وزيادة المنافسة لتحقيق استقرار الأسعار.
المبالغة في التحوط
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش، في حديثه لـ”الثورة السورية”، أن بمنطق المحاسبة يوج مبدأ الحيطة والحذر وفي المنطق المالي هناك مفهوم التحوط، ولهذين المفهومين تقنيات عدة لضمان تخفيف المخاطر ومواجهتها.
ويعتقد عياش أن المشكلة تتمثل في ضعف الفهم لهذين المفهومين وسوء تطبيقهما تجارياً، موضحاً أن هناك مبالغة كبيرة في التحوط ومبالغة أكبر في الحيطة والحذر.
وأضاف: “فخوف التاجر المبرر وحرصه على الحفاظ على رأسماله وتنميته يدفعه لهذا السلوك تجاه تغير أسعار الصرف”.
وبحسب عياش “يمكن تفهم هذا الجانب ومعالجته مالياً ومحاسبياً التقنيات المناسبة وبالتالي يتمكن التاجر من تحقيق المرونة اللازمة في التسعير مع هامش مخاطرة محسوب. لكن ما يعقد الموقف هو بعض حالات الاحتكار بالإضافة للجشع والطمع والانتهازية لدى البعض في استغلال الظروف لتعظيم الأرباح، وهذا يؤدي بالنتيجة لارتفاع المستوى العام للأسعار”.
ويؤكد أن “الحل العملي هو تحقيق مبدأ حرية المنافسة بمفهومه الصحيح وتفعيل دور المجتمع الأهلي من خلال منظمات حماية المستهلك بالإضافة إلى دور مديريات التموين”.
الثورة
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=128&id=204002